العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ

«شبح حزب اللّه» يطل من غزة

متابعات في الصحف العبرية الغاضبة:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

فجرت الضربات الموجعة المتتالية لقوات الاحتلال في حي الزيتون بمدينة غزة كما على محور فيلادلفي في مدينة رفح، اللذين كانا مسرحا لعمليتين بطوليتين أدتا إلى مصرع 11 جنديا للاحتلال وجرح 5 آخرين، جدلا حادا في «إسرائيل» حيال جدوى الاستمرار في احتلال القطاع. وأججتا السجال في «إسرائيل» عن خطة شارون للانسحاب وفاعلية العمليات البرية في القطاع. وبرزت الخلافات بين المؤسسة العسكرية والحكومة، إذ يواجه مسئولون عسكريون كبار صعوبة في فهم منطق شارون ووزير دفاعه موفاز، اللذين يرسلان جنودا إلى قطاع غزة ويؤكدان في الوقت نفسه انه «ليس للجيش شيء يفعله في هذه المنطقة»!

وبدا ان الاحتجاجات الشعبية على ما جرى ويجري في غزة ستنتقل إلى الشارع الإسرائيلي. وأظهر استطلاع للرأي نشرته «يديعوت أحرونوت» بعد مقتل الجنود في حي الزيتون ومحور فيلادلفي، ارتفاعا ملحوظا في نسبة مؤيدي الانسحاب من غزة (71 في المئة يؤيدون مقارنة مع 62 في المئة في الاستطلاع الأخير).

شبح حزب اللّه في غزة

ولكن الأبرز ملاحظة عدد كبير من المعلقين ان التجربة اللبنانية تتكرر في القطاع. فقد واصلت الصحف العبرية، تشبيه الوضع في القطاع بالجنوب اللبناني الذي انسحب منه جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد 22 عاما من الاحتلال. وكتب كثيرون عن «شبح حزب الله» يطل من غزة، بعد أن باتت حركة «حماس» تشبه إلى حد كبير المقاومة اللبنانية. أما اللافت أكثر في إثارة هذا الجانب هو تشبيه التحرك السياسي لـ «حماس» والسلطة الفلسطينية بما يجري بين السلطات اللبنانية و«حزب الله» من حيث توزيع الأدوار.

وقالت «هآرتس»: إن سياسة «إسرائيل» في الأراضي المحتلة خاطئة نظرا إلى ان استخدام القوة وحده لا يعالج المشكلات الأساسية للاحتلال، ودعت كل من يؤمن بذلك إلى التظاهر والتعبير عن موقفه علنا، وشدّدت «هآرتس»، على ضرورة المضي قدما للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي الذي يشعر بالأسى من «الكارثة» التي حلت بالجيش في غزة.

من يقود «إسرائيل»؟

آري شافيت في «هآرتس» أشار إلى انه للوهلة الأولى يبدو ان المستوطنين قد نجحوا في التمرد على شارون، واستطاعوا تخطي غضب بوش، كما انهم تآمروا على غالبية الإسرائيليين ولم يعاقبوا على ذلك. وأوضح ان الشعب الإسرائيلي يشعر بالقرف من الحرب الجديدة على قطاع غزة، لذلك فما من أحد سيشارك في الحرب. لافتا إلى ان الجنود الذين سقطوا في حي الزيتون ورفح مختلفون عن سواهم لأنهم ليسوا ضحية الإسلام الراديكالي ولا ياسر عرفات، بل ضحية المؤسسة الاستيطانية. ولاحظ ان شارون، ليس لديه الخيار اليوم ولم يتبق الكثير من الوقت، لذلك يجدر به اتخاذ خطوات جريئة من أجل تحرير نفسه من مسئولية سقوط الجنود. وأوضح ان هذه الخطوات يجب أن تثبت ان رئيس الوزراء ليس لعبة بيد مجلس المستوطنات. واعتبر شافيت، ان محاولة الحركة الاستيطانية إجبار الشعب الإسرائيلي على خوض حرب ليست حربه خطيئة لا تغتفر.

ورأى دورون روزنبلوم في «هآرتس»، ان الضربة التي تلقتها «إسرائيل» بعد سقوط الجنود في غزة، ونتائج استفتاء «ليكود»، أفرزا نوعا من الميل لدى الإسرائيليين إلى عدم التضامن مع حكومة شارون، الذي يلعب دور الخاسر. واتهم شارون، بالفشل في عمله كرئيس للحكومة كما اتهم الحكومة نفسها بأنها فشلت معنويا وتنفيذيا ومبدئيا. لافتا إلى ان الدماء الإسرائيلية تسيل كالماء والمبادرات الدبلوماسية تذبل. مستنتجا انه لم يبق هناك سوى وسيلة واحدة للخروج من الأزمة الحالية وهي تغيير القيادة في «إسرائيل».

في غزة يفكرون على طريقة «حزب اللّه»

وسيطر «شبح حزب الله» على كتابات الإسرائيليين، فقد لاحظ داني روبنشتاين في «هآرتس» أيضا، ان حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» نجحتا في الآونة الأخيرة في إنشاء جسم حاكم جديد موازي للسلطة الفلسطينية تماما كما فعل «حزب الله» في لبنان. وذكّر بأنه خلال مراسم استقبال الأسرى المحررين العائدين ومن بينهم مصطفى الديراني وعبدالكريم عبيد، كان المسئولون اللبنانيون وعلى رأسهم الرئيس إميل لحود، في الاستقبال وكانوا كلهم يعلمون جيدا ان عملية التبادل برمتها كان يديرها أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله. وأوضح روبنشتاين، ان «حزب الله» يملك «نظام حكم» خاص به في لبنان، فوحداته العسكرية تقوم بعروض كل يوم اثنين وخميس. كما انه هو الذي يتخذ القرارات في الشأن الأمني إلى جانب امتلاكه مؤسسات تربوية وصحية واجتماعية إضافة إلى محطة تلفزيونية وإذاعة خاصة به.

في المقابل، وعلى الجانب الفلسطيني، يلاحظ روبنشتاين، ان الأمر سيان، فـ «حماس» و«الجهاد الإسلامي» قامتا ببناء أنظمة سياسية وعسكرية خاصة في غزة. كما انهما أنشأتا مراكز للخدمات الاجتماعية والإعلامية ونجحتا في توسيع نفوذهما ليشمل المجموعات التابعة لحركة «فتح» لاسيما الجناح العسكري للحركة، أي كتائب شهداء الأقصى. وختم بالقول إن النشطاء الإسلاميين الراديكاليين في الأراضي الفلسطينية قد شعروا أخيرا بالقوة على رغم تصفية قادتهم، وذلك بفضل النظام الجديد الذي أنشأوه في موازاة السلطة الفلسطينية.

وتوقف زئيف شيف في «هآرتس» عند نجاح حركة «حماس» في تنفيذ عمليتين ناجحتين فرأى ان ذلك يوفر لـ «حماس» إحساسا بالنصر لم يسبق لها أن شعرت به من قبل. مؤكدا ان الإحساس بالفخر والعزة يدفع هذه الحركة لتعلن للمرة الأولى بأنها شبيهة «حزب الله» في مواجهة «إسرائيل». واعتبر انه بات بمقدور «حماس» أن تردد وتعلن على الملأ بأنها انتقمت لاغتيال زعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين وقائدها في غزة عبدالعزيز الرنتيسي. ورأى ان «حماس» أثبتت انها قادرة على الإيفاء بوعودها بأنها سترد على الضربات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ولكن شيف، أوضح انه بالنسبة الى الجانب الإسرائيلي تتخذ العمليتان أبعادا مختلفة. ولفت إلى ان «إسرائيل» حتى الآن تتعامل مع العمليتين على انهما حدثان طارئان. ولكنه حذر القيادة الإسرائيلية من الوقوع في الخطأ مذكرا بالعمليات الفلسطينية السنة الماضية، ومؤكدا ان القتال في غزة يتجه نحو المجهول.

رقصة الدماء المتبادلة

ولاحظ أليكس فيشمان في «يديعوت أحرونوت» ان غزة تمضي نحو رقصة دماء متبادلة. مشددا على ان هذا هو بالذات، الوقت الذي يجب أن يمتنع فيه الإسرائيليون عن الوقوع في ارتباك. موضحا انه في هذه الساعات تواجه القيادة الأمنية - السياسية، امتحانا كبيرا في المهنية، ورباطة الجأش والرأي الموزون. ولفت إلى ان سلسلة العمليات الأخيرة في غزة، تمت بفعل تفكير استراتيجي. مضيفا انها تذكر باستراتيجية العمليات التي نفذها «حزب الله» في الحزام الأمني. مشيرا إلى انه عندما بدأ «حزب الله» بتهديم الحزام الأمني، ركز على مركب واحد: على تدمير جيش جنوب لبنان، ماديا ومعنويا. فقد ركز على الخلية الضعيفة التي استصعب الجيش الإسرائيلي العمل من دونها في الحزام الأمني. وهذا الأمر يتكرر في غزة. فرأى فيشمان، انه يتحتم على الجيش تكريس التفكير في نقاط الوهن التي تكشفت في الآونة الأخيرة. معتبرا انه حان الوقت كي يستخدم الجيش كل ما يمتلكه من معدات ثقيلة لنقل وقيادة وحداته. مشددا على ان «الجهاد الإسلامي» هو الموفد المباشر لـ «حزب الله» في القطاع. وأكّد ان استثمارات «حزب الله» في القطاع بدأت تجبي من «إسرائيل» ثمنا يفوق ما تعودته. واعتبر انه لن يكون أمام «إسرائيل» أي مفر إلاّ مواجهة منظمة «حزب الله» في ملعبها البيتي، في لبنان، لأنها لا تنشط في غزة والضفة فقط، وإنما في الجليل أيضا.

وأشار ألوف بن في «هآرتس» إلى انه من الخطر جدا أن ينسحب الجيش تاركا وراءه فراغا أمنيا ستحاول المنظمات المسلحة ملأه. مشددا على انه في غياب اتفاق دبلوماسي ثابت مع الفلسطينيين ومن دون وجود سلطة فلسطينية تمسك بزمام الأمور في غزة، فإن «إسرائيل» ستضطر للتعامل في فترة ما بعد الانسحاب مع مختلف منظمات «الإرهاب» الفلسطيني.

وأشار إلى انه من الخطر الإبقاء على «منطقة أمنية» في غزة كما في لبنان، ما تلبث أن تتحول إلى هدف للمنظمات المسلحة. وختم بالقول إن استهداف الآليتين الإسرائيليتين لم يكن مجرد حادث معزول بل جزءا من حرب استنزافية ستظهر تداعياتها الدبلوماسية لاحقا.

مستنقع غزة

وقال ناحوم برنيع في «يديعوت أحرونوت»، انه بالنسبة إلى قسم كبير من «الشعب الإسرائيلي» ان القطاع تحول إلى لبنان، مشيرا إلى ان تشكّل حركة احتجاج مؤيدة للانسحاب ليس سوى مسألة وقت.

وتساءلت «معاريف» عن كم من الوقت سنبقى عالقين في مستنقع قطاع غزة؟ وبأي ثمن؟ ألم نتعلم شيئا؟ ان جيشا ومهما كان حسن التدريب ومهما كانت معداته متطورة سيبقى على الدوام في وضع خاسر في مواجهة شعب مدني مندفع يعيش في منطقة مكتظة بالسكان. ان الأميركيين أدركوا ذلك في الفلوجة، ونحن ندركه في غزة.

واعتبر تسفير برئيل في «هآرتس» ان العمليتين في حي الزيتون وعلى طريق فيلادلفي، دليل على ان حركتي «حماس» و«الجهاد» غيرتا استراتيجيتهما القتالية من تنفيذ التفجيرات المتفرقة والمعزولة إلى شن حرب ميليشيات منظمة في جميع أنحاء القطاع. ولاحظ برئيل، ان هذا الأسلوب العسكري اتبع من جانب «حزب الله» في لبنان. لكن برئيل، اعتبر ان تغيير التكتيك العسكري لدى «حماس» والجهاد ناجم عن الصعوبات التي يواجهها «الانتحاريون» الفلسطينيون في الدخول إلى «إسرائيل». وحذر المعلق الإسرائيلي من أن يؤدي نجاح هذا الأسلوب إلى اتباعه في الضفة الغربية أيضا.

تقديس الجثث

وتوقفت «هآرتس» عندما اعتبرته ظاهرة احتفاظ المنظمات المعادية لـ «إسرائيل» بجثث وأشلاء القتلى الإسرائيليين. ولاحظت ان «إسرائيل»، طورت نقطة ضعف جديدة خلال السنوات الماضية وهي استعدادها لدفع ثمن باهظ جدا مقابل استرداد جثث وأشلاء جنودها القتلى وذلك لإيلائها قيمة عالية لهذه الجثث. مذكرة بأنه خلال صفقة التبادل مع «حزب الله» بادلت الدولة العبرية عشرات الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين مقابل استعادة جثث عدد من الجنود الإسرائيليين. وأضافت ان «حزب الله» أدرك ان الدولة العبرية لا تفرق بين جندي حي وجثته أو بين جثته وأشلائه واستغل الحزب نقطة الضعف هذه للعمل على الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين. ورفضت الصحيفة العبرية تقديس الجثث الإسرائيلية مشددة على ان «إسرائيل» وجدت من أجل الأحياء ولم يكن المبدأ الرئيسي الذي قامت عليه هو استعادة الجثث لدفنها في «الأرض الإسرائيلية». وأشارت في هذا السياق إلى ان التلمود يولي أهمية كبيرة لجثث الموتى ولكنه يشدد على عدم استرجاعها مقابل ما يفوق قيمتها. وطالبت الصحيفة العبرية في ختام مقالتها، على رغم أسفها الشديد على القتلى الإسرائيليين ومشاهد جثثهم المتناثرة، على حد تعبيرها، طالبت الحكومة الإسرائيلية برفض تقديم أي مقابل في سبيل استعادة أشلاء الجنود والالتزام بهذا الرفض التزاما كاملا

العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً