العدد 610 - الجمعة 07 مايو 2004م الموافق 17 ربيع الاول 1425هـ

لماذا نسمح باستمرار العقم في الطرح ؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ترتفع أصوات المخلصين من كل جانب للتدخل فيما حدث خلال الأسبوع الماضي سعيا لإيجاد حلول تتناسب وما نتوقعه جميعا من المرحلة الانفتاحية التي نعيشها. النيابة العامة صرحت بما تعتقد انه من حق السلطة القضائية، بينما صرح أعضاء البرلمان بما يعتقدون أنه من صلب عملهم. الرموز الدينية تحركت، ومعها الرموز الاجتماعية والجمعيات السياسية. عوائل الموقوفين تصدروا المطالبة بالإفراج عن افراد اسرهم، والجميع تحرك بحثا عن مخارج تحفظ ماء وجه الجميع وينتصر الوطن من دون أن ينهزم أحد.

من الواضح أن الخطاب الرسمي يركز على ركيزة العمل من خلال دستور مملكة البحرين الصادر في العام 2002 وأن هذا هو المنطلق للعمل السياسي المقبول. أما أي تحرك لايعترف بالدستور فهو مرفوض وستطبق ضده القوانين من خلال النيابة العامة، تماما كما حدث للموقوفين الحاليين.

هذا الخطاب الرسمي هو نقطة البداية التي تنطلق منها جميع الردود الرسمية على أية محاولة لايجاد مخرج للمشكلة التي نمر بها حاليا. والخلاف الذي كان نظريا بشأن المفاهيم الدستورية، أصبح الآن خلافا على الأرض تحسمه امكانات الدولة الهائلة (أمنيا وقضائيا وسياسيا). الخلاف في المفاهيم ربما انه وصل إلى «العقم» ولم يعد يولد لنا إلا مشكلات تخفض من مستوى الحريات العامة التي كنا نتمتع بها حتى نهاية الشهر الماضي.

الخلاف بشأن مفهوم الدستور والحقوق قديم ومستمر في كل مكان ولا توجد نظرية واحدة تحسم الأمر. ومن الخطأ القول إن الأمر ينحصر في مفهومي دستور عقدي أو دستور منحة. هذا التوصيف جميل، ولكنه ليس واقعيا ولا يوجد على الأرض بلون أسود فقط، أو لون أبيض فقط.

الحقوق الدستورية الموجودة في كثير من البلدان نوعان، نوع يتحدث عن الحق بصفته معبّرا عن «إرادة حرة في الاختيار»، وان هذه الارادة الحرة تم اختبارها وتمحيصها وأصبحت حقا تعاقد عليه جميع من يعنيهم الأمر. مفهوم آخر للحق الدستوري يتحدث عن «حماية المصالح المشروعة للفئات والأطراف». من خلال هذا الفهم، فإن فئات المجتمع تحدد مصالحها وتعترف بها او تتنازل لبعضها بعضا. الدستور اللبناني قائم اساسا على حماية مصالح الطوائف مع الأفضلية للطائفة المارونية. الدستور البلجيكي قائم على اساس حماية مصالح الشماليين والجنوبيين الذين يتكلمون لغتين مختلفتين.

مفهوم حماية المصالح يقوم في الأساس على مبدأ «حكم الواقع»، بينما يقوم مفهوم الإرادة الحرة على مبدأ «التعاقد متساوي الأطراف»، وهو ربما ما نجد «بعض» مظاهره في سويسرا. البلدان تخلط بين الاثنين وتسعى إلى عدم المساس بـ «جوهر الحقوق الانسانية» التي يعبر عنها في زماننا بـ «الاعلان العالمي لحقوق الانسان» و يفصلها تفصيلا شاملا «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» و «العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». وعلى هذا الأساس فإن الأمم المتحدة تطلب من الدول توقيع العهدين لكي تضمن عدم التعرض لجوهر الحقوق. وقد كان الشهر الماضي من أهم الشهور وذلك عندما أعلنت كل من وزارتي الخارجية والداخلية استعدادهما للمشاركة في «خطة وطنية» أعلنتها الجمعية البحرينية لحقوق الانسان لتدشين العهدين في التشريعات الوطنية والاستعداد لتوقيعهما واعتمادهما. في حال توقيع العهدين واعتمادهما وتدشينهما فاننا ندخل في مصاف الدول المتطورة دستوريا، لان «جوهر الحقوق» ستكون له حماية من خلال اتفاقات دولية. وهذا الهدف يحقق آمال الحركة المطلبية من جانب، كما انه لا يخل بالحقوق القائمة على أساس حفظ المصالح.

اننا مطالبون بتوسيع الآفاق والخيارات لكي لانضيع في التنظيرات التي تتحدث عن لونين فقط (اما أسود وإما أبيض)، وفي الوقت ذاته نحن بحاجة الى ان نرفق ببلادنا وبأهلها ونوجه السفينة الى وجهة أكثر نفعا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 610 - الجمعة 07 مايو 2004م الموافق 17 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً