العدد 622 - الأربعاء 19 مايو 2004م الموافق 29 ربيع الاول 1425هـ

دارفور مسمار جحا للتدخل الأجنبي في السودان

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

الدولة المركزية في السودان نشأت قسريا، بترسيم هندسي من المستعمر الذي استبعد غالبية أهله بتصنيفهم خصوما له، ولم تتمكن حكومات الاستقلال المتعاقبة من استعاده التوازن للدولة المختطفة. وذكرت مصادر ان هذه التمردات المتعددة هي تعبير عن الحاجة لإنهاء حال الاختطاف الحالية، والخروج بسودان الجميع الذي تتحقق فيه المساواة والعدالة لكل مكوناته، أما التهميش السياسي لدارفور فقد كان معبرا عنه بشكل أكثر حدة في الأنظمة العسكرية المتعاقبة على حكم السودان، إذ تعتقد كل هذه الأنظمة أن دارفور هي مركز معارضتها، لذلك ترسم سياستها لا لكيفية تطويرها أو مشاركه أهلها، بل ببذل الجهد لكيفيه تطويق الإقليم وإخضاعه وإفراغه من أية قدرة على مواجهة الدولة المركزية.

لكن هل يمكن إنجاز ذلك بالتمرد العسكري؟ الإجابة بالوضوح والصوت العالي لا وألف لا، لأن طريق الحرب سيجعل دارفور تدفع الفاتورة الواحدة مرتين، ظلم التنمية والتهميش وويلات الحرب والتدمير، لذلك التمرد العسكري في الإقليم ليس الإجابة الصحيحة لانتشال دارفور من التخلف إلى رحاب التنمية والتقدم، فالسودان الآن الدولة والشعب قد فتح كل الملفات، وحان الوقت لمناقشة كل المسكوت عنه عبر التاريخ، من خلال مؤتمر قومي دستوري تضمن نتائجه في اتفاق السلام الجاري التفاوض بشأنه لتشمل كل أبناء السودان في الشرق والغرب والشمال والجنوب، ويتم جرد حسابه حتى يستقيم أمر البلاد على ساقين بعيدا عن الأوهام والتعالي والمكاسب غير المشروعة على كل المستويات السياسية والتنفيذية في الدولة. هذا هو الفجر المنتظر الذي نسأل الله ألا يكون كاذبا.

لكن ما يدهش المتتبع في قضية إقليم دارفور هو أنه يتحول تدريجيا إلى مسمار جحا جديد للتدخل في شئون السودان وتقسيمه على المدى البعيد، إذ ينفصل الجنوب عمليا في الوقت الحالي ويعقبه غرب السودان بدعوى وجود تطهير عرقي هناك يستلزم تدخلا دوليا، وربما يتبعه شرق السودان، حيث المطامع الأريترية والإثيوبية في تأمين منطقة الحدود مع السودان.

ومع اقتراب انتهاء الفصل الأول من مخاوف تقسيم السودان بشأن سلام الجنوب، وما سيترتب عليه في الخرطوم، تصاعدت حديثا معالم مخاطر التدخل في دارفور، أو ما يمكن اعتباره «القسم الثاني» من مخطط التدخل والتقسيم الغربي للسودان عبر تصريحات متتالية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تصف ما يجري في دارفور على أنه تطهير عرقي تقوم به قبائل افريقية. وقد بانت معالم الخطة واضحة في صورة دعوات مكثفة للتدخل العسكري من قبل الاتحاد الأوروبي وتحديدا في دارفور عبر تشاد المجاورة، في ضوء الحديث عن نزوح قرابة 100 ألف سوداني مما يسمى القبائل في المنطقة إلى تشاد، وروايات غربية عن عصابات عربية موالية للحكومة تطارد وتقتل القبائل الافريقية.

خطورة الحدث هنا تنبع من الصمت أو التجاهل العربي لما يجري في السودان عموما، ودارفور خصوصا، إذ يوشك العرب على مواجهة واقع جديد في دارفور على غرار الجنوب السوداني مفروض من الخارج في صورة تدخل أوروبي هذه المرة بجانب التدخل الأميركي في الجنوب ليتشكل الوضع في الخرطوم في غياب العرب

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 622 - الأربعاء 19 مايو 2004م الموافق 29 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً