العدد 2769 - الإثنين 05 أبريل 2010م الموافق 20 ربيع الثاني 1431هـ

الأفكار تموت أيضا (1 - 2)

إغناثيو رامونيت - مدير «لوموند ديبلوماتيك - إسبانيا» 

05 أبريل 2010

الأفكار تموت أيضا. وتكتظ مقبرة الأحزاب ببقايا تنظيمات أشعلت المشاعر وألهبت الجماهير ثم وقعت طي النسيان.

فمن يتفق في أوروبا على الراديكالية في يومنا هذا، بعد أن كانت واحدة من أهم القوى السياسية (الوسط - اليسار) على مدى المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر؟. وأين ذهبت»الأناركية» والشيوعية الستالينية؟.

وما الذي حدث لتلك الحركات الشعبية الجبارة التي عبأت ملايين العمال والمزارعين والريفيين؟. هل كانت مجرد موضة عابرة؟.

تقف الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية الآن على حافة القبر جراء كل ما تنازلت عنه وتراجعت بشأنه بل وهجرته، فيبدو أن دورتها الحياتية قد أوشكت على الانتهاء.

بيد أن ذلك يحدث في وقت تجتاز فيه غريمتها الأزلية -الرأسمالية المتناهية في الليبرالية - إحدى أسوأ مراحلها.

فكيف يمكن إذن أن تحتضر الديموقراطية الاجتماعية بينما تنغمس الرأسمالية متناهية الليبرالية في أزمة قاسية؟ الرد واضح؛ لأن الديمقراطية الاجتماعية عجزت عن توليد الحماس الشعبي الواجب، وذلك نتيجة لضعف استجابتها للمشكلات الاجتماعية الملحة القائمة. فتتلمس الديمقراطية الاجتماعية زعامتها دون بورصة أو نظرية، دون تنظيم أو أفكار، دون مذهب أو توجه، ودون هوية، وهذا أدهى وأدل.

الديمقراطية الاجتماعية كانت تنظيما افترض أنه أشعل ثورة، لتنصرف عنها فيما بعد. كانت حزب العمال، لتنحسر اليوم كحزب لطبقة حضرية متوسطة ومرتاحة.

لقد دللت الانتخابات الأخيرة على أن الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية لم تعد تعرف كيف تجذب ملايين الناخبين، أولئك الذين يقعون ضحية عالم ما بعد التصنيع الوحشي الذي أحضرته العولمة.

إنهم أولئك الملايين من العاملين «القابلين للاستعمال لمرة واحدة»، والفقراء الجدد في الضواحي، والمهمَّشين، والمتقاعدين حتى لو كانوا في سن العمل، والشباب المعرضين للخطر، وعائلات الطبقة المتوسطة المهددة بالعوز، وعامة كل الفئات التي أتت صدمة النيوليبرالية باللعنة عليها.

في منظور كل هذه الملايين، لم تعد الديمقراطية الاجتماعية قادرة فيما يبدو على تقديم رسالة أو حل. وأعطت الانتخابات الأوروبية في يونيو/ حزيران 2009، مؤشرا واضحا على حالها الكارثية.

فقد تقهقرت غالبية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية الحاكمة تقهقرا مدويا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نظيراتها المعارضة، وخاصة في فرنسا وفنلندا؛ إذ عجزت عن إقناع المصوتين بأن لديها رد على التحديات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على غرق سفينة الرأسمالية. ودليل آخر على فشل الديمقراطيين الإجتماعيين في تبني منظور مختلف عن منظور قيادة الإتحاد الأوروبي، ما قدمه رئيسا وزراء إسبانيا، خوسيه لويس ثاباتيرو، وبريطانيا، غوردن براون، من دعم مخز لانتخاب جوزيه مانويل باروسو - السياسي متطرف الليبرالية - كرئيس للمفوضية الأوروبية.

العدد 2769 - الإثنين 05 أبريل 2010م الموافق 20 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً