العدد 2759 - الجمعة 26 مارس 2010م الموافق 10 ربيع الثاني 1431هـ

لا توجد تكنولوجية سحرية لمعالجة شح المياه (2)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

نحن بحاجة إلى تعزيز آليات التعاون الإقليمي لإدارة مصادر المياه التي تتخطى الحدود الوطنية (تجري في أكثر من دولة). فنحن الآن ننظر عادة في الخرائط ونرى وحدات سياسية. لكننا كي نواجه التحدي الذي يفرضه الأمن المائي نحتاج إلى البدء في النظر إلى الماء بمفهوم الحدود المائية الطبيعية كمستجمعات الماء وأحواض الأنهر والمياه الجوفية. فهناك في العالم أكثر من 260 حوضا نهريا تتدفق في أراضي دول عديدة. ولذا ليس بمقدورنا أن نعالج المشاكل المائية لهذه البلدان بمعزل عن بعضها البعض. إذ علينا أن ننظر إلى كل مستجمع مائي أو مياه جوفية إقليمية كفرصة تتيح المجال أمام تعاون دولي أوثق.

ودبلوماسية الماء الإقليمية ستعود بفوائد سياسية واقتصادية كبيرة إذا ما تم تطبيقها على الوجه الصحيح. فحوض نهر النيل، على سبيل المثال، موطن لنحو 180 مليون نسمة منتشرين في بلدان شرق إفريقيا. ويعيش كثير من هذه البلدان غارقا في دوامة الفقر، وخاضت سبعة منها مؤخرا تجربة الصراع. إلا أن الخبراء يقدرون أن الإدارة التعاونية لأحواض مصادر المياه يمكن أن تزيد النمو الاقتصادي - تزيده بشكل كاف لانتشال هذه الدول من وهدة الفقر وإيجاد الأساس لاستقرار إقليمي أفضل.

كما أننا نتطلع إلى الإفادة من منتديات إقليمية مثل مجلس الوزراء الأفارقة حول المياه ومركز التميز الخاص بالمياه في الشرق الأوسط والمقرر إنشاؤه قريبا. ونرجو أن تعمل هذه البرامج كمراكز لارتباط دول محلية مع بعضها البعض، وكذلك مع جامعات ومختبرات وفرق أبحاث في العالم قاطبة تتشاطر اهتمامات بقضايا المياه.

طبعا في الوقت الحاضر سبقتنا جميعا الجمعية الجغرافية القومية بإصدارها هذا العدد الخاص والرائع عن موضوع المياه بعنوان «عالمنا الظمآن». ومن إحدى الخرائط المفيدة لهذه الجمعية التي كنت أستخدمها على الدوام في صفوف الدراسة هي «عالم من الأنهار» وفيها ترسيم لكل نظام أنهار في العالم مما ينفح حياة في ما نقترحه.

ثانيا، علينا أن نحدث نقلة في مساعينا الدبلوماسية ونحتاج لتنسيقها بصورة أفضل في الوقت الذي تتعاطى أكثر من 24 وكالة للأمم المتحدة وغيرها من هيئات غير حكومية بمسائل المياه. كما أن بنوك تنمية متعددة الجنسيات، بما فيها البنك الدولي، وغيرها من مؤسسات مالية دولية، اكتسبت خبرات معمقة بالعمل على حل مشاكل المياه وتحدياتها. لكن ما تقوم به هذه الهيئات من مهام كثيرا ما عانى من انعدام التنسيق وعدم إيلاء اهتمام لها على مستوى رفيع. مثلا البيان المشترك لزعماء مجموعة الثماني - إفريقيا حول المياه في آخر قمة لمجموعة الثماني بآكيلا، إيطاليا، وجه رسالة مفادها أن قضايا المياه تمثل أولوية للمجموعة الدولية. ونحن تعهدنا بمتابعة هذه القضية من خلال التوكيد على قضايا المياه داخل منظمات ما بين حكومية ومؤسسات مالية دولية وغيرها من هيئات إقليمية وعالمية.

