العدد 662 - الإثنين 28 يونيو 2004م الموافق 10 جمادى الأولى 1425هـ

النواب والدجاجة التي تبيض ذهبا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

حتى نكون حذرين يجب أن نفهم طريقة اللعبة السياسية... فالسياسة لا أمان منها، ولكن هذا لا يعني ألا نكون واعين لها... في ظل الواقع الموجود يجب أن نركز على وعي الأمور وألا نخلط الأوراق. هناك بعض المتمصلحين من إبقاء الأخطاء والتجاوزات والمفاسد الماضية ويهمهم كثيرا أن يكفر الناس بالديمقراطية، فيجب ألا نخلط في الأمر. ما حدث اليوم - من كوارث فضائحية وإخفاقات سواء لملف التقاعد والتأمينات والتجنيس وآخرها فضيحة «تقاعد الوزراء» - يُراد منه توصيل رسالة إلى الناس أن البقاء على الوضع السابق أيام عزف أمن الدولة ورقصة الأحذية الثقيلة أفضل ألف مرة مما نعيشه اليوم... هناك توجه خفي وأصابع ليلية تعمل على أن توصل الناس إلى الكفر بالتجربة الديمقراطية ومن أجل أن يفقد الناس ثقتهم بأية عملية تصحيح حقيقية، وهذه نقطة يجب الانتباه إليها. على الناس أن يلوموا أنفسهم في اختيارهم نوعية المترشحين وأن يقوموا بحرق تلك المعايير المذهبية أو الحزبية وإلقائها في البحر وليفكروا جليا فيمن سينتخبونه مستقبلا فأخطاء الحرية أفضل ألف مرة من كل مزايا الاستبداد، كما يقول أديبنا الكبير مصطفى أمين. العتب يقع جزء منه على البرلمان، فهو يحتاج إلى صلاحيات أكثر، وجزء آخر من اللوم يقع على النواب وخصوصا من أجهضوا عمليات سحب الثقة ووقفوا وقفة طرزان مدافعين عن التجنيس والآن هم يهرولون نحو التقاعد الذهبي من أجل السباحة في عسل التقاعد الوزاري... كل أملنا أن توفق المعارضة مع السلطة في إدخال المعارضة إلى ساحة الملعب البرلماني، وأتمنى ألا تلتف السلطة على عمليات التغيير، لأن حضور المعارضة في ملعب البرلمان لصالح السلطة لتخفيف الاحتقانات الخارجية ولكي يكون الصوت مرتفعا تحت قبة البرلمان بدلا من قبة مجلس العموم البريطاني، فالسلطة بحاجة إلى كسب المعارضة وعلى رغم ذلك أعتقد أن هناك من سيلقي طعوما كيدية على طريقة الاشتغال والانشغال لإدخال المعارضة في قفص الخروج من البرلمان مرة أخرى، وبذلك يكسب المتمصلحون من خروج المعارضة كاملة من البرلمان... أعتقد أنه يجب أن تقدم السلطة جزءا من التنازل هذه المرة بإزالة عقبات المشاركة من قبيل معالجة بعض المواد الدستورية واستبدال اللائحة الداخلية للمجلس (القلب الاصطناعي) وألا تتكئ كثيرا على ما تمتلكه من قوة واقعية، القوة السياسية والاقتصادية... لأن حشر المعارضة في زاوية المقاطعة أحرجت الاثنين، فالسلطة في البرلمان أضعفت كل الملفات الكبيرة، وغياب المعارضة ساهم في دخول نواب يعيش غالبيتهم ضعفا بل إن بعضهم إلى الآن ليس له صوت ولا يرى إلا لماما، كما أحرجت المعارضة بتكدس الملفات المعيشية التي تحتاج إلى مترافعين أقوياء، علما أن المتضررين من ذلك غالبيتهم من القواعد الشعبية الداعمة للاستحقاقات الديمقراطية... وذلك لا يمكن أن يتأتى إلا عندما نكون في قلب الأمور.

إن تنازل السلطة سيوفر عليها وقتا كثيرا وستربح سمعة كبرى، وستتحول منابر المعارضة إلى منابر داخل البرلمان، وحركتها وخطاباتها ومشروعاتها تحت قبة البرلمان، وبذلك ستوفر على نفسها مغبة كل الإشكالات التي حدثت في الخارج واعتبرتها السلطة منغصة للانفتاح السياسي، بل سيقلل ذلك من الاحتقان، وعلينا أن نحذر هذه المرة من مغبة وضع كل البيض في سلة واحدة لأنه مكلف سواء بالنسبة إلى المعارضة أو السلطة.

عودا على بدء، أعتقد أن «التقاعد الوزاري» الذي سال لعاب بعض النواب له كان مسك الختام للدورة الحالية، وهو بمثابة رصاصة الرحمة التي قضت على البقية الباقية من الرصيد، وعلى الناس أن تفكر مليا في انتخابات 2006 وأن تجعل الحاكم - في اختيار من سيترشح من هؤلاء النواب في السنوات المقبلة - ملفات التقاعد والتأمينات والتجنيس وآخرها التقاعد الوزاري، ولتحكم في الأمر بعيدا عن لغة المذهب أو الطائفة أو الجمعية، يجب أن نركز على الجانب الوطني في الموضوع... من سيخدم الناس؟ من يفكر في الوحدة الوطنية؟ إن هناك ملفات ساخنة ومؤرقة. لقد أتخمونا موضوعات وقضايا: «علاوة بشت»، «كتابة ابن أو سعادة قبل النائب»، «قيادة المرأة السيارة»، «البرقع»، «محاكمة صدام»، «علاوة مكتب»، «تقاعد وزاري»، «توقيف المواكب»... وهكذا.

ويبقى السؤال: أين هم من المستندات التي طُرحت عن ملف التقاعد والتأمينات؟ أين هم من ملف الأوقاف؟ أين هم من ضياع البحر؟ أين هم من كوادر الموظفين في الوزارات؟ أين هم من محاسبة التجاوزات التي تحدث هنا وهناك؟ أين هو البعد الرقابي في أدائهم؟ أين هم من ملفي التمييز والتجنيس؟ لماذا لا يطالبون ديوان الخدمة المدنية بنشر أسماء المترشحين للوظائف في الوزارات في الصحافة أسوة بالكويت وغيرها؟

أقول للناس: فكروا جيدا في من ستنتخبون... قلتها سابقا: الخسارة في التأمينات والتقاعد كانت خسارة لكل الشعب، ولكن للأسف صمت الناس عن ذلك. أتمنى على الناس أن يقرأوا الصحافة الكويتية، ويروا كيف يتعاطى النواب بشتى أطيافهم مع القضايا وليقيسوها على واقعنا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 662 - الإثنين 28 يونيو 2004م الموافق 10 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً