العدد 611 - السبت 08 مايو 2004م الموافق 18 ربيع الاول 1425هـ

مرتزقة وإرهاب

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

بات بالإمكان الآن، وبعد أكثر من سنة على احتلال العراق، رسم صورة توضح إلى حد ما الطرف الذي يقف وراء تلك الأفعال الشنيعة التي ارتكبت بحق المساجد ورجال الدين والعلماء والكثير من مواقع العبادة والسفارات ومقرات الأمم المتحدة والمعاهد والمتاحف والجامعات.

آنذاك كانت إدارة الاحتلال تتهم فورا عناصر إرهابية وإجرامية تسللت عبر الحدود من إيران وسورية. وأحيانا اتهمت تنظيم «القاعدة» وتلك المنظمات المعروفة بصلتها بـ «أنصار الإسلام» أو «الزرقاوي» وغيرها من هيئات أعلنت في حالات سابقة مسئوليتها عن أفعال مشابهة.

الآن بدأت تتضح هويات جديدة يمكن أن نطلق عليها «طوابير خامسة» أو «أطراف ثالثة» تعمل في الخفاء على شن «حرب سرية» لإثارة البلبلة والانقسام الأهلي بين أبناء العراق.

لاشك في أن افتضاح أمر تلك التجاوزات والجرائم سيكون له أثره الكبير الذي لا يقل عن تلك الصور التي كشفت عن الاهانات التي أشرفت عليها أجهزة الأمن الأميركية بحق السجناء والأسرى.

الآن بدأت المعلومات تتحدث عن وجود جيوش من المرتزقة يبلغ تعداد عناصرها أكثر من 25 ألفا استجلبت من كل بقعة وصوب للقيام بمهمات خاصة... ومن ثم تلقى تبعة الأفعال الشنيعة على سورية وإيران والسعودية.

الكلام الآن لم يعد يقال كما كان الأمر سابقا حين يقع حادث إجرامي. في مطلع أيام الاحتلال كانت التهم جاهزة وتلصق فورا بمجموعات إرهابية لها صلة بأيمن الظواهري وأبومصعب الزرقاوي وأسامة بن لادن. وبعد مرور تلك الأيام على الاحتلال بدأت وسائل الإعلام تتردد في إطلاق التهم من دون فحص للمعلومات وتدقيق في الأخبار المنقولة عن جهات لها صلة بالاحتلال.

هذا لا يعني عدم وجود شبكات معقدة التركيب والتنظيم تقوم بمثل هذه الأفعال التي تثير الاستغراب والاشمئزاز، ولكن انكشاف أمر المرتزقة وتلك الشركات الخاصة التي تجند القوات للعمل في العراق فضح تلك الاتهامات المزورة والباطلة التي كانت «البنتاغون» تلقيها على حكومات طهران ودمشق والرياض. فالكلام الأميركي عن تسلل مجموعات إرهابية من خارج الحدود صحيح ولكن تبين أنه من تدبير إدارة الاحتلال نفسها، فهي التي رصدت الأموال وشجعت شركات خاصة على تجنيد المرتزقة للقيام بمهمات سرية (شنيعة) تتهم بها مجموعات إسلامية أو تلقى مسئوليتها على إهمال بعض الدول العربية المجاورة للعراق.

المعلومات تشير حتى الآن إلى وجود أربع شركات أميركية وبريطانية وألمانية تخصصت في تجنيد المرتزقة وهي: شركة «تايتان» أميركية ومقرها سان دييغو في ولاية كاليفورنيا، شركة «سي. ايه. سي. اي» أميركية ومقرها ارلنغتون في ولاية فرجينيا، شركة «بالتيك سايفتي نتورك» ألمانية ومقرها مدينة لوبيك في شمال البلاد، وشركة «سي. اي. سي. اي» بريطانية ومقرها لندن. وهذه الشركات نشرت إعلانات وطلبت موظفين للعمل محققين في العراق، واشترطت على طالبي الوظيفة أن يكون المتقدم صاحب خبرة سابقة في الشئون الأمنية وعنده تجربة في تقنيات الاستجواب والاستنطاق.

الآن ترجح المعلومات وجود أكثر من 25 ألفا من المرتزقة يعملون في شركات أمنية خاصة. وهذا الجيش السري تموله جهات كثيرة وتألفت عناصره من مسرّحين من أجهزة أمنية وعسكرية أو تقاعدوا في سن مبكرة وعندهم تجارب سابقة أو خدموا في أنظمة قمعية وبوليسية. وتشير تلك المعلومات إلى أن جيوش المرتزقة التي تعمل الآن سرا في العراق وتقوم بمهمات خاصة لإبعاد الشبهات عن قوات الاحتلال الرسمية استقدمت في غالبيتها العظمى من دول جنوب إفريقيا وروديسيا سابقا (أنظمة التفرقة العنصرية) ونيبال وهندوراس ونيكاراغوا وطبعا «إسرائيل» وغيرها من دول العالم.

مهمة المرتزقة المعلنة القيام بحراسات أمنية للشركات (النفط وغيرها) وبعض المؤسسات التي تهتم بالأعمال والمقاولات وتسويق البضائع، إلا أن المهمات غير المعلنة كثيرة، من نوع معاونة الاحتلال في الاستخبارات وجمع المعلومات والإشراف على التحقيقات وتعذيب السجناء، إضافة إلى مهمات خاصة من نوع تكليفها بتنفيذ اغتيالات وتفجيرات وتفخيخ سيارات وسفارات ومقرات تابعة للأمم المتحدة لتأليب الرأي العام على المقاومة العراقية.

الآن وبعد مرور أكثر من سنة على الاحتلال بات بالإمكان رسم صورة تقريبية توضح طبيعة الأعمال الشنيعة التي ارتكبت. فالمسألة كبيرة ومعقدة والطوابير الخامسة والأطراف الثالثة ليست بعيدة عنها. ومن يعش يرى

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 611 - السبت 08 مايو 2004م الموافق 18 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً