العدد 585 - الإثنين 12 أبريل 2004م الموافق 21 صفر 1425هـ

التعليم ثم التعليم ثم التعليم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بدأت وزارة التربية مؤتمرا مهما أمس ويستمر اليوم وغدا يهدف إلى تطوير مناهج التعليم في إطار توحيد المسارات الأكاديمية. وإذا كان هناك ما سيؤثر بصورة مباشرة على حياتنا المستقبلية فهو التعليم ونوعيته ومخرجاته. طلاب المدارس الحكومية يبلغون 120 ألفا بينما يبلغ طلاب المدارس الخاصة 44 ألفا، ويخشى أن تكون المدارس الخاصة (التي تزيد كلفة بعضها على كلفة الدراسة الجامعية) سببا في فجوة كبيرة بين نوعين من الطلاب، نوع يتخرج من مدارس الحكومة ويحمل معه «نصف أمل» في الحصول على عمل مناسب أو دراسة عليا مناسبة، ونوع يتخرج من المدارس الخاصة وهو ضامن مستقبله بسبب العناية التي حصل عليها أثناء الدراسات الأولية في حياته.

تطوير التعليم هو أحد الأهداف التي رفعها وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، وهو الآن يتحرك في الاتجاه الصحيح عبر الاستماع إلى مختلف وجهات النظر قبل الشروع في تنفيذ أية خطة تطويرية. المؤتمر يستهدف مناقشة التطويرات المختلفة التي تصب في اتجاه توحيد المسارات وهو موضوع تطرق إليه الوزير كثيرا والآن يستمع إلى وجهات النظر المتخصصة قبل الشروع فيه، وهذه «سنَّة حسنة» وتعبير عن الإدارة الحسنة المعروفة عنه.

المدرسة الحديثة نشأت فكرتها في أوروبا في القرن السادس عشر وتطورت كثيرا هناك في القرن السابع عشر، وكانت إحدى أهم الفوارق بين الأوروبيين والصينيين والمسلمين. فحتى العام 1550 كانت القوتان العظميان هما الصين والإسلام (ممثلا بصورة أساسية في الدولة العثمانية آنذاك). إلا أن كلتا الحضارتين (الصينية والإسلامية) رفضتا إدخال نظام المدرسة الحديثة (كما فعلت أوروبا) وأصرتا على الاستمرار في أسلوب التعليم القديم الذي يعتمد على «حلقات» يقوم فيها أحد الأساتذة (عادة شيخ دين) بتدريس كتاب لإحدى الشخصيات، وهذا الكتاب ربما يحتوي على هوامش كتبها آخرون. ثم ان الوحيد الذي لديه كتاب في العادة هو الأستاذ لأن الكتاب غالٍ نسبيا ويحتاج إلى مهنة خاصة لاستنساخه يدويا (وهي مهنة الوراقين آنذاك). إضافة إلى ذلك فإن العلوم بدأت تتقلص عند المسلمين وتنحصر في بعض الكتب الفقهية وبعض الكتب العلمية القديمة (مثل قانون الطب لابن سينا)، بل ان اكثرية المدارس حرمت تدريس أي شيء ليست له علاقة بالفقه أو القرآن أو السيرة. ولذلك أصبحت كلمة «عالم» - في القرون الخمسة الماضية - تعني العالم بالأمور الدينية فقط.

في الوقت ذاته كانت أوروبا قد اخترعت «المطبعة» في القرن الخامس عشر ما سهل لها طباعة الكتب، ثم جاءت فكرة الكتاب المدرسي «TEXT BOOK» واحتوت المدرسة الحديثة على «منهـــج» للتـــــدريس «?CURRICULUM?». المسلمون في الدولة العثمانية فرضت عليهم فتوى حرمت المطبعة، واستمر تحريم المطبعة قرنين ونصف القرن (حتى مطلع القرن الثامن عشر) كانت هي الفترة التي ظهرت فيها أوروبا كقوة عظمى واندثرت الدولة العثمانية (ومعها جميع المسلمين) واختفت من المسرح الدولي، كما اختفت أيضا الصين وقوتها العالمية، وأصبح الاثنان (المسلمون والصينيون) تحت رحمة الغزو الأوروبي.

«المنهج التعليمي» أصبح الظاهرة الفارقة للحضارة الأوروبية التي استطاعت انتاج كم معرفي يفوق كل الحضارات الأخرى من خلال تنظيم جديد للمدرسة (والجامعة) استمر ويستمر حتى يومنا هذا. ولذلك فإن أحد أهم التحديات التي يواجهها أي بلد يود اللحاق بركب التنمية هو تحديد نوعية المدرسة والجامعة ونوعية المناهج. فالمناهج قد تعطيك «الطالبان» الأفغانية، وقد تعطيك «سنغافورة»، وما نوده هو النهج الذي جعل من بلد صغير مثل سنغافورة مجتمعا متطورا ينافس المجتمعات المتقدمة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 585 - الإثنين 12 أبريل 2004م الموافق 21 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً