العدد 660 - السبت 26 يونيو 2004م الموافق 08 جمادى الأولى 1425هـ

«الوسط» تنشر الورقة «الأمنية الفلسطينية» بخصوص المبادرة المصرية

حسين دعسه comments [at] alwasatnews.com

حصلت «الوسط» على ما سميّ فلسطينيا: النص الكامل للورقة «الأمنية الفلسطينية بخصوص التعامل مع المبادرة المصرية» التي أكدت مصادر دبلوماسية في العاصمة الأردنية (عمّان) أنها قدمت الى الجانب المصري «وبعض» الدول العربية الأخرى لدراستها.

وأشارت المصادر الى أن السلطة الفلسطينية، كي تتمكن من تحمل مهماتها الأمنية عند تنفيذ الانسحابات التي تتضمنها خطة شارون، قررت توحيد الجهود الأمنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية ووضعها تحت قيادة موحدة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنسيق عملها من خلال غرف عمليات مركزية في رام الله المحتلة وغزة، وغرف عمليات فرعية في المدن والقرى الأخرى.

وأكدت الورقة، وهي إحدى ورقتين ثانيتهما سياسية تم تسليمها لمدير المخابرات المصرية عمر سليمان، ضرورة الضغط على «إسرائيل» لرفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات. وقالت إن نقطة الانطلاق الأساسية لوضع حد للمواجهات اليومية، وما ينتج عنها من زيادة تعقيد الأوضاع وتضييع الوقت هي إعلان وقف مشترك غير مشروط لإطلاق النار يهيئ للعودة إلى تنفيذ ما ورد في مشروع «خريطة الطريق».

غير أن الأهم من كل ما ورد في الورقة الأمنية هو ما لم يرد فيها لجهة المرجعية التي ستتبعها الأجهزة الثلاثة حسبما أثارته مصادر إعلامية فلسطينية وعربية متوافقة في الرأي. وأشارت الى ضرورة الاتفاق الأمني، وإبقاء الورقة السياسية طي الكتمان مرحليا ولحين الانسحاب الجدي من غزة، إذ غفلت ذلك كليا، ما يعني بقاء مرجعية عرفات على حالها، بالضد من المقترحات والضغوط الأميركية - الإسرائيلية، وكذلك العربية، التي تريد اتباع هذه الأجهزة لوزير داخلية جديد أقوى المرشحين لشغله اللواء نصر يوسف، الذي يطالبون أن تكون مرجعيته رئيس الوزراء. وهنا نص الورقة الأمنية الفلسطينية:

«بناء على الموافقة غير المشروطة للسلطة الوطنية الفلسطينية على خطة خريطة الطريق وقرارها بالعمل على تنفيذ ما ورد فيها من الالتزامات، باشرت السلطة الوطنية الفلسطينية تنفيذ خطة إصلاح الأجهزة الأمنية التي وضعها مجلس الأمن القومي على الشكل الآتي:

- العمل على توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في إطار ثلاثة أجهزة تمارس مهماتها تحت قيادة واحدة، هذه الأجهزة هي:

- جهاز الأمن الوطني.

- جهاز الأمن العام.

- جهاز الأمن السياسي.

أولا: يقوم جهاز الأمن الوطني بحماية الحدود والشواطئ والمياه الإقليمية والموانئ والمطارات والفضاء الخارجي، كما يقوم بأعمال الدفاع المدني وأعمال الانقاذ عند وقوع حوادث وكوارث عامة أو كوارث طبيعية، كما يقوم بالمساعدة على تعزيز الأمن الداخلي عند الحاجة.

ثانيا: يقوم جهاز الأمن العام بالأعمال الشرطية كاملة من تأمين النظام العام وسيادة القانون، وتنفيذ الأحكام القضائية والعدلية، وحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقتنياتهم، وحماية المؤسسات العامة والدوائر الرسمية، واشاعة جو من الطمأنينة والشعور بالأمان.

ثالثا: يقوم جهاز الأمن السياسي بالعمل على تحقيق الاستقرار السياسي وفق المهمات المنوطة به من مكافحة العنف والارهاب وأعمال التجسس، والمساعدة على تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين المعابر الدولية بالتعاون مع جهاز الأمن العام.

تشمل إعادة الهيكلة: إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية لكل جهاز بما يشمل حجم القوات وبنيتها الداخلية وتسليحها وتجهيزها وتحديثها وتحديد مهماتها ونوعية تدريبها ومستواه، وانتشارها في الأراضي الفلسطينية.

كما تشمل إمكان تسمية قيادات جديدة للأجهزة الثلاثة تتمتع بالكفاءة والسيرة الحميدة والايمان بالسلام والتعايش السلمي.

ولكن، ونظرا إلى الظروف الراهنة والتطورات الدراماتيكية التي استجدت بعد اعلان خطة خريطة الطريق لم تتمكن السلطة الوطنية الفلسطينية من استكمال تنفيذ خطة إصلاح الأجهزة الأمنية وهيكلتها، وذلك بسبب ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من تدمير للبنية التحتية لتلك الأجهزة، وتدمير مقراتها ومصادرة معداتها وأسلحتها، ومنعها من القيام بمهماتها الأمنية المقررة.

لقد جرى ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه أجهزة الأمن الفلسطينية في إطار الحصار العام الذي تفرضه بشكل دائم لتلك القوات على المناطق والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وفي ظل القيود التي وضعتها على حركة المواطنين الفلسطينيين وبضائعهم ومنتجاتهم، وما تمارسه عليهم من إهانات وعرقلات، بالإضافة إلى ما تمارسه من الأعمال العسكرية في المناطق الفلسطينية واستخدامها للقوة الزائدة وقيامها بأعمال الاغتيال المنهجي وتدمير منازل المواطنين في أماكن مختلفة ومصادرة الأراضي وتدمير المزروعات والاستمرار بالتدمير المنهجي للبنية التحتية الفلسطينية.

لقد زادت أعمال بناء الجدار الفاصل من صعوبات الأوضاع الفلسطينية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لما تسببت به من مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية وتدمير للمزروعات، واقتلاعها للأشجار، وما نجم عن مسار الجدار من حصار للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإغلاقه عددا كبيرا من الطرق الرئيسية، وفصله أراضي زراعية عن أصحابها ومصادر المياه عن التجمعات السكانية التي تعود لها.

بعد إعلان شارون خطته للانفصال أحادي الجانب ونيته بحسب هذه الخطة الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وبعض مناطق الضفة الغربية، ونظرا إلى وصول عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة إلى حال الجمود، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية، وبحسب خطة من مجلس الأمن القومي الفلسطيني بإعادة تنظيم مؤقت للأجهزة الأمنية الفلسطينية على الصعيد الميداني بهدف العمل على استعادة السيطرة الأمنية تدريجيا في المناطق الفلسطينية على رغم استمرار الاحتلال، ولمواجهة أية مواقف سلبية قد تنجم عن الانسحابات المفاجئة للقوات الإسرائيلية غير المنسقة مع الجانب الفلسطيني، ولتتمكن السلطة الفلسطينية من تحمل مهماتها الأمنية عند تنفيذ تلك الانسحابات، تشمل إعادة التنظيم التكتيكي هذه توحيد الجهود الأمنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية ووضعها تحت قيادة موحدة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنسيق عملها من خلال غرف عمليات مركزية في مدينتي غزة ورام الله المحتلة، وغرف عمليات فرعية في المدن والقرى الأخرى. هذا وسيعود العمل لاستكمال الهيكلة للأجهزة الأمنية بحسب الخطة المعتمدة فور الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية.

لقد حققت إجراءات إعادة التنظيم المؤقت تقدما ملحوظا ونجاحات مهمة في الشهرين الماضيين على صعيد الأمن الداخلي، وفي ضبط حال الفلتان الأمني، ومنع العمليات الانتحارية، والعودة التدريجية للحضور الأمني الرسمي الفلسطيني واستعادة السيطرة الفلسطينية الأمنية وتحقيق النظام العام، ولقد ساعد على ذلك ما اتخذته حركة فتح (كبرى الحركات السياسية الفلسطينية) من خطوات جدية لمساندة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على الصعيد الشعبي في إنجازها مهماتها الأمنية.

يذكر، ولإنجاح خطتي العمل السياسي والأمني، لابد من الضغط على «إسرائيل» لرفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات لتمكينه من الحركة الحرة غير المقيدة في المناطق الفلسطينية ومنها وإليها، والتوقف عن توجيه الاتهامات الإسرائيلية الباطلة له لتبرير الاستمرار في عزله ولإبقاء الأوضاع كما هي عليه الآن، قلقة وغير مستقرة، وحتى تبقى «إسرائيل» تعمل لوحدها بإبعادها للشريك الفلسطيني. هذا مع تأكيد أن رفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات سيساعد حتما على تحقيق التهدئة العامة وإعادة ضبط الأمور والتمهيد لاستعادة الثقة المتبادلة الفلسطينية - الإسرائيلية والعودة إلى مائدة المفاوضات في مناخ ايجابي لما يتمتع به الرئيس الفلسطيني من مكانة واحترام في اوساط الشعب الفلسطيني.

إن نقطة الانطلاق الأساسية لوضع حد للمواجهات اليومية وما ينتج عنها من زيادة تعقيد الأوضاع وتضييع للوقت، هي في إعلان وقف مشترك غير مشروط لإطلاق النار إذ يمكن بعد ذلك العودة إلى تنفيذ ما ورد في خطة خريطة الطريق. وفي هذا الإطار يجب أن يلتزم الطرفان بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بالتوقف التام عن القيام بردود الفعل في حال وقوع بعض الحوادث المنعزلة، وذلك لتعزيز وقف إطلاق النار ولايجاد أجواء ايجابية تمهد لعودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي شريكين كاملين إلى مائدة المفاوضات في جو من الثقة والالتزام والاحترام.

وفي مجال وقف إطلاق النار ترحب السلطة الوطنية الفلسطينية بوجود طرف مراقب ثالث موثوق به من الطرفين وبالتنسيق مع اللجنة الرباعية لمتابعة الأوضاع بعد اعلان وقف إطلاق النار ولتعزيز هذا الوقف واستمراره، ولايجاد المناخ الملائم لعودة التنسيق الأمني المشترك الفلسطيني الإسرائيلي، تمهيدا للعودة إلى المفاوضات ولكسب الوقت وإنجاز خطة خريطة الطريق في الوقت المحدد لها.

يشار هنا إلى أن إنجاز الموضوع الأمني يحتاج إلى تعاون من «إسرائيل» بقيامها بتنفيذ التزاماتها كاملة، حسبما ورد في خطة خريطة الطريق، وتوقف قواتها عن ممارساتها في الأراضي الفلسطينية ضد الشعب الفلسطيني، واتخاذها قرارا حقيقيا بوقف الاستيطان وتجميد توسيع المستعمرات القائمة والعمل على انهاء الاحتلال الذي مضى عليه ما يقارب الأربعين عاما، وإدراكها أن السلام هو أفضل وسيلة لتحقيق الأمن».

وكان الوزير المصري شدد خلال زيارته السابقة لرام الله المحتلة على ضرورة وجود ثلاثة أجهزة أمنية هي الأمن الوطني والأمن السياسي ووزارة الداخلية (الأمن العام)، واعتبر أنه وجد علامات مشجعة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بخصوص وضع حد لحصار الرئيس الفلسطيني.

وتتكون الخطة المصرية التي نقلها سليمان لعرفات وشارون في زيارته السابقة من ثلاث مراحل هي، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في وقت سابق:

المرحلة الأولى: تبدأ بجولة سليمان وتستهدف الاتفاق على الضمانات الكفيلة بتنفيذ الخطة من جانب كل طرف مع التزام صارم بعدم وقوع أية انتهاكات، ووضع برنامج زمني لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.

المرحلة الثانية: تتضمن البدء في الانسحاب من غزة وتفكيك المستعمرات بما فيها المستعمرات الثلاث في الضفة الغربية.

المرحلة الثالثة: عودة إلى مائدة التفاوض بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وفي اطار تنفيذ خريطة الطريق. وتوقعت أن يبدأ التنفيذ العملي لمراحل الخطة أو للإجراءات التمهيدية اللازمة لها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وإلى جانب تأكيد الوزير سليمان ضرورة منح صلاحيات إضافية لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية أحمد قريع (أبوالعلاء)، فإنه اقترح كذلك اسماء محددة للاختيار من بينها من يتولى قيادة الأجهزة الأمنية الثلاثة بعد توحيدها: العقيد محمد دحلان، اللواء نصر يوسف، اللواء صائب العاجز، اللواء عبدالحي عبدالواحد، العقيد محمد الهندي، وابقاء العميد جبريل الرجوب في موقعه الحالي مستشارا للرئيس لشئون الأمن القومي، ما يعني الإطاحة بجميع قادة الأجهزة الأمنية الحاليين الموالين لعرفات، والمدانين بالفساد.

وكانت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس طالبتا بعدم تقديم السلطة الفلسطينية أية التزامات أمنية مقابل الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة، فيما يطالب قادة وكوادر ومناضلو كتائب شهداء الأقصى، وغيرها من الفصائل المقاتلة المنبثقة عن حركة فتح بأن يشاركوا في الحوار الوطني الفلسطيني، وأخذ رأيهم في القضايا المصيرية، مع ملاحظة أن الحوار الفلسطيني - الفلسطيني سيبدأ هذه المرة، وفقا لما حددته القاهرة منتصف الشهر المقبل، وبعد اتفاق السلطة تفصيليا مع «إسرائيل» من خلال مصر على الوضعين الأمني والسياسي، بما من شأنه وضع الفصائل الفلسطينية الأخرى أمام الأمر الواقع، وجعل مهمة الحوار المقبل احتواء الخلافات والتباينات التي ستنشأ عن إقرار المبادرة المصرية، بدلا من التحاور على صوغ موقف موحد منها

العدد 660 - السبت 26 يونيو 2004م الموافق 08 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً