العدد 2363 - الإثنين 23 فبراير 2009م الموافق 27 صفر 1430هـ

دوامة الأزمة «الدبوية» (1/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كما توقع الكثير من المصادر، كشفت دبي أمس عما وصف بأنه «برنامج سندات طويل الأجل». قيمة البرنامج 20 مليار دولار، وقد «تم الاكتتاب بالكامل على الإصدار الأول منه بقيمة 10 مليارات دولار من قبل مصرف الإمارات المركزي». واعتبرت الأوساط المالية هذه الخطوة كأول مبادرة جادة للإمارة باتجاه تجاوز أزمتها المالية «منذ أن تزايد وقع الأزمة المالية العالمية عليها». ومن الطبيعي أن يساهم هذا الإصدار في تمكين دبي من «الوفاء بالتزاماتها المالية المقبلة».

والسندات، كما هو متعارف عليها اقتصاديا، لا تعدو كونها كما ورد على موقع باب «أوراق مالية ذات قيمة معينة، تعلن عن أن مالك السند دائن إلى الجهة المصدرة للسند، سواء حكومة أو شركة، أو مشروع. وعادة تطرح هذه السندات للبيع في سوق المال لتحصيل مبلغ مطلوب لمشروع خاص، ولهدف محدد، ويمكن أيضا أن تطرح سندات بمبالغ صغيرة نسبيا ليكون شراؤها في مقدرة الناس العاديين، وتتحدد قيمة الفائدة في السند عند طرحه للبيع، وهذا السعر يبقى ثابتا مدة سنوات عمر السند مهما تغيرت أسعار الفائدة في السوق المالي».

ومن المتعارف عليه أن إصدار السندات الحكومية هي وسيلة تلجأ لها الدول من أجل الاقتراض من الأسواق لكي تواجه العجز في موازناتها في بعض الحالات، لكنها في حالات أخرى تستخدم تلك الإصدارات لإعادة هيكلة أسواقها من خلال التحكم في معدلات الفائدة على تلك السندات والتي غالبا ما تكون نسبها غير مرتفعة ولا تشهد أي تغيير خلال فترة سداد قيمة تلك السندات.

لكن هناك الكثير من الحالات أيضا التي تلجأ فيها الحكومات إلى إصدار السندات الحكومية من أجل ما تحقيق يعرف باسم «إطفاء لهيب نيران الدين العام». وأخيرا هناك أيضا بعض الحالات، التي تبدو غريبة بعض الشيء، عندما تقوم الحكومات بهذه الخطوة من أجل الحد من ارتفاع السيولة النقدية في السوق الأمر الذي تخشى الحكومات أن يقود إلى رفع نسب التضخم بشكل غير متوقع، وبنسب عالية نسبيا لا تتحملها حركة تلك السوق.

ولابد لنا هنا من التمييز بشكل واضح بين نوعين رئيسين من «السندات»، النوع الأول هو الذي تصدره الشركات الخاصة، والذي يمثل في جوهره محاولة الشركة المصدرة للسندات عرض قرض استثماري عناصر ضمانه قوة المركز المالي لتلك الشركة التي تقف وراء إصداره، أما النوع الثاني، فهو الذي تصدره الحكومات أو الدول والذي يكون بمثابة قرض يهدف أساسا إلى زيادة حصة الإنفاق العام في السوق المعنية وتضمنه الحكومة. وفي كلتا الحالتين، تتحول السندات إلى ما يشبه العقد المالي الذي ينظم العلاقة بين الطرفين: مصدر السندات ومشتريها، طيلة فترة صلاحية استخدام السندات في التداولات المالية الحرة.

ما تنبغي الإشارة له هو أن إصدار سندات حكومية طويلة الأجل، ليس بالشيء الجديد على المنطقة العربية، ففي العام 2003، وبعد أن بدأت ملامح أزمة اقتصادية تطل على المنطقة، وذلك عندما قامت بعض الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، في اعقاب هجمات سبتمبر/ أيلول 2001، بتجميد نسبة عالية من الاستثمارات العربية في الأسواق المالية الغربية، وخاصة ذات الأصول الإسلامية منها، التقى في الدوحة محافظو المصارف المركزية العربية من أجل بحث إمكانات تطوير أسواق السندات العربية واضعين أمامهم التجربة الآسيوية. لكن رغم ذلك، وكما يقول الخبير الاقتصادي العربي هنري توفيق عزام، لا تزال «أسواق السندات في المنطقة العربية تمر في مراحل تطورها الأولى حيث إن إجمالي قيمة السندات التي تم إصدارها حتى الآن لا يتجاوز 5 مليارات دولار مقارنة بإجمالي القيمة الرأسمالية لسوق الأسهم في المنطقة والتي هي بحدود 185 مليارا بنهاية العام2001». ولذلك، وكما يرى أيضا عزام فإن قدرة هذه الأسواق على النمو والاتساع رهن «باستمرارية عملية الإصلاح الاقتصادي والانفتاح على قوى السوق». لكن نظرا لتباين السياسات الاقتصادية العربية، واختلاف القوانين والأنظمة التي تحكم عمليات تداول السندات بما فيها الحكومية في تلك الأسواق، يصعب الخروج بنظرة واحدة متكاملة تصف أسواق هذه الكتلة الإقليمية غير المتجانسة، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بأسواقها المالية.

هذه التباين يبدو في تقرير أصدره بيت الاستثمار العالمي «غلوبل» في مطلع العام 2009، يشير إلى أن بعض الدول العربية قد «شهدت تحسّنا في حين مني البعض الآخر بانخفاض. فبينما تحسّن العائد على السندات الحكوميّة السعودية والكويتية بمعدل هامشي، بينما بقي العائد للدول الأخرى ثابتا» الظاهرة الجديدة عندما يتعلق الأمر بإمارة دبي، إن الأزمة المالية مست شركات تملكها الحكومة بالكامل أو تملك حصة الأسد من أسهمها، ومن هنا تبدو الصورة ضبابية، إذ تتداخل مصالح، وعلى المستوى نفسه حقوق، مصدر السندات ومشتريها.

وبالنسبة لإمارة دبي، أيضا، ترى بعض الأوساط المالية أن خطوتها هذه جاءت متأخرة بعض الشيء، ففي شهر يناير/ كانون الثاني 2009، وعندما رشحت أخبار عن مصاعب مالية حادة تعاني منها الإمارة ألمح البعض إلى احتمال لجوء دبي إلى إصدار سندات حكومية . لكن دبي وكما يقول موقع إربين بزنسزكوم، «تراجعت دبي عن طرح الجزء الثاني منها. (إما) لشحة في السيولة، أو من جراء ارتفاع سعر الفائدة في البنوك»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2363 - الإثنين 23 فبراير 2009م الموافق 27 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً