العدد 589 - الجمعة 16 أبريل 2004م الموافق 25 صفر 1425هـ

ظاهرة المتاجرة بالبطاقات السكانية الـ CPR

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

كشفت نتائج الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي وشركاه في العام 2003 بخصوص مشكلة البطالة في البحرين عن وجود الكثير من الأخطاء في سوق العمل منها عدم توافر سجلات توظيف صحيحة لعدد كبير من العاملين. على سبيل المثال تشير الدراسة إلى عدم توافر سجلات صحيحة لـ 7,000 عامل بحريني. والإشارة هنا إلى ظاهرة منتشرة تعرف محليا باسم المتاجرة بالبطاقات السكانية الـ CPR للعاطلين.

تتمثل الظاهرة في قيام بعض الأفراد بتوفير مبلغ من المال يصل لحدود خمسين دينارا تدفع مرة واحدة للمواطن المستعد لتغيير بيانات البطاقة السكانية والزعم بأنه يعمل في مؤسسة ما. وبالتالي توفر هذه الخدمة فرصة للمؤسسات التجارية بأنها تلتزم بمبدأ تطبيق التوظيف المحلي وبالتالي الحصول على تراخيص من وزارة العمل والشئون الاجتماعية لجلب عمال أجانب. الغريب أن أفراد عصابة «المافيا» التي تصطاد العاطلين ينتشرون في المنطقة القريبة من مبنى السجل السكاني في شارع المعارض إذ يقصدهم بعض العاطلين لغرض تقديم خدمة تغيير بيانات البطاقة السكانية لقاء المبلغ المتعارف عليه. ويبدو أن هؤلاء لا يخشون المحاسبة من الجهات الرسمية ولا يخافون لومة لائم.

يمكن الخروج ببعض الاستنتاجات من هذه الممارسة منها على سبيل المثال أن الحجم الحقيقي للبطالة ربما يكون أكبر بكثير مما هو معتقد. أشارت دراسة ماكينزي أنه حتى العام 2002 تراوح عدد العاطلين البحرينيين بين 16,000 و20,000. بمعنى بلغت نسبة البطالة في أوساط البحرينيين القادرين أو الراغبين للعمل بين 13 في المئة و 15,7 في المئة. إلا أن الصورة تتغير بالكامل بإضافة الـ 7,000 إذ يرتفع عدد العاطلين إلى ما بين 23,000 و27,000.

ثانيا: لقد وصل بنا الحال لاستعداد بعض المواطنين للادعاء بأنهم يعملون لمؤسسات تجارية وهم على يقين بأنها ليست الحقيقة لقاء حصولهم على مبلغ زهيد من المال. أعتقد أن المسألة برمتها تعكس واقعا معيشيا مرا ألا وهو عدم قدرة الاقتصاد البحريني على توفير العدد الكافي من الوظائف.

ثالثا: قيام بعض أرباب الأعمال بالتحايل على القانون عن طريق استغلال حاجة بعض المواطنين لمبلغ ليس بكبير على مؤسسات تجارية. من وجهة نظر اقتصادية بحتة تدعو الظاهرة إلى إعادة النظر في بعض قوانين العمل المعمول بها في البحرين إذ إن الخطأ ربما يكمن في القوانين الحالية والتي وفرت الأرضية لهذه الممارسة.

رابعا: تستدعي المسألة برمتها إلى الحاجة الملحة لزرع روح المسئولية عند أكثر من طرف. فبالنسبة إلى العاطل عليه أن يعي أنه في الوقت الذي هو إنسان حر إلا أنه مسئول عن تصرفاته إذ إن القضية هنا عملية غش ونفاق لأنها تسيء إلى إحصاءات العمالة الوطنية والأهم من ذلك تنال من خطط الحكومة لتوفير وظائف جديدة في المستقبل. أما بخصوص أصحاب الأعمال المتهمين بالاشتراك في هذه المهمة فعليهم أن يعوا أنهم يمارسون العمل التجاري في فترة تاريخية يتوقع منهم تحاشي القيام بأية ممارسات غير أخلاقية.

اختصارا فإن أقل ما يمكن أن يوصف به ظاهرة المتاجرة بالبطاقات السكانية بأنها ممارسة قذرة وغير أخلاقية لما لها من استغلال حاجة البعض واستعداد البعض الآخر للتحايل على القانون لإشباع جشعهم. المطلوب من الجهات الرسمية وخصوصا وزارة العمل والشئون الاجتماعية العمل بجد لمحاربة هذه الظاهرة لأنها تهدد سلامة الاقتصاد الوطني

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 589 - الجمعة 16 أبريل 2004م الموافق 25 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً