العدد 2756 - الثلثاء 23 مارس 2010م الموافق 07 ربيع الثاني 1431هـ

إنهاء العنف قضية لا تقبل التأجيل

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن ظاهرة العنف التي يتبناها البعض، هذه الظاهرة الخطيرة التي تتنافى والفطرة السليمة وطبيعة التكوين البشري كما تتنافى وروح التعاليم السماوية، ومواثيق حقوق الإنسان باعتبارها مجتمعة تؤكد بوضوح أن الأصل في الحياة وفي معاملة الإنسان مع أخيه الإنسان هو مبدأ السلم والعفو والتسامح، أما القسوة والعنف فهو الاستثناء، الذي لا يلجأ إليه إلا العاجزون عن التعبير بالوسائل الطبيعية أو المتجردون من الإنسانية.

فلا يرحم الله من لا يرحم الناس فالقاعدة العامة التي ينبغي أن يتحلى بها كل إنسان في مسألة العلاقات الاجتماعية والإنسانية هي (عامل الناس بمثل أن تحب أن يعاملوك) ومن هنا نسأل كيف لنا أن نتعامل مع من يعبث بالوطن من حرق وترويع الآمنين، والتي تضرر منها الكثير من مواطنين أو من استهدفوا لأسباب غير معلنة والشواهد على تلك الحوادث كثيرة.

نحن اليوم أمام كل هذه التحديات التي هي في جوهرها وواقعها تحد مجتمعي وأهلي ونحتاج إلى قراءة مفاهيمها بعيد عن الاتكاء على الآخر وبعيدا عن التعاطي مع الناعقين والساعين للتأزيم خاصة تلك الجمعيات المنحلة أو الرافضة تسجيل نفسها من ضمن الحراك السياسي.

لقد عانت البحرين من الغلو في التعبير عبر ما يسمى بحرية التعبير من حرق وتخريب للممتلكات العامة والخاصة وحرق الإطارات بالشوارع بغية إغلاقها، وصولا إلى ما وصلنا اليه اليوم وهو تهديد حياة الآخرين، حيث انتقل هذا العنف من مصادمات وتبرير هذا التصادم بالتعامل العنيف من قبل رجال الأمن، إلى تهديد حياة العامة.

وعلى الرغم من ذلك يبدو أن من وراء القائمين بهذه الأحداث لم يتعلموا بعد من نتائج ما أحدثته تلك الحوادث، علما بأن هناك من ينادي بحرية الفرد في التعبير وفي الوقت نفسه يتغاضى عن تلك الحوادث التي تنتهك حقوق وكرامة الإنسان في معظم أرجاء تلك القرى والمدن وأن بنسب متفاوتة.

وبرغم من انتشار قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد إلا أن التحدي الذي يتعرض له الفرد، يتلخص في قدرته على التكيف مع المستجدات والمتغيرات على ارض الواقع، بالقدر الذي يحرص على حقه في التنمية وفي الأمن والعيش الكريم. ولكن مازالت هناك معاول هدم تمنع التمازج والترابط الاجتماعي والسياسي.

هنا نقول إذا كانت حقوق الإنسان والتنمية المستديمة والديمقراطية متداخلة مع بعضها وأي تقدم في أي منها يقود إلى التقدم في الجبهتين الأخريين فإن التسامح وألا عنف ركن أساسي في كل منها. ونظرا لما يجري وجرى في الفترة السابقة حيث إنها تثير الحزن وربما الاكتئاب إذا ما رأينا هؤلاء الصبية ومن ورائهم و الذين يبررون تلك الأحداث وكأنهم يهيئون الأرضية للفلتان وفقدان جميع أركان السلم لاجتماعي، بشعارات بعيدة كل البعد عن ما يدرونه على ارض الواقع كشعار حق الإنسان أو الحق المطلق أو الخلاص أو الوفاء ولم يعلمونا الوفاء لمن.

إن مقولة استخدام العنف واعتماد القوى العنيفة كوسيلة لتحقيق الأهداف أو الاستئثار السياسي مقولة أثبتت فشلها الذريع على المدى الطويل، ولم يعد هذا العمل مقبولا. خاصة في واقع البحرين التي تعيش تجربة ديمقراطية حديثة مهدت للحراك السياسي بولادة هذه الجمعيات السياسية السليمة والمعوقة والحراك الذي نعيشه وإن لم نبلغ الكمال. لذلك يعتبر العنف مؤشرا من مؤشرات الانهيار والانزلاق الخطير الذي نشهده من خلال تلك الأحداث التي وصلت إلى النيل من المدنيين.

العنف كظاهرة فردية أو مجتمعية، هي تعبير عن خلل ما في سياق صانعها، إن على المستوى النفسي أو الأيدلوجي، حيث إن العنف بتداعياته المختلفة، وموجباته العميقة والجوهرية، سيضع حدا لظروف استثنائية وغير مستقرة، مما يعرقل الحياة الاجتماعية والسياسية والتنموية. كما أن هذه الفئة قد أنتجت لنا العقل العنيف وهو نتاج جملة من الحالات والعوامل المتداخلة والمركبة مع بعضها بعضا والتي تتسع للعوامل والشروط الذاتية، كما تتسع للعوامل والظروف الموضوعية، فطبيعة العنف هي التي تحدد إلى حد بعيد صور العنف، فإذا كانت الثقافة عنيفة يتحول الإنسان إلى أداة للأذى بكل صنوفه وأشكاله وهذا ما تعمل على إنتاجه هذه الفئة، أما إذا كانت الثقافة تحتضن مفاهيم الرفق والعفو والتسامح، يتحقق السلم الأهلي والتوازن الاجتماعي في المجتمع.

لذلك نقول غن الهدف المنشود من هذا الطرح هو قيم الإنسان الأصيلة، بمعنى الحضور الشامل للقيم الإنسانية التي تحتضن في جوهرها إنجازات الدولة، حيث تختصر ثمرات جهود من سبقونا بصراعاتها ونجاحاتها وإخفاقاتها، وتقدم من ثم خبرة للفرد والمجتمع من أجل المستقبل. لذلك نحن بحاجة إلى إزالة الموجبات المبررة لذلك العنف أو المحركة له التي تدفع الإنسان إلى تبني خيارات عنيفة في علاقته بالدولة والمواطنين والمقيمين على حد سواء، وكي لا يصل هؤلاء إلى ضرب القيم والمفاهيم وتستبيح الفوضى والعبثية فيما يصبح المواطن مهددا في نفسه وعرضه وماله، لأهواء أناس تعتقد بالحرق والترويع وهدم ما تم إنجازه لتحقيق مكاسب سياسية.

لكل ذلك نحن بحاجة لحماية أطفالنا بحوار يعزز مفهوم الأمن الأهلي في الوطن الواحد فهل لنا بهذا الحوار؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2756 - الثلثاء 23 مارس 2010م الموافق 07 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 7:26 ص

      الكبير كبير كلام كبير وانا بارد على الردود لو ممكن

      شكرا بوخالد مع الاسف ان الجماعه يردون من غير وعي ومن غير قرائه سليمه للموضوع ياجماعه احنا كلنا نتفق بان التجنيس في غير صالحنا كمواطنين ولكن ليس بالمعنى الهمجي ياناس فهمو انتو تدعون ان البحرين ملكا لكم واغتصبت منكم فكيف تفعلون في وطنكم هكذا سمحو لي باتكلم بالعاميه علشان تفهمون مايصير جذي انتو مب كفو على العناد في طرق وقنوات وسبل يعني طرق افضل الحكومه ماراح تخضع لتخريبكم ولا لهمجيتكم اللي قاعد يصير مأساه حقيقيه جوفو روحكم شلون انتو مفشلينه عيب والله والقهر ان المثقفين يكتبون هلون شخليتو حق الجهله

    • زائر 8 | 7:23 ص

      سلمان ناصر

      كلام جميل من انسان اجمل ولكنننننننننننن
      ماهو البديل بنظرك؟ ان الحوار مع مجموعة مسيرة ومغيبة ولها مطالب (شرعية)؟ لا تنظر الى حجم الفعل قبل ان تعرف السبب

    • زائر 7 | 4:20 ص

      كلام عين العقل لكن هناك سؤال مالبديل؟؟وهل كانت هذة الاشياء موجود ايام الميثاق؟؟اين الحوار الجاد؟

      كلامك عين العقل وكل يفكر بنفس المنطق لكن تاتي اشياء في العقل وتغير مجرى الكلام ويد له مبررات هو زيادة التكييز والطائفية والتجنيس وسرقة الاراضي اي الفساد بكل انواعه ولا يوجد حوار جاد ولا تقدم في اي شي في مصلحة الشعب دائما نكون من السيء الى الاسواء ماذا تريد من شباب مراهقين كماتسمونهم عندنا يرون الاجنبي متنعم بالاسكان والجنسية والعلاج ويكون مفضل عليه ماذا تريد منهم غير الاحباط احباط وردة فعل والان للاسف الشديد ان الاكثرية من العاطلين جامعيين نريد اجابه هل يوجد حوار هل هناك تقدم في اي خدمات ؟؟

    • زائر 6 | 4:18 ص

      احلى ما قرأت اليوم

      انصح المواطنيين الاصليين الغيورين على بلدهم والمحبين لتراب ارضهم البحرين ان يقرأو هذه السطور والمعاني الجميلة للكاتب سلمان ناصر ولكن المشكلة يابوداوود هي الجيل الصغير والذي سيكبر وستكبر معاه هذه الافكار هل يمكن ان يتخلص منها صدقني حتى انحلت كل المشاكل التي يعاني منها الشعب ستبقى هذه النعره بداخله وسيعود اليها تحت اي سبب ظناً منه انه مناضل ولا يستطيع العيش بدونها والله يستر.

    • زائر 5 | 2:18 ص

      روافد المشروع الإصلاحي

      الشكر موصول للاخ بو خالد على حسن الطرح و قرأءة ما بين السطور و لكن سيدى العزيز عندما أصدار جلالة المليك حفظه الله مشروعه الإصلاحي لبناء المواطن الصالح و ليس الفاسد فخرج علينا أبواق فاسدة

    • زائر 4 | 1:41 ص

      وايد عجبتني يا بوناصر

      عجبني وااااايد هذا التعبير: ((للقيم الإنسانية التي تحتضن في جوهرها إنجازات الدولة))، هذه القيم التي أدت إلى سرقة 65 كيولمتر مكعب. وهذي اهم منجزات الدولة الديمغراطية العريقة.اقول اقعد عوي وتكلم عدل.

    • زائر 3 | 1:12 ص

      خرابيش

      انهاء العنف قضيه لا تقبل التأجيل فهل الاستمار في الاستيطان والتجنيس قضيه لا تقبل التأجيل ايضا ؟!! نحن الذين وقنا على الميثاق وسلمنا صاحب الجلاله والجرح لما يندمل، ووقعنى على الميثاق . فهل جزائنا هو الاستيطان ، والتجنيس وأعطائهم راواتب مايحلم بها المدرس ولا المهندس

    • زائر 2 | 12:50 ص

      أسئلة وجيهة

      هل ينطبق العنف على القنبلة الصوتية التي القتي على السفارة البريطانية؟ هل يدخل ذلك في باب العنف والارهاب أم المقاومة الشعبية ضد المحتل؟ ومذا عن الذي حرض وحشد الألولف المؤلفة أمام السفارة البريطانية والقى فيهم خطبة عرمرمية وطالب بطرد السفير، وبالتالي خرج واحد من المتظاهرين المراهقين وقذف السفارة بالقنبلة الصوتية المدمرة؟

    • زائر 1 | 12:48 ص

      وينك عن سرقة الاراضي

      الناس في وين وانت في وين؟ من زمان خلص موضوع العنف، والناس كلها تتكلم عن سرقة الاراضي العامة. لا تظل في زمان أول، عاد اصحى وتكلم عن الحاضر وليس الماضي.

اقرأ ايضاً