وقضية المياه هي اختبار للدبلوماسية الوقائية. فمن منطلق تاريخي كان الكثير من التحديات العالمية طويلة الأجل، ومن بينها المياه، عرضة للإهمال طوال سنوات حتى اشتدت خطورتها إلى حد لم يعد يتسنى إغفالها بعد الآن.

وإذا تمكنا من حشد العالم كي يعالج قضية المياه في الوقت الراهن سيكون بمقدورنا أن نتخذ إجراء تصحيحيا في وقت مبكر وأن نتجاوز التحديات التي تنتظرنا. وبعملنا هذا سنتمكن من تأسيس سابقة إيجابية لعمل مبكر في معالجة مسائل خطيرة أخرى هي مدعى قلق عالمي.

أما العنصر الثالث في استراتيجيتنا الخاصة بالمياه فيشمل حشد الدعم المالي.

إن تدبير قضايا المياه يتطلب موارد مالية وفي بعض الحالات ستكون الولايات المتحدة قادرة على توفير مساعدات. وقد شاهدنا كيف يكون لمنح وهبات صغيرة نسبيا أبعد الأثر على أمن المياه. فقبل 10 سنوات في الإكوادور، أطلقت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مساعدات فنية على مدى عدة سنوات لدعم تأسيس صندوق أمانات مائي لحماية مستجمع مياه العاصمة كيتو مستقبلا.

واليوم وبفضل العمل الذي يقوم به شركاء كثيرون زادت مبالغ هذا الصندوق إلى 6 ملايين دولار وهو يوفر 800 ألف دولار سنويا لجهود الصيانة. وفيما يتعلق بالشعب الأميركي وشعب الإكوادور فإن هذا يمثل عائدا مدهشا لاستثماراتنا. كما أن هناك هبات أميركية أخرى تستهدف بمنافعها دعم مشاريع صحية وأخرى للصرف الصحي أو تحسين نوعية المياه وتعتمد على معدات صغيرة النطاق مثل تكنولوجيات تنظيف وتنقية المياه المنزلية. علاوة على ذلك، نقوم باستثمارات بالغة الأهمية في برامج تعمل على الترويج للسلوك الذي يسهم في توفير الصحة النظيفة والصرف الصحي الحميد.

وفي بعض الحالات، نقوم بتوفير مساعدات لمشاريع أكبر للبنى التحتية.

في الأردن مثلا، ساعدت وكالة التنمية في بناء معمل لتحلية المياه ومنشأة لمعالجة مياه الفضلات ومنظومات لتزويد الماء وأخرى للصرف الصحي تلبي احتياجات أكثر من مليوني مواطن. كما أننا ندعم مشاريع مماثلة على نطاق كبير في عدد من البلدان التي تتلقى مساعدات من خلال مؤسسة التحدي الألفية.

ومن برامج المياه المدعومة من قبل هذه المؤسسة برامج لتحسين منظومات الري وإعادة بناء بنى تحتية حيوية وزيادة وصول البشر إلى المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي. وعموما، استثمرت مؤسسة التحدي الألفية 1.3 مليار دولار حتى هذا التاريخ في برامج مياه تديرها حكومات بمفردها. لكن في الوقت الحالي لن نتمكن من توفير هذا النوع من الدعم في كل مكان. ورجاؤنا أن تبعث هذه المشاريع رسالة إلى الحكومات في الدول النامية مفادها أنه إذا تبنت سياسات سليمة وإصلاحات جدية فإن الولايات المتحدة ستساعدها في تنفيذ حلول مستدامة لمشاكل المياه تعود بالمنفعة على شعوبها. كما أن نجاح حكومة ما في تزويد إمدادات مياه وخدمات صرف صحي هو مؤشر أساسي لتصميمها على تأمين خدمات حيوية أخرى.

وتعمل الولايات المتحدة على تعزيز أسواق الرساميل وتعزيز الائتمانات والاقتراض لهدف حشد الموارد المالية داخل البلدان النامية. وفي حالات كثيرة سيتوفر ما يكفي من رؤوس الأموال في البلدان النامية لتمويل مشاريع مياه. لكن هذه المبالغ تظل قابعة في المؤسسات المالية بدون توظيف عوضا عن تسخيرها للخير العام. وقد ابتكرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وسائل خلاقة لتدبير الأخطار التي ترافق الاستثمار في البنى التحتية للمياه والصرف الصحي. ونتيجة لذلك، أفلحنا في اجتذاب رساميل محلية للمساعدة في حل مشاكل مياه. وفي بعض الحالات سخرنا المبالغ الأميركية في نسب 1 إلى 2.

كما أننا معنيون جدا في منظمات لا تتوخى الربح مثل منظمة «أكيومن» وسواها التي تساعد في إنشاء نماذج ربحية في الهند وغيرها من بلدان وهي نماذج أثبتت نجاحها حتى الآن.

رابعا، علينا أن نوظف قوة العلوم والتكنولوجيا، إذ لا توجد هناك عصا سحرية تكنولوجية لمعالجة شح المياه رغم أن بعض النجاح حالفنا في حلول بسيطة مثل المرشحات المصنوعة من الصلصال والمطهرات الكلورينية. لكن ثمة عددا من المجالات حيث العلوم والابتكارات التكنولوجية يمكن أن تحدث أثرا هائلا كما أن هيئات الحكومة الأميركية بلغت آخر ما توصل إليه العلم في جهود عالمية لتقييم مشاكل المياه ومعالجة تحدياتها. فقد اكتشف باحثون يعملون في هيئات حكومية أميركية أساليب أفضل لتطهير وتخزين مياه الشفة وللتنبؤ بحصول فيضانات وجفاف ولتحسين إنتاجية الماء لأغراض التنمية الاقتصادية وإنتاج الغذاء. كما شهدنا تقدما في تكنولوجيات مستحدثة لمعالجة المياه الآسنة، وتحلية المياه، واستخدام أنظمة معلومات عالمية النطاق. ويتعين علينا أن نعمل بصورة أجهد لتقاسم هذه البيانات مع بقية العالم.

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2759 - الجمعة 26 مارس 2010م الموافق 10 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:35 م

      14 نور

      هي او هم لم يكترثوا بدماء الناس والأطفال في كل أصقاع العالم هي او هم لم يفكروا في الضحايا قبل أن يحيكوا المؤامرات للفقراء و المستضعفين في كل العالم و الآن تأتينا سيدة الحسن والجمال لتتكلم عن أن الماء عصب الحياة ويجب علينا أن نفعل كذا وكذا ولكني أنا أرد رد من كسرت فاقته وأقول يا الله يا ربي العظيم الأعظم إجعلها تموت وهي ظمئانة هي أو هم ولا تذقهم قطرة ماء إلى أن يلقوك بذنبهم فتفتك بهم أيما فتك إنك عزيز جبار.

    • زائر 2 | 10:13 ص

      لا شكرًا ولا عفواً.....أجودي

      الماء منها- صوت غنمه... مستحيل يطلع منهم خير لا هي ولا اوووه باااااه ماااااه ولا رجلها كله انتون.....

    • زائر 1 | 7:46 ص

      مواطــــــــــــــــــــــــــــن

      شكراً للسيده كلينتون علي إهتمامها بعصب الحياه وهو الماء .. شكراً لإهتمامها ببلسم الحياة وهو الماء .. شكراً لمتابعتها كل الحياة وهو الماء .. شكراً عدد الكواكب والنجوم الذكيه .. شكراً من القلب فرعايتها وأهتمامها بأمر الماء لايدل إلا على الطهر والنقاء .. ولاشك أن مردود هذا الإهتمام وتلك الرعايه سيعود بخيره على 5 ملايين طفل يتيم .. وكل مايتمناه هؤلاء الأيتام بين أيديهم إلا الماء فهم محرومون منه مع أنهم يلعبون بقلوبٍ بريئه بين الرافدين ....!!!

اقرأ ايضاً