العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ

إجماع على ضرورة إشراك الصحافيين في صوغ الميثاق

منتدى «الوسط» عن «ميثاق الشرف بين الصحف»

الوسط - سلمان عبدالحسين، خليل عبدالرسول 

23 أبريل 2004

في الوقت الذي عقد فيه رؤساء تحرير الصحف اليومية الأربع اجتماعين بشأن الإعداد لاستصدار «ميثاق شرف» لتنظيم العمل الصحافي المهني بينها، تتسابق الآراء في (عقل) القاعدة الصحافية وتختلج مشاعر الصحافيين بين خوف من فقدان المكتسبات التي حققتها الصحافة في سنوات العهد الإصلاحي الثلاث الأخيرة وبين أمل لخلق أجواء أكثر تنافسا والتزاما بالجانب المهني والحرفي بين الصحف.

بشأن «ميثاق الشرف بين الصحف» يطرح «منتدى الوسط» أسئلة عدة يجيب عليها كل من الكتّاب والصحافيين أحمد كمال «الأيام»، فوزية رشيد «أخبار الخليج»، ريم خليفة وقاسم حسين «الوسط»، فيما اعتذر عن الحضور مجموعة أخرى من الصحافيين لأسباب مختلفة.

ما رأيكم في فكرة ميثاق الشرف التي طرحها رؤساء تحرير الصحف اليومية؟

- أحمد كمال: أولا أعتقد أن ميثاق الشرف بين الصحف يجب أن يبدأ من القاعدة وليس من رؤساء التحرير، ذلك لأن رؤساء التحرير - مع احترامي لهم وقد كنت رئيسا للتحرير لمدة 17 عاما - ينطلقون من منطلقات إدارية بالدرجة الأولى بحجة الحفاظ على مستوى الصحيفة وعلى الصحافيين.

ولعل رؤساء التحرير صادقون في ذلك لأنهم الواقفون في وجه المدفع أي أمام المسئولين وخصوصا في عصرنا السابق وليس الآن بعد كل هذا التطور، فقد كانت بداياتنا تعتمد على وجود أخبار المحليات مثلا في الصفحات (2) أو (3) من الصحيفة ولم تكن في الصفحة الأولى فيما أنكم الآن بدأتم بخلاف ذلك، فهذا أمر بسيط كنا نواجهه.

إن رأيي هو أن الصحافيين الشباب الجدد والقاعدة الصحافية يمكن لها أن تنظر في الأمر ومن ثم تعدل وتنقح من قبل الصحافيين ذوي الخبرة والمخضرمين ورؤساء التحرير.


إشراك الكوادر الصحافية

- فوزية رشيد: ليست لدي معرفة دقيقة لما يعنيه «ميثاق الشرف» غير أنني أستطيع القول إنه لابد أن يكون هناك توجه للكوادر الصحافية ما يجعل الصحافة متماشية مع الظرف الداخلي والخارجي بما يحتاجه من تطوير لمواجهة التحديات الكثيرة، إذ أعتقد أن كل فترة زمنية تحتاج إلى محاولات تحديثية داخل الجسم الصحافي بما يتناسب والمواجهة الداخلية والخارجية.

وكما قال كمال فإن الشرط الذي ينبغي أن يتوافر عليه ميثاق الشرف هو أن يعم الكوادر ويأخذ برؤى المعنيين والعاملين بشكل حقيقي والخبرات الصحافية ومن ثم تكون القيادة لرؤساء تحرير الصحف الأربع المحلية لينفذوا الرؤية الداخلية المعبرة عن رؤية الكوادر الصحافية.

إن ميثاق الشرف هو تطوير للمهنة بما يستوجبه الظرف الداخلي والخارجي باعتبار الصحافة واجهة إعلامية خطيرة، لنحدد ما الروح التي تجمع بين الصحف، وما العلاقة بين الصحف والقيادات الصحافية، وما العلاقة بين الكوادر الصحافية نفسها، ومن ثم نتطرق فيما بعد إلى من يمثل ذلك... هل هو يتمثل في النقابة أو الجمعية الصحافية أو غيرها.

إن ميثاق الشرف ينبغي أن يهدف إلى تطوير الأداء الصحافي بما يتناسب وما يحدث من حولنا.

- ريم خليفة: إن ميثاق الشرف المطروح يمكن له أن يخلق نوعا من التنظيم في العمل الصحافي عندنا وخصوصا بعد مرحلة الانفتاح، إذ دخلت أقلام عدة حتى بات هناك نوع من «التخبط» وبات بعض الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالعمل الصحافي يحاولون فرض آرائهم بحجة الانفتاح والحرية.

إنني أعتقد أنه في ظل غياب نقابة للصحافيين أو جمعية نحن بحاجة إلى تنظيم مهني للصحافة، ولعل رؤساء التحرير يركزون على الجانب الإداري أكثر مما يركزون على النوعية في القيمة الخبرية، لذلك أرى ضرورة الحوار والمصارحة بين الصحف، وأبسط مثال هو لقاؤنا في «منتدى الوسط» وللأسف الشديد نجد أن الرعيل الأول من الصحافيين لم يحضر لحجج كثيرة، فإذا لم نناقش نحن هذه الأمور من سيناقشها؟ ولماذا نترك هذه اللقاءات؟ فأي طرح يخدم العمل الصحافي ينبغي على الجميع المبادرة للمشاركة فيه، وينبغي ألا يتخوف أحد من ذلك، فمن ميزات الصحافي أن يكون جريئا في طرح القضايا، فنحن نطرح قضايا الشارع ولا نستطيع طرح قضايانا في المنتديات.

إنني أعتقد أن «ميثاق الشرف» قد يكون بديلا مؤقتا للمشكلات المهنية التي تمر بنا نحن الصحافيين، وأعتقد أن الكوادر الصحافية التي جاءت مع مشروع الانفتاح هي أكثر حظا من تلك التي عاشت المراحل السابقة.


الباعث من وراء الميثاق

- قاسم حسين: أولا ينبغي أن نتساءل عن الباعث من وراء طرح قضية ميثاق الشرف، فمنذ أن صدرت صحيفة «الوسط» طرحت المسألة من بعض الجهات الرسمية، وبعض الوزراء تحدثوا بشأن الموضوع والآن من الجانب الآخر يطرحه رؤساء التحرير.

فمن وجهة نظري أرى أن سبب طرح مسألة «ميثاق الشرف» قد يتعلق بالمصالح والصراع على تغطيات الصفحة الأولى بين الصحف، فالتجديد الحاصل والتنافس بين الصحف وخصوصا في الصفحة الأولى دفع إلى تركيز بعض رؤساء التحرير على الصفحة الأولى - كما علمنا - فكان الحديث عن بعض الأخبار المحلية الحسّاسة وطالبوا ترحيلها إلى داخل الصحيفة وعدم إبرازها على الصفحة الأولى، فهي إذا مسألة تنافس على «كسب» الشارع والرأي العام، و«مادمنا لا نستطيع مجاراتكم عليكم أن تجارونا»!

- أحمد كمال: إن «ميثاق الشرف» ينبغي أن يمر بمراحل عدة أهمها أن ينطلق من الكوادر الصحافية كجمعية عامة تضع النقاط وتبلورها أكثر من مرة، وأما التنافس بين الصحف فهو ظاهرة صحية ففي النهاية سيكون البقاء للأفضل، غير أن هذا التنافس يجب أن يكون نظيفا، فلا أجعل في الصحيفة على سبيل المثال أربع صفحات أعمدة لكتّاب «يخربطون» ويكتبون دون تركيز ويضيعون وقت القارئ ويضيعون قيمة الكتاب ويأخذون مساحة من الصحيفة.

لقد مررنا بمراحل عدة كانت فيها أمور مسموح بها وأخرى ممنوعة، فهناك أمور لا يجب أن تنشر كتلك التي تشتمل على الشتم وأقول عن الديمقراطية كذا والمجلس النيابي كذا... لهذا ترى الآن النواب بدأوا شوطا لم يقدروا عليه وقد واجههم وزير المالية عبد الله سيف وهو أضعف المستجوبين وهو أكثر المهذبين والمؤدبين الذين ينتقون الكلمات لقولها، ولكن حين يأتيهم العلوي مثلا فسيتغير الأمر... إنهم يريدون أن يستفيدوا من الشارع ويبتزونه... لذلك فالكل يستطيع أن يشتم وينتقد، وأنا مثلا حين أكتب «بوش» أقول «الرئيس الأميركي بوش» فهذا التزام مع أنني «أبهدله» في الكلام!

إن هناك معايير محددة في الصحافة فبدلا من أن أقول أن الرئيس الأميركي كاذب أقول إنه أخطأ أو جانبه الصواب، فالكل يستطيع أن يشتم ويجرح ولكنك تستطيع أن تجرح من غير أن تسيل الدم.

كما أن هناك معايير للعمود الصحافي فالعمود الذي ينشر في الصفحة الأولى يختلف عن ذلك الذي ينشر في صفحة داخلية ويختلف عن عمود الصفحة الأخيرة، فأنت لديك حرية في أن تكتب رأيك في الصفحات الوسطى ولكن ليس لديك حرية أن تكتب ما تريد على الصفحة الأولى ففيها يجب أن تلتزم باتجاه وسياسة الصحيفة.


زوايا الرأي وصلتها بميثاق الشرف

بعد التحولات التي حدثت في البحرين خلال مرحلة الإصلاح، ما سبب اختيار هذا التوقيت بالذات لصوغ ميثاق شرف بين الصحف، وما الداعي إلى ذلك؟

- فوزية رشيد: وددت أولا التعليق على ما سبق، فأرى أن أهم شيء في الجسم الصحافي والصحيفة باتت زوايا الرأي، ذلك لأن الخبر أصبح مشاعا في الفضائيات وكل مكان بما يتفوق على الصحافة.

وحين فكرت في موضوع «ميثاق الشرف» وجدت العشوائية في اختيار كتّاب الصحف، وكأن الصحف من خلال وضعها للكثير من الذين انتشرت مقالاتهم بصورهم من دون أجر تريد أن تملأ الصفحات بهم بعناوين بارزة، في وقت يكون فيه بعض هؤلاء الكتّاب - من دون ذكر اسم أحد منهم - يعانون من جهل سياسي ولا يوجد عمق سياسي أو فكري أو ثقافي أو رؤية اجتماعية فيما يطرحون، ولا يوجد لهم موقف صحافي تجاه الحوادث المختلفة لما يتطلبه الرأي الصحافي من موقف تجاه القضايا الكبرى التي تحيط بالمنطقة، ففي الوقت الذي تعيش فيه المنطقة نفقا هو من أخطر المراحل نرى استهتارا في الرأي، ولعلي أسمّي ما يكتب في صحافتنا أحيانا بـ «خفة لا تحتمل» إذا ما استعرت عنوان رواية «كونديرا».

للأسف الشديد أرى أنه يتم نشر آراء وصور لكل من هب ودب وهذا يؤثر على كتّاب الرأي الحقيقيين الذين يمثلون الموقف السليم المتماشي والموقف الوطني والقومي في مواجهة ما يحدث حولنا من مخاطر، فهناك من يطرح رأيه بخلط الأوراق ويخلط الحابل بالنابل ما يؤدي إلى الخلط فيما بين الكاتب الحقيقي والكتّاب الآخرين، ولعل كاتبا يكتب لأول مرة يعطى اهتماما أكثر مما يعطى من كتبوا أكثر من عشرين عاما.

لهذا نحن بحاجة إلى ميثاق شرف للعمل الصحافي وكما قال الزميل قاسم حسين من أنه صراع على أخبار الصفحة الأولى ولكن ذلك إلى جانب ما يطرح من آراء لأجل جانب مادي تريد الصحيفة توفيره، لهذا أطلب من رؤساء التحرير أن يرحموا أعصابنا ووعينا عند اختيار كتاب الرأي.

- ريم خليفة: ربما تكون أعمدة الرأي هي الأساس في الصحيفة، وكما قلت هناك دخلاء على المهنة، فقد يكون صاحب العمود جاء ليكتب بفعل قرار سياسي، ولكننا غير مجبورين على أن نتقبل الأفكار التي يمليها علينا، أو أن يأتي شخص عادي فيريد فرض أيديولوجيات معينة لتعميمها على كل الشارع ويلغي وجهة نظر الأطراف الأخرى. عموما ألاحظ - بعد الكبت في الشارع البحريني - من المؤكد أن تأتي بعض المقالات الضعيفة والهزيلة، والكتابات في الصحف - كلا بحسب توجهه وتفكيره يعتمد على أنه هو الصح والآخرون هم الخطأ - غير أنه من المفترض في الطرح أن نرى من جميع الجوانب.

كما أن علينا أن نتقبل وجهة نظر الآخر، وما يحدث لدينا في البحرين وللأسف الشديد - مع أنني لا أتهم كل كتاب الأعمدة - هناك من دخلوا على المهنة بمحض الصدفة ويطرحون آراءهم على أنها الصح باستفزاز الطرف الآخر وحين يأتي هذا الطرف ليرد عليه يقول عنه إنه خارج عن العادات والتقاليد وهذا دليل على أننا نعيش - على رغم مرحلة الانفتاح - تطرفا في الشارع وفي الرأي وفي الطرح أحيانا، توجد ضرورة أن توجه الصحافة الشارع لا العكس، لهذا تحدثت هنا عن نبض الشارع...

- قاسم حسين: أعتقد أننا يمكن أن نتيح المجال للجميع بأن يكتبوا وفي نهاية المطاف فإن العملة الرديئة هي التي ستخرج من السوق، القارئ البحريني قارئ واعٍ يميز الاقلام الصادقة من غيرها، كما يميز الكتابة الجيدة من الرديئة. أحيانا تقرأ لكاتب معين مقالين أو ثلاثة، فإذا لم يعجبك تسقطه من حسابك.

- أحمد كمال: إذا سمحت لي، أرى أن الصحيفة يمكن أن تتعامل مع أصحاب الرأي بحسب مستوياتهم فتجعل من الصفحات الوسطى خاصة للمتمكنين فيما تخصص صفحات أخرى للمجتهدين ومع الأيام يتحوّلون إلى الصفحات الوسطى.

لقد قمت بالرد في أحد الأيام على مقال لأحد صحافيي صحيفة «الحياة» فنشر لي في صفحة بريد القراء مع أنني كنت كاتبا في صفحة الرأي بـ «الشرق الأوسط» لمدة عام ونصف تقريبا، لهذا حين ترد فالأمر مختلفا عن إذا ما كنت كاتبا أساسيا.

- فوزية رشيد: لقد أصبحنا بعد مرحلة الانفتاح نعيش تصورا خاطئا عن حرية الرأي بإفساح المجال لمن هم من دون أي تخصص ومن دون اعتماد للرأي والموقف وأهميته ليكتبوا في مجال مواز لمساحة ومستوى الكتاب الحرفيين المعروفين أنفسهم.

أن نحول الصحافة إلى منبر للوعي العمومي فهذا هو الأمر الخطير، فالوعي العمومي حين يتحكم فيك فأنت تفتح المجال لكل النواقص وكل أشكال التخلف الموجودة فيه أن تجد لها متنفسا ويجد ما أسميهم «كتاب الوعي العمومي» في مصاف الكتاب الحرفيين المعروفين بانتماءاتهم الوطنية وآرائهم، فحين تساوي بين هؤلاء وهؤلاء فأنت ترتكب ذنبين، ذنب تجعل فيه الرأي العام خاضعا لمستوى الكتابة العمومية، ومن ثم أنك تخلط ما بين الكتاب العموميين والكتاب الحرفيين فتضعف من الكتاب الحرفيين.

معروف في البلدان المتقدمة أن كاتب زاوية الرأي لا يكون كذلك إلا بعد 40 أو 50 عاما تقريبا من الكتابة، لأن كتابة زاوية الرأي مهمة ومركزة جدا.


ما بعد «أمن الدولة»

- قاسم حسين: إننا نعيش مرحلة ما بعد قانون «أمن الدولة» والناس تريد أن تتكلم بعد فترة طويلة من الكبت وقمع الآراء وتوجيه الكتابة في مسار واحد، فلندع الحرية تأخذ مداها، واذا كان للحرية بعض الآثار السلبية فعلينا ان نتحملها لأن الكبت والقمع ليس فيهما إلا الدمار. التهذيب والتوجيه والحرفية أمر مطلوب للعمل الصحافي، ولكن العملة الرديئة ستخرج من السوق في النهاية.

- أحمد كمال: في عصر التظاهرات والاعتصامات قد يرحب الناس بكاتب جديد أكثر مما يرحبون بما يكتبه كاتب ذو 50 عاما، وعلى سبيل المثال حين تناولت حدث مظاهرة السفارة الأميركية التي سقط فيها محمد جمعة قلت إن رمي مسيلات الدموع يجري في الدول المتقدمة ولكن بشكل غير خانق وكذلك فإن إطلاق الرصاص المطاطي يكون في القدم وليس في الرأس، فلم أشتم فيه أحدا غير أن وزارة الداخلية ألغت موعدا لي بسبب ذلك! فهذا هو عصر الانفتاح...

- قاسم حسين: لو سألتك هل كنت تستطيع كتابة هذا الأمر قبل سنوات؟

- أحمد كمال: طبعا لا.

من الذي يقيم كاتب الرأي؟ فالرأي الذي قد أراه متخلفا قد تراه هيئة التحرير عكس ذلك، ففي ظل الحديث عن ميثاق شرف بين الصحف هل رؤساء تحرير كل الصحف معنيون في تقييم كاتب ما؟ وهل لرئيس تحرير الصحيفة شخصيا أن يقيم الكاتب ما قد يعطي المسألة بعدا شخصيا؟ فمن الذي يقيم كاتب الرأي وما هو ارتباط المسألة تحديدا «بميثاق الشرف»؟

- فوزية رشيد: المسألة ليست معقدة، فأرى أولا فصل الكتاب المبتدئين غير الحرفيين عن كتاب الرأي المعتمدين في البلد وهم ذوو الخبرة.

ربما قانون «أمن الدولة» أبعد كتابا وأصحاب رأي لنمط معين في أفكارهم أو لأنهم في اتجاه معارض...

- فوزية رشيد: أصحاب الرأي والمكانة الفكرية والوعي السياسي الذين أبعدوا بسبب قانون «أمن الدولة» هم معروفون حتى لو لم يكتبوا من قبل، ليست هذه المشكلة فنحن نتحدث عن فصل الكتاب المعتمدين وكتاب الرأي العام الذين لا بد أن تكون لهم صفحات أخرى تشبه «بريد القراء».

كما أن رئاسة وإدارة التحرير هي التي تحدد مستوى الكاتب وما يكتبه، فمثلا أية آراء تحرض على الطائفية وضرب الوحدة الوطنية يجب ألا تنشر، فالثوابت الوطنية في كل بلد هي التي تحدد ما ينبغي أن ينشر أو لا.

- ريم خليفة: أتصور أن طرح كل من الزميلين فوزية رشيد وأحمد كمال طرح صحيح وواضح ولكن ربما لا تكون المسألة واضحة لدى الذين دخلوا للتو المجال الصحافي حديثا، أو لأن تجربة الانفتاح «السنوات الثلاث الماضية» أعطت الفرصة لكل «من هب ودب» أن يكتب في الصحافة ويعبر عن رأيه.

لذلك أعتقد أن الكتّاب الذين لهم مكانتهم ويترزقون من هذا الجانب يجب أن يكون لهم شيء خاص بهم، هذا ليس استعلاء وهو أمر موجود حتى في الصحافة البريطانية، فحين تفتح «الإندبندنت» سترى من هم كتاب الأعمدة فيها.

كما أنني أرى أن الصحف سابقا إذا كان أحد يريد أن يروج لدعاية انتخابية ما يذهب ليكتب فيها، وكذلك تصلنا مقالات لأقلام تصر على طرح معين، ولهذا أنا لا أركز على مسألة كتاب الأعمدة والرأي فقط بل أرى أنه حتى في الصوغ الخبري، فبعض الأخبار توضع فيها وجهة نظر وهذا أمر خاطئ، وهذه المسألة حصلت لدينا في البحرين، فحين يذهب الصحافي لتغطية فعالية ما تجده يكتب وجهة نظره لأنه مع هذا التوجه أو ذاك، وعلى رغم أن هيئة التحرير قد تحذف بعض الفقرات ولكن لو كان لدينا ميثاق شرف أو قانون ينظم العمل الصحافي ستكون معايير العمل واضحة لدى الجميع، فيجب على الصحافي ألا يتحيز لجهة ما في نقل الخبر أو كتابة التقرير أو التحقيق.

- أحمد كمال: ينبغي أن يكون نائب رئيس التحرير في الشئون المحلية هو الذي يرشح الأخبار المتعلقة بالصفحة الأولى ومن ثم يحق لرئيس التحرير تقييم ذلك، فهناك مقاييس عدة لذلك لا يمكن تحصيلها إلا بالخبرة والممارسة.


تأثير الشركات

- فوزية رشيد: ينبغي على رؤساء التحرير أيضا في ظل طرحهم لميثاق الشرف أن يلتفتوا إلى مسألة ألا يؤثر أخذ أموال للمساعدة أو الإعلان من شركة ما على كتابة الصحافيين عن هذه الشركة، وإلا فإنه إذا أصبحت المنطقة متعددة بتعدد الشركات سنمنع كل الصحافيين عن الكتابة عن أية شركة منها نتيجة لمصالح مالية ربما إدارية أو شخصية، وبالتالي فيضيق القائمون على الصحف الخناق على حرية الرأي.

- أحمد كمال: حين كتبت موضوعا عن إحدى الشركات في اليوم الثاني تم سحب إعلانات الشركة كافة من الصحيفة!


على هامش المنتدى

«ميثاق الشرف»... من القاعدة أو الأعلى

بين هواجس الكثير من الوزراء الذين أملوا فكرة «ميثاق الشرف» على الصحف الثلاث آنذاك، في حماس شديد تبين بعد ذلك أنه (أي ميثاق الشرف) المقترح من قبلهم باتجاه خفض سقف حرية التعبير والتدخل في آلية إدارة الصحف، وتحديدا أخبار الصفحة الأولى، والتغيرات الجذرية التي أجريت عليها بعد مجيء «الوسط» تحديدا، وبين ما تمخض عن اجتماعات رؤساء الصحف الأربع بعد انضمام صحيفة «الميثاق»، وبين ما رشح عن «منتدى الوسط» من آراء وتحليلات بون شاسع جدا.

في مقالات سابقة، تم تأكيد أن الصحافة سواء في مؤسساتها الصحافية وآليات إدارتها، يضاف إليها الجسم الصحافي المرتقب لتمثيل الصحافيين، نقابة أو جمعية الصحافيين لا ندري، كلها مازالت لعب الكبار، في ظل موروثات قانون أمن الدولة وإسقاطاته على كل التشكلات السياسية والاجتماعية والثقافية، وقبل كل ذلك الإعلامية والصحافية، في فترة كان الصحافي فيها بمثابة الموظف «البذيء» و«المنبوذ» الذي ينفذ سياسة قد يكون مقتنعا بها أو غير مقتنع بها، لكن في كل الأحوال عليه أن ينفذها.

بعد كل هذه المخلفات غير المشجعة، جاء الانفتاح ليستنقذ قسما كبيرا من الصحافيين من واقع الإملاءات الفوقية لكيلا يكون الصحافي «البذيء» و«المنبوذ» واقعا متجسدا في عهد الإصلاح. لذلك، فمن باب أولى ألا يكون «ميثاق الشرف» في سياقه المفروض مفروضا من الأعلى، لكيلا تكرر صور الصحافي أعلاه، فيزهد الجميع في الصحافة مهنة، وربما سلعة تباع وتشترى.

إنما أشار علينا به الصحافي المخضرم أحمد كمال إلى أن يكون «ميثاق الشرف» نابعا من القاعدة، وأن تشكل له لجنة مصغرة لوضعه، ثم عرضه في اجتماع يدعى له الجسم الصحافي ككل لإقراره، فكرة ألطف وأظرف وأخف على القلب، ونتمنى أن تأخذ طريقها إلى النور.

لكن، يجب الاعتراف بأن المؤسسات الصحافية غير قادرة على بلورة «ميثاق شرف» في ظل تنافر السياسات الإعلامية وتضاربها، وتضارب الكثير من التوجهات سواء في الأعمدة أو المقالات داخل الصحيفة، ويبدو أن توسيع مساحة الحرية من خلال التمرد على الواقع المتخلف وموروثاته أفضل، وخصوصا مع إصرار بعض الجهات الرسمية على توجيه الصحف بهذا الاتجاه أو ذاك، وفرض أجندتها عليها، وخنق حرية التعبير في المحطات الفاصلة، فميثاق الشرف المتحمس له من بعض الوزراء في ظل هذا التوجه سيحوي آليات ضبط مطاطة، بل أخلاقيات مطاطة أيضا، تفسر لصالح الحق والباطل.

الاعتراف الأخير بأن «ميثاق الشرف» إذا ما قدر له أن يأتي من القاعدة، فهو يحتاج إلى تضامن واسع يشبه إلى درجة كبيرة التمرد على ما هو مألوف في الوضع الصحافي داخل البحرين - وهو أمر صعب في الظروف الراهنة على الأقل - وإلا فإن «ميثاق القاعدة» لا يمكن فرضه ولا إقرار رؤساء الصحف به في ظل الفهم المختلف للكثير من المفاهيم الصحافية، ومن بينها حرية التعبير وضوابطها، والاختلاف في الرأي وضوابطه، و«ميثاق الشرف» ومتطلباته الفعلية.

الواقع أن مثل هذا التفاصيل غائبة تماما عن الجماهير التي عادة ما تنتقد الصحف، ولكنها لا تلتفت إلى الكثير من الأعراف الصحافية التي رسخت على رغم كل المعوقات. هذه الأعراف من الحساسية بحيث أنها تثور الكثير من الجهات الرسمية على الصحف، لكنها ليست ذات وزن عند الكثير من قطاعات الشعب، وهي إذا ما طورت بموازاة تطور الأداء السياسي المعارض الذي يؤسس لتطور الأداء الرسمي، ستقدم لنا صحافة نحترمها، ونؤسس فيها لاختلاف الآراء المحترم، وحرية التعبير المحترمة، وأخيرا «ميثاق شرف» محترم.

سلمان عبدالحسين

العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً