العدد 2772 - الخميس 08 أبريل 2010م الموافق 23 ربيع الثاني 1431هـ

عندما نبني وآخرون يهدمون البناء!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ذكرت لنا إحدى الأمهات قصّتها مع فلذة كبدها، عندما بنت حلمها كل يوم من مرارة الحياة في بيت الزوجية، وتبعته بتعليم الابن الألف والباء والتاء، على رغم الأمراض التي اعتصرت جسدها، وقاومت الإعصارات الحياتية من قروض وديون من أجل الابن، وفي النهاية وبعد التعب ورحلة الشقاء، قام أصدقاء له في الحي الذي تقطنه المرأة بإقناع ابنها وهو في سنته الأخيرة إلى ترك الدراسة والعمل من أجل المال.

الآمال التي استندت عليها طوال هذه السنين ذهبت وتلاشت، حلم إكمال الدراسة أو على الأقل المرحلة الأخيرة من التعليم العام ذهب هباء منثورا، بسبب صبية هدموا ما بنته الأم طوبة طوبة.

بعد مرور 7 سنوات يقتنع الابن بالحصول على شهادة الثانوية وإكمال الدراسة، ولكن بعد ماذا، بعد أن أكل المرض جسد أمّه من الهموم التي بلعتها بسبب قراراته الطائشة، وماذا يفيد الآن، فعندما كان يانعا شابا صغيرا وفّرت له المبالغ للدخول في معترك الجامعات، والآن بعد ذهاب القوة يطالب الأم بتحفيزه وإنهاء أوراقه الرسمية اللازمة للدخول مرة أخرى.

لم تنتهِ الفرصة بعد للبدء من جديد، ولكن تحطّم حلم الأم حتى عندما نطق الابن بالرجوع، لم تكن الفرحة مكتملة، فلقد غرق هو الآخر في الديون والزواج والأبناء، وعلى رغم إصرار الابن لم تصر الأم هذه المرّة، فالصورة التي رسمتها خرجت عن الإطار الصحيح لها، وما الفرحة إلا له الآن وليس لها!

أمّ أخرى تقول بأنّها السبب وراء عدم إكمال ابنها الدراسة، فهو الابن الوحيد للعائلة، وطلب الحصول على رخصة السيارة، وهو في المرحلة الأخيرة من دراسة الثانوية العامة بتقدير جيد جدا مرتفع، وقامت بإقناع الأب لتوفير الرخصة له، وبعد «الواسطات» يتعلّم الابن السياقة، وتبدأ المشكلة بالحصول على الرخصة والحصول على سيارة، وتنتهي بعراك مع حارس المدرسة على موقف السيارة، ويقرّر عدم المواصلة، لا لشيء إلا لأنّ رجولته وفحولته انخدشت ولا مصير لإرجاعهما إلا التوقّف عن الدراسة.

حاول الأب إرجاعه عن قراره وحاولت الأم بعبراتها الخانقة وصوتها الحنون عدْله عن رأيه الخاطئ، ولكنّه أبى وواصل المسير، وحاول الدخول في «بزنس» وخسر، ومن ثمّ أخذَ يضغط على أمّه من أجل المال، وأبقى فشله شمّاعة على كاهل أمّه العجوز، وإلى الآن يسير في الطرقات كديك البرابر بلا حرج ولا عمل، عالة على أهله ومجتمعه.

القائمة طويلة، ومشكلات الآباء أطول ولا أحد بيده الحق أن يطالب الأبناء بعدم الخروج من الدراسة مع أنّها إلزامية في مملكة البحرين، ولا يعرف الآباء كيف يستطيع أحد هدم ما يبنونه في سنين طويلة.

فهل تقرّر وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مجلس شئون الوزراء عدم حصول الشباب على وظيفة ما أيّا كان نوعها بدون الحصول على الثانوية العامة؟ حتى لا يقع أبناؤنا في مشكلات سببها عدم اتخاذ القرار الصحيح في السن غير المناسب لذلك!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2772 - الخميس 08 أبريل 2010م الموافق 23 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 9:11 ص

      الى اين يمضي بنا الزمن ؟

      هل يمكننا ان نحصر اجابات هذه التساؤلات في كلمة واحدة ؟
      التجنيس !!
      الذي طالما هدم كل ما يملكه الشاب من الطموح والأمل !!!
      الله كريم

    • زائر 6 | 1:57 م

      زائر 4 كفيت ووفيت ولكن..

      نعم، تعليق الزائر 4 في الصميم، ولكن آحب آبشرك أخوي إنك ما بتلاقي أي جواب حق أسئلتك، ومحد بيفهمك اللي طلبته، لأن هاذي لغز إيحير.

    • زائر 4 | 5:37 ص

      خلنا نفهم!!!!!!!

      اشلون تريدون من أولادنا ايصرون على الدراسة وهم ايشوفون المجنسين يطلعون من الاعدادي ويوظفون مباشرة في الداخلية ويبنون لهم الشقق بكل سهولة ويتزوجون بينما المواطن الأصلي يرزح تحت البطالة والفقر والديون وهو يحمل الشهادات، فهمونا يا عالم؟

    • زائر 3 | 1:27 ص

      الغوة!!!

      لايحمل الشهادة الاعدادية! وين تشتغل؟ في الغوة!! اللبيب يفهم.

    • زائر 2 | 12:36 ص

      ننصح أبنائنا الطلبة بأن لا يكون قدوتهم "الجلف" الذين يوظفون في العسكرية وهم همج أميّون

      فهل تقرّر وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مجلس شئون الوزراء عدم حصول الشباب على وظيفة ما أيّا كان نوعها بدون الحصول على الثانوية العامة؟ حتى لا يقع أبناؤنا في مشكلات سببها عدم اتخاذ القرار الصحيح في السن غير المناسب لذلك!

    • زائر 1 | 11:25 م

      تقرر ماذا!!

      وزاره التعليم تتعاون مع مجلس الوزراء!! اصلا هم لا يهتموا بلمواطنين وعندما يتفوق الطالب المواطن الاصلى فكأنما هى حسره عليهم..كثير من الطلبه كانوا متفوقين ف فتره التسعينات ولم يستطيعوا اكمال الدراسه بسبب عدم حصولهم على منحه دراسيه والحكومه ارادت ان يكون المواطن ساذجا غير مثقف لكي لا يطالب بحق له فى يوم ما!!!
      الى كل مجنس كل خير تحصده من هذا البلد حرااااام

اقرأ ايضاً