العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ

أهلا «هبيبي»

فاطمة الحجري comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

جريا على ما تعلمناه في المدرسة، حاولت ذات يوم أن أُعرف ابني ذا الأربعة أعوام على شرطي صادفناه على الطريق منتظرا الحافلة التي ستقله إلى القلعة. كنت أنوي حينها أن أعلم ابني - كما علّموني - أن الشرطي يحافظ على الأمن ويقدّم الحماية، لكن الصاعقة كانت في أول ما نطق به ذاك الشرطي ردا على تحية ابني، إذ قال له: «أهلا هبيبي»، وهو يقصد بذلك حتما: «أهلا حبيبي».

وقتها احتبست بداخلي ابتسامة شريرة، وانسحبت بهدوء مؤثِرة عدم التعليق. رحت أفكر في حال الصورة النمطية التي نحتفظ بها في عقولنا الكبيرة - الصغيرة لرجال الأمن، وسألت كيف يمكن أن نجمّل الصورة في عيون أطفالنا والواقع المرّ يجرّدها من أيّ جمال؟.

سريعا جرّني ذاك الموقف العابر إلى موقفٍ حدث لي إبان الأزمة السياسية في منتصف التسعينات، كنت وأمي في طريقنا إلى محل لتصميم الأزياء في منطقة السنابس، استوقفنا رجال مكافحة الشغب كما كانوا يفعلون مع جميع السيارات في القرى الساخنة، لأغراض التفتيش. كادت أمي أن تتجمد خوفا بمجرد سؤال رجل الأمن عن وجهتنا، ومن أين جئنا؟ والمضحك المبكي أنه وبمجرد أن عرف أننا قادمتان من مدينة عيسى غيّر تعامله على الفور ولم يكمل مهمة التفتيش. أفسح لنا الطريق وقال: «تفضل يا الشيخة»، حتى خلت نفسي قادمة من البيت الأبيض لا من مدينة عيسى.

والمفارقة، أن ذاك المكافح للشغب لم يكن يعلم أن ملفا ثقيلا من منشورات سياسية كان لا يبارح سيارتي وباقي أوراقي، إذ إن منشورات حركة أحرار البحرين كانت تصل حتى إلى أحلامنا ومناماتنا لا إلى مكاتبنا فحسب. ولو أنه تعامل بالمهنية الأمنية المطلوبة لقادني إلى «أبوزعبل» بدلا من أن يفسح لي الطريق للعبور ويمنحني رتبة «الشيخة»...!

كل تلك المواقف التي صادفتني كما صادفت المئات غيري - مع تغير يطرأ على سيناريو المواقف - تنهض الآن بالتزامن مع تصريحات وزير الداخلية الجديد الذي وعد أو ما وعد بتغيير الصورة النمطية لجهاز الأمن والسعي إلى بحرنة القطاع، حتى يوفّر علينا ترحيبا من طراز «أهلا هبيبي» ويجبرنا على تعليم أبنائنا إبداء الاحترام والثقة برجال الأمن من دون أن نخنق ابتسامتنا الشريرة

إقرأ أيضا لـ "فاطمة الحجري"

العدد 644 - الخميس 10 يونيو 2004م الموافق 21 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً