العدد 609 - الخميس 06 مايو 2004م الموافق 16 ربيع الاول 1425هـ

الجيش على علم بالجرائم الأخلاقية و«الكيماوية» في المعتقلات

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

في الوقت الذي أكدت فيه منظمة العفو الدولية اتباع القوات الأميركية والبريطانية أسلوبا منتظما في تعذيب المعتقلين العراقيين، أثارت المشاهد المقززة التي أوردها برنامج «60 دقيقة» في محطة «سي بي إس» الأميركية، موجة استياء واسعة في الصحف الأميركية كافة. وجاء هول الوثائق الدامغة التي كشفت المحطة الأميركية والصحيفة البريطانية «ديلي ميرور» - التي نشرتها - بعضا منها، ليضع إدارتي بوش وبلير أمام مأزق حرج جدا، اضطرهما إلى الإعلان عن اتخاذ إجراءات بحق المسئولين عن تلك الجرائم ضد الإنسانية. واستخدم المعلقون الأميركيون تعابير مثل «العار» و«الهمجية» التي امتلأت بها وسائل الإعلام الغربية على رغم ان الإدارتين اكتفتا باستخدام تعبير «سوء معاملة» المعتقلين. وتوقع المعلقون الأميركان أن تعرّض تلك الصور - التي كشفت أبشع أشكال التعذيب وأشدها وحشية - المزاعم التي أطلقتها الإدارتان للسقوط، خصوصا تلك التي تزعم ان احتلالهما للعراق هو لفتح صفحة جديدة من الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان!

المسئولة عن إدارة نظام السجون العسكرية الأميركية في العراق الجنرال جانيس كاربنسكي، أوقفت من الخدمة ويجري حاليا التحقيق معها بتهمة إساءة معاملة المعتقلين. ويخضع ستة ضباط آخرين لإجراءات إدارية.

سانشيز على علم بالجريمة

ونشرت مجلة «نيويوركر» الأميركية، تقريرا عسكريا للجيش يوثق ممارسات جنود أميركيين بحق معتقلين عراقيين في سجن أبو غريب. ويصف التقرير ممارساتهم بأنها جريمة بشكل فاضح وسادي. ويذكر أن القائد الأعلى لقوات الاحتلال ريكاردو سانشيز صادق على التقرير في فبراير/شباط الماضي، ما يعني أن الجيش كان على علم بما يجري داخل المعتقلات الأميركية في العراق منذ ستة أشهر على الأقل.

وأكد ناشر التقرير سيمور هيرش انه حصل على تقرير داخلي خاص بالجيش صادر في 53 صفحة عن الانتهاكات في سجن أبو غريب أجازه سانشيز، لافتا إلى بعض ما جاء فيه من انتهاكات مهينة مثل تسليط أضواء شديدة السطوع من مصادر كيماوية وصب السوائل الفوسفورية على المعتقلين، وضرب المعتقلين بعصا المكنسة وكرسي وتهديد المعتقلين الرجال بالاغتصاب والسماح لحارس من الشرطة العسكرية بخياطة جرح معتقل أصيب به بعدما جرى دفعه على الجدار في زنزانته ووضع مصباح كيماوي وربما عصا مكنسة في مؤخرة معتقل.

وأشار هيرش، إلى ان التقرير يوضح ان الأدلة التي تدعم الاتهامات شملت تصريحات مفصلة من شهود، كما ان بين الأدلة صورا فوتوغرافية وصور فيديو تصور الوضع بدقة لامتناهية. وقد أوضح التقرير ان من أساءوا للمعتقلين هم جنود أميركيون من كتيبة الشرطة رقم 372 كما ان من بينهم أعضاء في الاستخبارات.

وكتبت «نيويورك تايمز» افتتاحية تحت عنوان «كابوس أبوغريب» شددت فيها على ضرورة ألاّ تكتفي الإدارة الأميركية بالتنديد بالفضيحة بل التحرك لمواجهتها ومعاقبة الفاعلين. مشيرة إلى انه خلال الأسبوع الماضي نشرت شبكة «سي. بي. اس» صورا لجنود أميركيين يعذبون معتقلين عراقيين ويتحرشون بهم جنسيا في ذلك السجن. وكشفت الصحيفة ان معظم الجنود والحراس الذين ظهروا في الصور هم رهن الاعتقال وان مسئولة السجن كاربنسكي، موقوفة عن الخدمة منذ يناير/كانون الثاني الماضي. غير انها لفتت إلى انه على رغم ذلك، فإن معطيات أخرى تدل على ان الأميركيين لم يقوموا بواجباتهم في هذا الصدد بشكل جيد. موضحة ان قائد هيئة الأركان المشتركة ريتشارد مايرز، صرح لشبكة «سي. بي. اس» انه لم يقرأ بعد التقرير الذي وضع في فبراير الماضي بشأن نظام سجن أبوغريب العسكري.

ولاحظت الصحيفة ان المزاعم بأن الممارسات الوحشية بحق العراقيين في أبوغريب، هي من فعل جنود مرتدين، قد تم دحضها بعد أن تأكد أن من يقف وراء ذلك هم جنود يعملون تحت إمرة ضباط الاستخبارات العسكرية الأميركية. لافتة إلى ان كاربنسكي، أكدت للصحيفة ان الاستخبارات العسكرية هي التي تدير القسم حيث مورس التعذيب، محاولة تصوير نفسها والجنود تحت إمرتها على انهم كبش محرقة. واعتبرت «نيويورك تايمز» أن الإرهابيين أمثال زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، لطالما حاولوا استخدام العنف من أجل دفع الولايات المتحدة وحلفائها، لإثبات ان البروباغندا المعادية للأميركيين التي يروجون لها كانت صحيحة، لافتة إلى ان سجن أبو غريب، كان انتصارا كبيرا للإرهابيين وليس من الواضح ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستكون قادرة على إزالة العار الذي لحق بها أمام العرب. وختمت بأن الغزو الأميركي للعراق الذي بدأ يتحول إلى كابوس لن يسوء أكثر مما ساء بعد فضيحة أبوغريب.

عار التاج البريطاني

وتناول موقع سكاي نيوز (الأميركي) على الإنترنت، الشق البريطاني من «الفضيحة» مشيرا إلى ان المزيد من الصور المثيرة للقلق ظهرت بشأن التعذيب الذي يمارس بحق المعتقلين العراقيين، هذه المرة على يد جنود بريطانيين. وأضاف ان السلطات البريطانية بدأت تحقيقا في الموضوع بعدما نشرت «ديلي ميرور» صورا تظهر جنودا بريطانيين وهم يعذبون معتقلا عراقيا ويركلونه ويتبولون عليه.

وتوقف جيمس رايزن في «نيويورك تايمز» عند ما تم الكشف عنه من إساءة للمعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب. لافتا إلى ان الجيش الأميركي يجري تحقيقات دقيقة لما أقدم عليه الجنود الأميركيون من إذلال وتعذيب شديد للمعتقلين. وأشار رايزن، إلى ان هذه الفضيحة أحدثت صدمة في العالمين العربي والإسلامي، وزادت من حدة الكراهية للولايات المتحدة. ورجّح أن ينعكس هذا الكشف سلبيا على الجهود الأميركية الرامية إلى نقل السلطة إلى العراقيين في 30 يونيو/حزيران المقبل، وخصوصا أن الفضيحة تطول مسئولين رفيعي المستوى في «البنتاغون»، إلى جانب قادة كبار في الجيش الأميركي. وأورد رايزن، مقتطفات من تقرير للجيش الأميركي، كتبه الجنرال الأميركي أنطونيو تاغوبا، يتحدث فيه كاتبه عما عاناه المعتقلون من عذابات وآلام وما واجهوه من احتقار. موضحا ان هذا التقرير أكد ان ثمة أمورا كثيرة لم يتم الكشف عنها ولم يعترف بها حتى الآن كبار مسئولي الإدارة الأميركية و«البنتاغون». وأكد تاغوبا ان ثمة مسئولين استخباراتيين رفيعي المستوى يتحملان مسئولية كبرى عمّا جرى.

عار الجندية وجهل الشعب الأميركي

موقع هوستون (الأميركي) على الإنترنت نشر رسالة من جندي سابق في الجيش، علق خلالها على صور التعذيب بحق المعتقلين العراقيين، اعتبر فيها ان الصور مقززة ومرعبة. ورفض أن يعتبر تلك الممارسات ناتجة عن عدم خضوع الجنود الأميركيين للتدريب الكافي على كيفية معاملة معتقلي الحرب، فحتى الجندي غير المدرب، يعلم انه لا يجدر التصرف مع البشر بهذه الطريقة. وأكد ان الأميركيين لم يفوزوا بقلوب الفيتناميين وعقولهم ولن يفوزوا بمحبة العراقيين وتقديرهم بسبب جهلهم وممارساتهم العنصرية. وأوضح الجندي السابق ان إصرار غالبية الأميركيين على ان حوادث 11 سبتمبر/أيلول هي السبب وراء غزو العراق، هي دليل قاطع على الجهل الذي يعاني منه الشعب الأميركي.

في «واشنطن بوست» توقف غلن كيسلر في مقاله عند هزيمة ارييل شارون، في استفتاء تكتل «ليكود»، بشأن خطة «فك الارتباط» مع الفلسطينيين، وأشار إلى ان المقامرة الكبيرة التي أقدم عليها بوش حين وافق على خطته للانسحاب من غزة وقدم لـ «إسرائيل» تنازلات رئيسية فيما يتعلق بالاتفاق النهائي مع الفلسطينيين، فإن كيسلر اعتبر هذا الأمر من المصائب الإضافية التي تواجه إدارة بوش في الشرق الأوسط، فرفض تكتل «ليكود» لخطة شارون - التي ظهرت في وقت تعرضت صورة الولايات المتحدة للضرر بعد نشر صور جنود أميركيين يمارسون التعذيب في سجن أبو غريب - وضع صدقية الولايات المتحدة، في الشرق الأوسط في حال مزرٍ جدا

العدد 609 - الخميس 06 مايو 2004م الموافق 16 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً