وعد وجهاء وأهالي منطقة عراد بالمحرق بحل مشكلات الاشتباكات بين الشباب المتكررة وديا وبعيدا عن المهاترات والتجاذبات الطائفية. وأضافوا أنهم سيسعون إلى احتواء الأمور عبر الجلوس مع أولياء الأمور ورجالات المنطقة وإرجاع الأمور إلى نصابها الأولي، بحسب وصفهم.

وقال الأهالي في حديث لـ «الوسط» أمس (الأحد): «كلنا مسلمون نعيش في وطن ومنطقة واحدة لا تحكم الحياة فيه الطائفة أو المذهب، ولن يستطيع أحد إسقاط السلم الاجتماعي بيننا مهما كان الثمن»، وذكروا أن «مشكلات عدة وقعت مؤخرا وأخذت أكبر من حيزها، لكن الأمر لن يستمر وسيعود الجميع لسابق عهدهم تحت شعار الأخوة والسلام».

كما أبدوا امتعاضهم مما وصفوه بالحملة المستهدفة عبر المنتديات والرسائل الإلكترونية المروجة لمبدأ العنف بطرق غير مباشرة للشباب، وعلقوا بأن «وصلنا لحال لا نحسد عليه بسبب تصرفات طائشة تدخل فيها أفراد كبار عززوا من حجم المشكلة، وعلى أولياء الأمور أن يكونوا أكثر عقلانية ويدركوا حجم المنعطف الذي تسير في اتجاهه المنطقة».

جاء ذلك تعقيبا على مشاجرات عنيفة وقعت لنحو 3 إلى 4 مرات خلال الفترة الماضية بين شباب (طلبة) بمنطقة عراد، وتحول الأمر إلى مركز الشرطة عقب حدوث إصابات بليغة، إلى جانب حدوث حالة من التوتر بين الطائفتين الكريمتين لكون الشجار نشب بين طلبة منهما، وظهور بوادر طأفنة في التصرفات والتعامل الاجتماعي بالمنطقة.

وتلقت «الوسط» خلال الفترة الماضي العديد من الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية التي استنكرت الاستفزازات ومحاولات جر الطائفتين لتجاذبات الطائفية. وعليه تحدثت لعضو مجلس بلدي المحرق عن الدائرة السابعة (عراد) علي المقلة، والناشط في العمل الخيري والاجتماعي عبدالأمير العرادي، والوجيه أبوفيصل (ح، ج) - فضل عدم ذكر اسمه - إضافة إلى جملة من الأهالي أبدوا تعليقاتهم.

وقال المقلة: «إن الموضوع بدأ مؤخرا من مدرسة الشيخ خليفة للتكنولوجيا الثانوية للبنين بين طلبة بفعل خلاف شخصي بين طلبة من الطائفتين الكريمتين، ولم يكن ذا طابع طائفي نهائي، بل عنفوان شبابي طائش. لكن الموضوع تطور بسرعة كبيرة وتوسع بخارج أسوار المدرسة، وحدثت اشتباكات عنيفة 3 مرات متكررة تطلبت تدخل الشرطة وخصوصا مع وقوع إصابات بين المتعاركين».

وأضاف «نحن نسعى لمعرفة العناصر التي يمكن أن نصل لها وبإمكانها تهدئة الوضع وعلاجه، إلى جانب معرفة أسباب استفحاله، ولاسيما أن الأفراد ذو العلاقة هم من مناطق مختلفة مثل عراد والدير والحد، فضلا عن من يأتون من خارج المحرق».

وتابع العضو البلدي أن «هناك مشكلات ومشادات تحدث من حين لآخر يمكن وصفها بالمستهدفة للسلم الاجتماعي وتسعى لتفكيكه لأغراض مبهمة، لكن الأهم أن يكون هناك حراك داخلي من كل المناطق لتلافي أي صدام طائفي وفئوي. فالمحرق تتمتع بنسيج اجتماعي قوي من السابق على رغم الظروف السياسية الصعبة التي مرت، وتوجد علاقات طيبة وأهلية من دون أية تفرقة، وليس من السهل النيل من هذه البنية التي تكونت بفعل رجالات ومساعٍ أهلية قديمة».

وبين أن «الخلافات المذهبية والطائفية والعرقية لن تفيد أحداَ في شيء سواء الدخول ضمن متاهات لا أحد يعرف المنعطف الأخير فيها، ولاسيما أن الأهالي في عراد والمحرق والبحرين عامة يعون الآثار الوخيمة على التفتت الاجتماعي الطائفي خصوصا».

ولفت المقلة إلى أن «وجهاء وأصحاب المجالس الكبيرة والمعروفة في المحرق باتت منتبهة الآن لبذرة المشكلة الطائفية التي غالبا ما تنتج من خلافات يمكن وصفها بالتافهة والحقيرة، وأصبحت تنظم ندوات وزيارات تعزز من الربط الاجتماعي بين الطائفتين، ونشر حقيقة النعرات الطائفية. فالكل أصبح يتساءل عن جذور المشكلة في الوقت الذي لا يقتنع بالبذرة الأساسية له».

وأبدى استغرابه من تضخيم المشكلات الصغيرة، قائلا: «ليس من المعقول أن يتصادم رجال مع بعضهم بعضا بسبب أطفال تشاتموا أو اعتدوا على بعضهم بعضا، وبالتالي ندخل مجددا في دوامة (أنت سني وأنا شيعي)». موضحا أن «الحل الأمثل أن يكون كل أب مسئولا عن ابنه وحمايته من الانجراف وراء الدعوات التي تجر المنطقة للتفرقة بين السنة والشيعة».

وتطرق المقلة إلى أن «مدير أمن الحد طلب من الأهالي والمجلس البلدي وضع حال للموضوع، وأبدى استعداده للجلوس مع الأهالي وحل الموضوع وديا من خلال النظر في أسباب المشكلات التافهة. وهي متنبهة للموضوع، ولاسيما أن هناك دوريات شرطة مكثفة خلال هذه الفترة».

وأما الوجيه أبوفيصل (ح، ج) فقال: «إن المشكلة تنبت من الشباب أنفسهم، وينزلون لتفريغ الشحنات التي تصل لهم من المنتديات والرسائل الإلكترونية بصورة عشوائية في الشوارع ومع بعضهم بعضا، ومن دون أدنى علم عن المتسبب في ذلك».

وواصل أن «الوضع أصبح رهيبا وبصورة مبالغ فيها للغاية، وكأن هناك استهدافا للأهالي من أجل تمزيقهم وإشاعة المشكلات بينهم. ففي السابق كنا نتعايش من دون أن يعلم الآخر بالمذهب أو الطائفة التي ينتمي إليها الآخر»، محملا «المنتديات والرسائل الإلكترونية مسئولية كبيرة في إشاعة هذه النعرات، فالشباب لا يعلمون وقع هذه التوجهات الحقيقية على حياتهم والمنطقة ككل، وخصوصا أنها أمور حساسة لا داعي للنفخ فيها».

وأكد أنه «لابد من وجود مبادرة استباقية تصدر عن الوجهاء وخطباء المنبر الإسلامي لحل الموضوع بين الجانبين وحقنه، وخصوصا أن المشكلات المثارة بسيطة جدا ولا تحتاج كل هذا الطأفنة. هناك أناس يعمدون لحرف المشكلات البسيطة عن مسارها، ولابد من استئصال ذلك ومنع الحزازيات».

من جهته، اعتبر الناشط في العمل الاجتماعي والخيري بمنطقة عراد عبدالأمير العرادي، الأمر بسيطا للغاية، كما أشار إليه الأخوة سالفا، وقال: «إن المشكلات الحالية ناجمة عن استفزازات يقوم بها كلا الطرفين بفعل تصرفات صبيانية طائشة بعضها غير أخلاقي. ويتطور الأمر بالتالي لصراع مذهبي وطائفي وفئوي بين أهالي المنطقة نفسها، وعند النظر لأصل المشكلة، فلا أحد يُسلم بأنه هو سبب مشكلات بلغت مراكز الشرطة وتدخل قوات حفظ الأمن».

وتابع العرادي أن «هناك مخالفات مرورية وشبابا غير منضبط وآخرين مستهترين، يعمدون إلى استفزاز بعضهم بعضا من المدرسة حتى الشارع، ويتحول الأمر إلى معارك عنيفة بأدوات حديد صلبة». مضيفا «لمن أراد التأكد، فعليه مراجعة المنطقة ومراقبتها خلال الأحداث الرياضية التي تقلب المنطقة رأسا على عقب، متسببة في حزازيات بين المواطنين المنزعجين من بعض هذه التصرفات وغيرها، وسرعان ما يتحول الأمر إلى مواجهة طائفية سياسية».

وقال: «إن الحل يكمن في أن تفرق السلطات المختصة التجمعات الشبابية الطائشة حتى التي لا تأخذ طابعا سياسيا، مثل الأحداث الرياضية والعطل الرسمية وليالي الأعياد وغيرها».

واختتم العرادي حديثه محذرا من أخذ الموضوع بعدا طائفيا، معللا بأن «ذلك يعني حدوث مشادات باردة وبعدها صدامات وفوضى بالتالي. ويتطلب ذلك صوتا عاقلا ومسموعا لدى الطرفين. في الوقت الذي يجب أن يعزز أولياء الأمور الوعي لدى أبنائهم، وأن يتنبأوا بتصرفاتهم وإزالة أسباب الاحتقان لديهم بطريقة واعية غير منحازة ضمن دين وبلد واحد».