العدد 659 - الجمعة 25 يونيو 2004م الموافق 07 جمادى الأولى 1425هـ

وسطية الإسلام بين الفكر والممارسة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يعقد «منتدى الوسطية للفكر والثقافة» في العاصمة الأردنية عمّان في الفترة من 26 إلى 28 يونيو/ حزيران مؤتمرا فكريا على مستوى دولي، يشارك فيه مفكرون ومهنيون وناشطون في شتى المجالات في محاولة لصد الهجمة التي تحاول تشويه صورة الإسلام فكرا وممارسة، حتى أصبح المسلمون يربطون بالارهاب والقتل والبشاعة.

المؤتمر يهدف إلى إبراز الطابع الإسلامي المنطلق من مفهوم الوسطية الإسلامية في مجالات الحياة المختلفة من خلال العرض الفكري والتاريخي والشرعي لها، كما يهدف إلى إجراء حوار بين النخب الفكرية الإسلامية وغيرها عن هذا المفهوم. ويحاول المؤتمر توضيح صورة أخرى للإسلام والمسلمين في الغرب، كما يحاول توضيح صورة الغرب لدى المسلمين ومحاولة لفهم أفضل يتخذ من الحوار الحضاري نهجا. والهدف الطموح الآخر الذي يسعى إليه المؤتمر هو تكوين رأي عام إسلامي ودولي.

تكوين الرأي العام من أصعب الأهداف التي تحتاج إلى عوامل قوة، وهذه العوامل وليدة ظروفها في بعض الأحيان، كما انها وليدة لتخطيط متكامل، فالفكر الذي ينتشر في كثير من الأوساط الاسلامية والذي يطلق عليه عنوان: «السلفية» لم يأتِ من فراغ، وانما ساعدت على تكوينه وتطويره الحوادث التي مر بها العالم الإسلامي.

«السلفية» كفكرة ينتمي إليها معظم قادة الحركة الإسلامية في العصر الحديث، وهي متنوعة وليس لها إطار واحد فقط. فعندما انتبه العالم الإسلامي إلى انه أصبح متخلفا والمستعمر الأوروبي يدمر الدولة العثمانية وكل الوجودات الإسلامية الأخرى، انبرى مفكرو الأمة للرد على التحدي، بعضهم أعلن ان الحل في تقليد الغرب والتخلي عن الدين في كل شيء، وهذا ما حصل بين الاتراك الذين قادهم مصطفى كمال اتاتورك، آخرون وجدوا امكان التوافق بين الحداثة الأوروبية والأصالة الإسلامية وحاولوا أسلمة مفاهيم متطورة لدى الغرب، فأصبحت الشورى هي الديمقراطية، وأهل الحل والعقد هم أعضاء البرلمان، والبيعة هي الانتخاب، وصحيفة المدنية هي الانموذج الدستوري... الخ. وتصدر الامام محمد عبده وآخرون هذا الاتجاه وحاولوا انقاذ العالم الاسلامي، الا انهم عجزوا عن مواصلة الدرب بعد ان تعقدت الأمور كثيرا، أما الاتجاه الثالث فكان يدعو إلى العودة إلى الجذور وإلى السلف وإلى العصر الذهبي الإسلامي الذي مثلته الخلافة الراشدة وبعض الفترات الاسلامية الأخرى. وتصدر هذا الاتجاه رشيد رضا وبعد ذلك تلميذه الامام حسن البنا الذي اسس الاخوان المسلمين.

الاتجاه السلفي (بشكله العام) يحتوي على إناس كبار، وقد برز مولانا أبوالأعلى المودودي كأحد أهم المنظرين في العالم الاسلامي، وبعد ذلك كان سيدقطب المفكر الاسلامي الذي سيطر بنهجه على الأوساط الاسلامية بكل أنواعها. وحتى الثورة الإسلامية الإيرانية لديها الكثير من نهج سيدقطب، بل ان خطب قادة الثورة عندما تتم ترجمتها من الفارسية الى العربية لا تختلف كثيرا عما ورد في عبارات ومصطلحات أسسها سيدقطب في كتابه «معالم في الطريق».

ومفهوم «ولاية الفقيه» يقترب كثيرا من مفهوم «الحاكمية» الذي تحدث عنه سيدقطب كثيرا، بل يكاد يكون النسخة الشيعية منه.

بعد استشهاد سيدقطب خرجت الحركات الجهادية التي دعت إلى احياء ركن الجهاد على أساس انه أحد أركان الاسلام التي نسيها المسلمون. فالاركان ليست فقط الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج، وانما الجهاد ركن مكمل وانعدام وجوده هو انعدام للأركان الأخرى. وعلى أساس هذا التفسير تتفرع الحركات السلفية الجهادية التي يجب عليها البحث عن هدف للجهاد ضده أو من أجله.

لكي تنطلق أفكار أخرى موازية ومكملة (فليس بالضرورة ان تكون مناقضة) لما أصله سيدقطب وغيره من المفكرين المسلمين، فاننا بحاجة الى تفسير قرآني يوازي في قوته تفسير في «ظلال القرآن» للسيدقطب، وبحاجة الى طرح ديناميكي يوازي ما طرح في المئة سنة الماضية التي عاش فيها المسلمون تحت الاستعمار والاستحمار.

اننا بحاجة الى مفكرين واثقين من أنفسهم يطرحون طرحا يعيد الثقة للمسلمين ومن دون الحاجة الى التطرف في فهم النصوص الشرعية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 659 - الجمعة 25 يونيو 2004م الموافق 07 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً