العدد 2357 - الثلثاء 17 فبراير 2009م الموافق 21 صفر 1430هـ

خطورة قلم

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

* يا قلم قف عن الكتابة، ولا تكتب مواضيع تمس الحياة العامة وتنصح بها الناس، ولا تقم بكتابة عبارات تمس المشاعر، وتقلب الناس رأسا على عقب، فأنت خطر على صاحبك وعلى من تكتب عندهم.

* سأكتب، لأنقل معاناة الناس، وأطرح قضايا تمس الصالح العام، والدافع هو حب الوطن وترابه، فهذه هي الوطنية التي لا تعرف الخداع.

* كيف أُقابل ربي وأنا الذي أقسمت على حفظ الأمانة، وعلى الصدق في القول والعمل، كيف أقابل ربي عندما يسألني خيانتي للوطن وللمواطنين، وخيانتي لنفسي قبل هذا كلّه؟

* أسكته بالصفقات والحوافز والعلاوات، وبالتنازلات التي ستفيدك وتفيد دخلك، وتجعلك من ألمع الأقلام الموجودة في الساحة، فأنت لست أفضل من ذاك القلم الذي كُشف عنه الستار منذ فترة، فهو استفاد من بعض الصناديق للكتابة عن هذا وذاك، حتى أصبح رصيده في المصرف الفلاني شيء وشويّات!

* وهل تظن بأني أستطيع تحمّل تأنيب ضميري، وهل تظن بأن سعادتي في المال الذي يُغدق كاللهيب فيحرقني؟

* لا أن سعادتك في جلب المشكلات لك ولمحبّيك أيها المجنون، من يستحق هذا كلّه لتجرجره في المحاكم يا أيها القلم!

* شيء لا تستطيع تذوّقه، فأنت من الأقلام المحسوبة طبعا، إن جلب المشكلات من وراء الضمير والشرف، لهو متعة ولهو زيادة شرف!

* إنني لم أُتعب صاحبي، بل قلبت موازينه، وجعلته ينام الليل وبطنه منتفخ من شر أعماله، وأنا مرتاح أكتب عن هذا، وأمدح ذاك ولا أتطرق لمواضيع صعبة لا يأتي من ورائها إلا الغم والهم.

* إذا كنت بهذه المواصفات فابتعد عني، فإني حملت على عاتقي مهمة صعبة، ووجدت طريقي لإسعاد الآخرين، ولا أستطيع التراجع، بل سأزيد الوبال وبألا حتى وإن كانت تلك نهايتي، فأما أجف أو أنجح في مهمّتي.

* يا صاحبي اسمع كلامي، واخرج من تلك المصيبة بتنازلات تفيدك، فقد تحصل على قطعة أرض أو تُعطى لك تلك الوظيفة المرموقة في إحدى الدوائر الحكومية!

* لست لك بصاحب، فأما تقل خيرا أو لتصمت.

* ما بالك الآن يا قلم، فأنا مثلك قلم حبر ولكن خطي مع التيار، ولست ضدّه.

* ومن قال لك بأنّي ضد التيار، لقد أعطاني الله الحرية قبل أن يعطينها الإنسان، وتياري هو تيار من يحب وطنه ويخشى عليه الفتنة.

* ولكنك أحدثت الفتنة بكتاباتك!

* إنني كشفتُ لأولي الأمر إلى من يجب اقتلاعه، فهو مسبب الفتنة ومحدث الفجوة بين الراعي ورعيته.

* كلامك فاضي يا صاح، ولا أجده إلا في كتاب الجمهورية لإفلاطون!

* كلامي هذا هو كلام الشرفاء الذين لا يعرفهم أمثالك، وقلمي هذا مع وليس ضد ديني أو وطني، ورجاء فضّ الحديث الهريء الذي تتفوّه به، فأنت ستنشف مع الأيام وستحترق أوراقك، أما أنا فلقد خلّدني التاريخ بنزاهتي وشرفي وكرامتي.

* فشلت محاولاتي لاقناعك يا أخي، فكّر مرة أخرى عساك ترد عما يلج في بالك.

* فشلت محاولاتك بسبب فشل نزاهتك يا مدّعي الطهر والإيمان.

* أنا لا أستطيع إقناعك لتعدَل عن فكرك العلماني المُسمّم، فأنت من هذه الأقلام ذات...!

* أدخلت العلمانية الآن، وستدخل الطائفية وستدخل التمييز الوظيفي، وبعدها ستقول هذا القلم الملحد، فالسينفونية المعتادة من أمثالك في أسلمة السياسة لم تنته ولن تنتهي، لأنّك قلم فاضٍ وجاهل ولا تحب وطنك، بل أنت عالة وآفة عليه، أكثر مما تنخر فيه من سم حبرك.

انتهى حديث القلمين، والحر تكفيه الإشارة يا أخواني

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2357 - الثلثاء 17 فبراير 2009م الموافق 21 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً