العدد 687 - الجمعة 23 يوليو 2004م الموافق 05 جمادى الآخرة 1425هـ

ضوابط الصمت

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مرة أخرى نجرب حظنا مع قانون الصحافة رقم 47 لسنة 2002، ويُصدر على أساس القانون وزير ووكيل وزارة الإعلام مذكرات إلى رؤساء تحرير الصحف اليومية المحلية يأمرانهم بعدم التطرق إلى موضوعٍ من الموضوعات بناء على طلب من النيابة العامة. «الصمت» له ضوابط لكي يصبح له معنى نافع وإلا فإنه ينقلب إلى حال دكتاتورية.

في بريطانيا كانت هناك مطالبات بالصمت ولكن يحدث ذلك ضمن ضوابط. فمثلا، كان هناك أحد البريطانيين الداعين الجنود إلى ترك عملهم في شمال إيرلندا، ودعوته مُنعت من التنفس إعلاميا في نهاية السبعينات، وأيدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حينها ذلك القرار، لأن انهيار النظام الأمني الذي يشرف عليه الجيش يعني حدوث أمور كارثية للناس في شمال إيرلندا.

ولكن عندما شرعت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر في الثمانينات قانونا يحرّم بث صوت قادة الأحزاب الإيرلندية المتهمة بمساندة التمرد في شمال إيرلندا، فإن الصحافة والمجتمع المدني البريطاني رفضا ذلك وتحديا القانون وطالبا بتغييره، وفعلا تم تغييره لاحقا.

الصمت يجب أن يكون إلى مدة محددة وعن أمور محددة، وأن يكون خاضعا لرقابة البرلمان، وأن يشرف عليه القضاء المستقل، وألا يكون بيد السلطة التنفيذية، وإلا فإن ذلك يتحول إلى ما كان عليه قانون أمن الدولة الذي أنهك البحرين والبحرينيين ولم ينفع أحدا في النهاية.

التزاما بالقانون الجاري سريانه فإننا سنلتزم الصمت عن الموضوع الذي أشارت إليه ثلاث مذكرات وصلت إلينا، اثنتان من وزارة الإعلام وواحدة من النيابة العامة. ولكننا نود أن نتقدم بالبحرين إلى الأمام، فأكثرنا آمن بضرورة التعاون والتنازل من أجل دفع مسيرة الإصلاح والمساهمة في رفعة شأن البحرين، ونعتقد أن الإصلاح - حتى لو كان مزعجا بعض الأحيان - أفضل من أجواء الصمت المظلمة.

الصمت المطبق يُوجد حاليا في القبور، حيث لا أنفاس ولا إزعاج لأن الجميع ميتون. الحياة خارج المقبرة مزعجة أحيانا، ولكن الإنسان المتحضر يرتب أوضاعه الحياتية بحيث يستمتع بها من دون الحاجة إلى تحويل الحياة إلى ممات.

إننا لسنا مع تحشيد الشارع ضد الدولة، وإننا ضد تهييج الأوضاع بما يعرقل الحياة العامة، وإننا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وإننا ساهمنا ونساهم بكل إخلاص في تقريب النفوس بين مختلف الفئات، وإننا من الذين آمنوا بالعمل السياسي المشروع من داخل النظام، وإننا من أجل كل ذلك طالبنا ولانزال نطالب بإزالة مخلفات الحقبة الماضية التي انعدمت فيها حلاوة الحياة الإنسانية.

ولذلك، فإننا نطالب بأن يخضع الصمت لإشراف القضاء، ونطالب النواب بممارسة دورهم الرقابي، وإذا كانوا عاجزين عن تعديل قانون الصحافة - منذ أن وعدت القيادة السياسية بذلك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 الماضي - فإنهم غير عاجزين عن تشكيل لجنة لكي لا يشعر الناس بالإحباط.

ومع إيماننا بنزاهة الذين يسعون إلى إدارة دفة الأمور ضمن ضوابط لكي لا تنفلت الأوضاع، فإننا نؤمن أيضا بأننا معنيون بالمشروع الإصلاحي، ويجب أن نشعر بأننا في أمان من القرارات التي لا تخضع لإشراف قضائي أو لا تلتزم بضوابط واضحة أو لا تخضع لرقابة البرلمان. فغدا ستحتاج الحكومة إلى الصحافة لكي تتحدث، والصحافة يجب أن تكون مستقلة لكي يصدّقها الناس

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 687 - الجمعة 23 يوليو 2004م الموافق 05 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً