العدد 2768 - الأحد 04 أبريل 2010م الموافق 19 ربيع الثاني 1431هـ

«آي باد» يطرح تحديات من طراز مختلف (2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ننتقل بعد هذه المقدمة التي تناولت جوانب «آي باد» (iPad) الفنية والتقنية إلى الانعكاسات التي سيتركها هو والأجهزة المثيلة على صناعة النشر، وعلى وجه التحديد صناعة الكتب.

ولو عدنا إلى ما كتبه عدنان العظمة حول أهم ما شاهده في معرض باريس الدولي الأخير، فسوف نجده يقول «وكانت شركة (بوكين) سباقة إلى عرض جهازها الجديد (ساي بوك أوبوس) (Cybook Ops) الذي يضم بضع عشرات الألوف من الكتب والمجلدات والموسوعات المدوّنة بدقة بالغة وبخطّ قابل للقراءة بنفس سهولة قراءة الكتاب الورقي».

بمتجر الكتب (iBook) الذي ينطلق أيضا مع انطلاقة «آي باد» في الثالث من شهر أبريل/ نيسان فسيوفر الكتب التي حظيت على جائزة أفضل المبيعات حسب أمازون وحسب نيويورك تايمز بسعر 9.99 دولار، والخبر الأهم في الموضوع أن كل من يشتري كمبيوتر «أبل آي باد» سيتمكن من تحميل 30 ألف كتاب إلكتروني مجانا».

ثم يسترسل حول «آي باد» فيقول «أما فيما يتعلق

هنا يمزج العظمة بين ثلاث حلقات من حلقات صناعة الكتاب، وهي التصميم والإنتاج أولا، والعرض والتسويق ثانيا، والقدرة التنافسية مع الكتاب التقليدي ثالثا.

والثلاث منها حلقات مفصلية في صناعة الكتاب.

باختصار يحاول العظمة أن يقول إن المستقبل للكتاب الإلكتروني الذي يتوقع له أن يحل مكان الكتاب التقليدي، أو الورقي.

ويشارك العظمة فيما يذهب إليه مونوكو ريتش من «خدمة نيويورك تايمز الصحافية» التي تنشر ترجمة لمقال لها صحيفة «الشرق الأوسط» الطبعة اللندنية، يقول فيه إنه في عصر الكتاب الإلكتروني «لم يعد من الممكن الحكم على كتاب ما من غلافه إذا لم يكن لديه غلاف من الأصل»، ثم ينطلق كي يروي تجربة سيدة تبلغ من العمر 45 عاما، تحولت إلى قراءة النسخ الإلكترونية - في حال توفرها - من كتبها المفضلة.

ولكي يدلل على زحف الكتب الإلكترونية على ساحة النشر يقول ريتش «حاليا، يعتمد الكثير من الناشرين على تأثير (فيس بوك).

من ناحيتها، قالت كلير فيرارو، رئيسة (فايكنغ وبلوم): من قبل، ربما كنت ستجد أناسا يقرأون كتاب (تناول الطعام وأد الصلاة وأحب) في المترو. الآن، أصبح عليك الدخول إلى موقع (فيس بوك) لتعرف أن ثلاثة من أصدقائك يقرأون هذا الكتاب».

والدليل على تنامي هذا الاتجاه في تحول النشر نحو النسخ الإلكترونية هو ما صدر عن شركة أمازون، وهي من أهم مواقع تسويق الكتب بشكليها التقليدي والإلكتروني على الإنترنت من أنها «لن تتعامل مع الناشرين الناشئين الذين سوف ينشرون كتبهم في سوق كتب أبل وأنها سوف توقف بيع كتبهم على سوقها الإلكتروني»، مضيفة «أنها لن تتعامل مع أي شركة نشر من الشركات التي تعاملت معها شركة أبل». وبأنها ستذهب إلى أبعد من ذلك بحيث أنها «سوف تسحب جميع كتب الناشر المطبوعة وتوقف بيعها في سوقها الإلكتروني، إذا انتقل أي ناشر إلى سوق بيع كتب آخر».

وقد كان واضحا سبب هجوم أمازون الذي كان موجها ضد أبل، فقد جاء قرارها قبل أيام من إطلاق جهاز أبل الجديد «آي باد»، لأنها تدرك العلاقة التكاملية بين تسويق الكتاب والحاضنة التي تعرضه، وتجعله صالحا للاستخدام.

بقيت نقطة أساسية، لابد من توضيحها وهي عدم تمييز البعض منا بين النسخة المرنة (Soft Copy) من الكتاب، ونسخته الإلكترونية (ecopy) فبينما تعني الأولى تحويله من النسخة الورقية إلى هيئته الإلكترونية مثل ملفات معالجات الكلمات من نمط وورد (Word)، أو بي دي إف (PDF File)، تعني الثانية نسجه إلكترونيا (Weaving)، كي يتمتع بكل الوظائف التي توفرها إمكانات هذا النسج، مثل الربط النطاط (Hyper link)، والربط مع المنصات الإلكترونية، محلية كانت (Intranet)، أم عالمية (Internet).

وبالتالي فلن تبدأ عمليات إنتاج الكتاب بعد أن ينتهي المؤلف من وضع لمساته الأخيرة على المخطوطة، بل ستنطلق لحظة بدئه في تدوين الفقرة الأولى منها، لتتواصل بعد ذلك مع مرحلة معالجة النص فهرسة داخلية، وربطا بين موضوعاته ومواد أخرى خارجية، مع كل ما تتيحه آليات الإنتاج الإلكتروني من مرونة في التعامل مع مختلف المواد من نصوص وصور وأصوات.

يتكامل كل ذلك مع الإمكانات الأخرى التي تضعها النسخة الإلكترونية وفي المقدمة منها القدرة على الترجمة من لغة إلى أخرى، والتي وصلت دقتها في اللغات الغربية، وفي المواد العلمية منها على وجه الخصوص إلى ما هو أعلى من 90 في المئة.

القضية الأكثر إثارة عند الحديث عن الكتب الإلكترونية، وخاصة تلك التي يتم تحميلها مباشرة من موقعها على الإنترنت مثل أمازون، هي أنها باتت اليوم أرخص ثمنا من تلك الورقية أو حتى تلك المخزنة على الأقراص المدمجة، وهذه قضية تفتح المجال واسعا أمام انتشار النسخ الإلكترونية قبل سواها من النسخ الأخرى على المستويين الزمني والجغرافي.

ولا يملك من يتابع تطور هذه الصناعة في دول أخرى - لن نقول الغربية فحسب - إلا أن يلتفت نحو السوق العربية، كي يقيس أين وصلت هذه الصناعة فيها مقارنة بالأسواق العالمية.

سيصاب ذلك المتابع بأكثر من خيبة أمل لأنه سيكتشف، وبمرارة شديدة، أنها ماتزال في المراحل الطفولية من هذه الصناعة، فباستثناء مجموعات صغيرة جدا من كتب الأطفال، ومعظمها تسيطر على مواده التوجهات الدينية الطقوسية، يصعب الحديث عن شكل ملموس للكتاب الإلكتروني العربي. بل إننا ما نزال نجد أن بعض دور النشر العربية العريقة، غير قادرة على التخلص من دورات إنتاج الكتاب التقليدية، بغض النظر عن بعض الشكليات التي طرأت على المراحل الأولية من دورة صناعة الكتاب لديها، مثل اشتراطها استلام المخطوطات من المؤلف في إحدى الهيئات اللينة مثل «وورد».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2768 - الأحد 04 أبريل 2010م الموافق 19 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:53 م

      أســــــواق الشرق ... لاهية في غفلتــــــها

      وذاك – الغرب - يبني العلم في بحثه *** وذا يضيع الوقت في نظرته ، ، إلا أن أمازون تخسر حرب أسعار الكتب الإلكترونية أمام ناشرو الكتب الإلكترونية "ماكميلان" "سايمون آند سوستر" و"هاربر كولينز" ،ويذكر أن "أمازون" يحتاج إلى الاحتفاظ بأكبر عدد من الناشرين بجانبه، مع تزايد احتمال عرض الكتب على موقع خاص بجهاز "آي باد" المنافس . كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض

    • زائر 1 | 11:02 م

      التطهير قبل التكنولوجيا والتطوير

      شكرا مجددا للأستاذ عبيدلي ، وننوه بأن التطهير يأتي قبل التطوير حيث أن حديثي النعمة بالوظيفة الإدارية أساؤوا للعمل المهني وأهدروا أموال الدولة على كوبونات للجامعات الخاصة لأشخاص فاقدي أهلية الأداء وفي ظل أجواء كهذه تتنامي الأعمال الغير مناطة بالعمل المهني وتبرز العاطفة والعلاقات الحميمة على أولولويات مصالح العمل وبلغت أحد الدورات القصير أكثر من 20ألف دينار وكوبونات الجامعة نراوحت بين 30 -25 ألف د.ب والمسيئين لا يزالون بعيدين عن قبضة العدالة..مع تحيات (ندى أحمد)

اقرأ ايضاً