العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ

أهداف إعادة إثارة موضوع التعددية في العمل النقابي

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

منذ أيام نشرت صحافتنا المحلية خبرا عن نية بعض أعضاء المجلس النيابي التقدم باقتراح بتعديل قانون النقابات رقم 33 للعام 2003 بحيث يسمح بما يسمى بالتعددية النقابية. وكان صوغ الخبر يوحي ببراءة ناقله وبسلامة نية وتوجه الجهة أو الجهات المتبنية لهذا الاقتراح. والموضوع سبق طرحه وبالذات خلال العام 2002 وبدايات العام 2003 وكتبت حينها مقالا يفند الحجج التي تقدم بها أصحاب المشروع وبينت كيف أن التعددية كشعار هو حق وانما أريد به ومن وراء رفع والتلويح به باطل. وأذكر وخلال الندوة التي شاركت فيها المستشار النقابي لاتحاد النقابات العمالي محمد المرباطي والتي نظمتها جمعية المحامين انه كان من المتبنين والداعين لهذا الطرح، إذ عزز في تلك الندوة ما سبق ان طرحه في أكثر من مناسبة منها على سبيل المثال الندوات التي نظمها نادي الحالة خلال شهر رمضان العام 2001.

لكن دعونا وقبل ان نفند الأهداف من وراء تجدد طرح الموضوع وخطورة نتائجها على الحركة النقابية العمالية، ونبين الأسباب الحقيقية من وراء تبني تيارات سياسية وترويج احدى الصحف المحلية لهذا المشروع، ان نستعرض بعض الأرقام الخاصة بالقوى العاملة البحرينية وتصنيف شرائحها المختلفة.

1- حجم القوى العاملة في البحرين والمسجلة في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة لصندوق التقاعد بحسب تعداد العام 2001 هو 308,341 منهم 127,121 بحرينيا و181,220 وافدا.

2- حتى الآن عضوية النقابات البحرينية محصورة في العمالة البحرينية.

3- حجم القوى العاملة في القطاع الحكومي والذي منعه التعميم الصادر من ديوان الخدمة المدنية من ممارسة حقه الشرعي في تنظيم نفسه نقابيا هو في حدود 35,500، إذ يشمل ذلك القوى العاملة الاجنبية في هذا القطاع. ويذكر أن هذا القطاع وعلى رغم تشكيل أربع نقابات له لم يبلغ عدد المنضوين تحتها الا في حدود 509 من العاملين في البريد والصحة والكهرباء والماء والداخلية والبريد. ولا يمكن التكهن بموقف باقي القوى العاملة أو لومها على ترددها في ظل تعميم ديوان الخدمة المدنية وتوجه السلطة التنفيذية إلى التراجع عن السماح لها بممارسة حقوقها الدستورية والحال النفسية التي أفرزتها ثلاثة عقود من البطش وقطع الأرزاق والاعتقال والتشريد في ظل قانون أمن الدولة.

4- إن قسما لا يستهان به من القوى العاملة البحرينية في القطاعين الخاص والعام هم في الاساس اما عاملين في تخصصات مهنية كالمهندسين والأطباء والمحامين وغيرهم أو هم في سلم الدرجات العليا والوظائف الاشرافية التي من مهماتها تمثيل صاحب العمل والدفاع عن مصالحه لا مصالح العاملين لديه.

5- بحسبة بسيطة فإن المتبقي من العاملين البحرينيين الذين يحق لهم الانتساب للنقابات العمالية في القطاع الخاص 50 إلى 60 ألفا من العمال وصغار الموظفين موزعون على الكثير من المؤسسات والشركات العامة والخاصة الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

6- كما أن عدد المنتمين لعضوية النقابات سواء القطاعية كالمصارف والموارد البحرية أو نقابات الشركات والمؤسسات يصل إلى 10,301 عضوا موزعين على 40 نقابة مؤسساتية أو قطاعية.

7- هناك اعداد من العاملين المبعثرين بين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي لا تستطيع بسبب عددها وضعف موقفها التفاوضي بالمقارنة بأرباب العمل ان تمارس حقوقها في تشكيل منظماتها النقابية وتوحيد جهودها للمطالبة بحقوقها أو الحفاظ على مكتسباتها، ناهيك عن حمايتها من الفصل التعسفي والاستغلال.

ولتوضيح دلالة هذه الأرقام لابد لنا أن نشير إلى فقر ومحدودية المعرفة والاطلاع والمرجعية التي ساهمت بشكل اساسي في تحديد هيكلية العمل النقابي والتي تاهت واتاهت من خلال توصياتها النقابات العمالية واتحادها. فهناك نقابة لطيران الخليج كشركة ونقابة للمضيفين الجويين وهي نقابة لمهنة ضمن قطاع السياحة والسفر، إلى جانب نقابة السياحة والسفر وهي نقابة قطاعية شبيهة بنقابة قطاع المصرفيين! ولو تم تشكيل النقابات على اساس القطاعات الانتاجية لأصبحت هذه النقابات الثلاث جزءا من نقابة السياحة والسفر. ولساهم ذلك في تعزيز قدراتها التفاوضية والدفاع عن مصالح أعضائها وحمايتهم. بل ولمكن ذلك العاملين في الشركات الصغيرة أو التي بها عدد محدود من القوى العاملة البحرينية على الانتساب إلى نقابة القطاع من دون الحاجة إلى تطبيق الاشتراطات المنصوص عليها لعملية تشكيل نقابات المؤسسات والشركات. ونعود ونذكر مدعي الخبرة والمعرفة والاطلاع انهم لو استمعوا وناقشوا وجهة نظرنا التي كررناها منذ نهاية العام 2001 بشأن ملاءمة نقابات القطاعات الانتاجية والتخصصية للبحرين لما احتاجوا لا إلى تعديل القانون ولا إلى إلغاء التعميم الإداري الذي يمنع تشكيل النقابات في وزارات الدولة ومؤسساتها إذ سينتسب العاملون فيها مباشرة للنقابات القطاعية التي يندرجون تحت مسمياتها. بل والتبس الأمر على تلك المرجعية لدرجة اصرارها على أن ينضم المهنيون كالمهندسين والأطباء وغيرهم لنقابات الشركات التي يعملون بها من دون مراعاة لتخصصاتهم أو نقاباتهم المهنية التي يجب ان تشكل فيما بينها ما اصطلح على تسميته باتحاد النقابات المهنية.

لذلك وفي ظل مثل هذه الأوضاع فإن أي طرح أو ترويج للتعددية النقابية في البحرين ومن دون الوصول إلى حلول مناسبة للاشكالية في هياكل الحركة النقابية العمالية التي أوجدها قصر نظر مرجعيات وخبراء الاتحاد ابان فترة اعداد النظام الاساسي والهياكل النقابية، لابد أن يكون اساسها ومنطلقها ليس فقط شق الحركة النقابية العمالية ووأدها وهي مازالت في بدايات تبلورها، وانما كذلك محاولة لإضفاء الشرعية على التجمعات التي تحاول خلقها وتكريسها قلة ممن فشلوا في نيل ثقة القاعدة العمالية وانكشفت محاولاتهم للتسلط والتسييس والاستفراد داخل النقابات المنتسبين إليها. ونحمد الله ان الكثير من الفعاليات النقابية التي انجرفت لفترة محدودة وراء هذه الحملة المنظمة، قد وعت وانتبهت لما يريد البعض جرها إليه.

نعود ونكرر ما قلناه وكتبناه سابقا ومنذ العام 2001 باننا نريد ان نفهم ما المقصود بالتعددية النقابية؟ فاذا كان المطروح نشوء أكثر من تنظيم نقابي لتمثيل المهنة نفسها أو القطاع العمالي، فهذا ليس في صالح لا الحركة النقابية ولا الحركة العمالية خصوصا في ظل حجم وكثافة توزيع القوى العاملة البحرينية في مواقع وقطاعات الانتاج المختلفة. فذلك سيضعف قدرتها التفاوضية ويشتت جهودها ويضيع مصالحها. بل انه غير مقبول في النقابات المهنية المتخصصة كنقابات الأطباء والمهندسين وغيرهم، إذ ستكون النقابة مسئولة بالتعاون مع الجهات المختصة عن اصدار تراخيص مزاولة هذه المهنة وتنظيمها. فعلى الذين يطالبون بهذه التعددية ان يشرحوا لنا ما هي الفوائد التي ستعود على الحركة العمالية والنقابية من جراء الاخذ بها ومقارنة ذلك بسلبياتها.

والتعددية النقابية مبدأ ديمقراطي عام اريد به باطل. الباطل الذي نقصده هنا هو محاولة بعض من انكشفت مطامعهم وطموحاتهم في شق وتفتيت الحركة النقابية والعمالية وخلق ازدواجية واضعاف الحركة النقابية العمالية. وبعيدا عن البحث عن الأهداف الحقيقية والجهات التي وراء هذا المطلب، فإن على الحركة العمالية والنقابية عموما رفضه ومقاومته والتصدي له فهو مرفوض شكلا وجوهرا

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً