العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ

قانون "الدلالة" في العقارات

في مناسبة انتخاب أول مجلس إدارة لجمعية البحرين العقارية

يوسف الهاشمي comments [at] alwasatnews.com

إن خبر انتخاب أعضاء أول مجلس إدارة لجمعية البحرين العقارية في اجتماع الجمعية العمومية للجمعية يفتتح بواكير نشاطها الذي تستهدف تنظيم مهنة الدلالة والارتقاء بشروط ممارستها ورعاية مصالح الأعضاء ومكاتبهم وتعزيز مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى وضع أخلاقيات وميثاق شرف لمزاولي المهنة للحد من سلبيات ومعوقات التعامل القائمة حاليا واتساعه الثقة والطمأنينة للأطراف المتعاملة بالسوق العقاري كافة طبقا لما هو منشور بالملحق الاقتصادي لاحدى الصحف المحلية الصادرة بتاريخ 9/7/4002 والذي تبعه الخبر المنشور بتاريخ 12/7/4002 والمتضمن نبأ أول اجتماع للجمعية لتوزيع المناصب الإدارية والذي يصدره عنوان "تطهير السوق من السماسرة غير الرسميين". ونحن إذ نزف التهنئة لهذه الجمعية الوليدة ونبارك لمجلس إدارتها الثقة التي خطوا بها من قبل أعضاء الجمعية نرى أن هذا الخبر يستدعي إلى الذهن الشأن القانوني المتعلق بالمهنة محط اهتمام الجمعية، ما يتعين معه عرض قانون تنظيم مهنة الدلالة وابرز المشكلات القانونية التي تتعلق بهذه المهنة. ولاشك في أن مهنة الدلالة في العقارات مهنة لها عراقتها في البحرين فقد عني بها المشرع منذ ما يقارب سبعين عاما إذ صدر في 22 ديسمبر/ كانون الأول 4391 الإعلان رقم 23/3531هـ والمسمى قانون الدلالين وتلاه قانون احدث نسبيا هو المرسوم بقانون رقم "12" لسنة 6791م بتنظيم مهنة الدلالة في العقارات، واشتمل هذا القانون على "81" مادة تناولت تعريف مهنة الدلالة، وشروط مزاولتها، وإجراءات الترخيص لها، وأجور الدلال لكل نوع من المعاملات العقارية، وجواز تخفيض تلك الأجور من قبل المحكمة، وشروط استحقاق الدلال لأجره، وما يجب على الدلال مسكه من السجلات، والعقوبات المنصوص عليها على كل من يزاول مهنة الدلالة من دون ترخيص أو يجمع بين الدلالة والوكالة، ومن ثم العقوبات التأديبية على كل مخالفة أخرى لقانون الدلالة واللجنة المختصة بإيقاع تلك العقوبات التأديبية، وأنواعها.

انعدام حماية الدلال من منافسة الغير:

يلاحظ أنه وعلى رغم التعريفات الواردة في المادة "1" من قانون تنظيم مهنة الدلالة في العقارات على أن الدلالة هي الوساطة والسعي في إبرام العقود الواردة على العقارات المبينة وغير المبينة وعلى رغم ما ورد في المادة "2" من القانون ذاته على عدم جواز مزاولة مهنة الدلالة في العقارات إلا بترخيص من وزير العدل والشئون الإسلامية وعلى رغم أيضا مما نصت عليه المادة "31" من ذات القانون على عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تتجاوز خمسمئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من مارس مهنة الدلالة من دون ترخيص يصدر بذلك طبقا لأحكام القانون. إلا أن كل ما سبق لا يشكل أدنى حماية للدلالين من المنافسة من قبل الغير ممن يقوم بالسعي والوساطة في إبرام العقود العقارية، أي من يقوم بأعمال الدلالة في العقارات من دون ترخيص، فجميع تلك المواد السالفة الذكر لا تحقق أية حماية لمزاولي مهنة الدلالة من منافسة الغير وليس هذا رأيا شخصيا بل متابعة لأحكام قضائية صادرة في دعاوى بين ملاك أو مدعى عليهم رفعت دعاوى ضدهم من قبل مدعين يطالبون بأجور دلالة وسعي نظير عقود عقارية توسطوا في إبرامها على رغم عدم حصولهم على ترخيص بمزاولة مهنة الدلالة وعلى سبيل المثال نورد بعض فقرات من احد الأحكام الحديثة التي تؤكد ما ورد أعلاه. فقد ورد في الحكم الصادر بتاريخ 8/3/4002 في الطعن رقم 123/3002 من محكمة التمييز وهي أعلى محكمة في السلم القضائي، وقد تمسك المدعى عليه - المالك - بما ورد في المادة "3" من قانون تنظيم الدلالة في العقارات من اشتراط توافر رخصة الدلالة التي لا تصدر إلا لبحريني الجنسية المقيم فيها وذلك طبقا لما ورد بهذا الحكم، والذي نورد فقرات منه كما يأتي: "وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك انه تمسك بعدم أحقية المطعون ضده فبالمطالبة باجر الدلالة بغرض قيامه بها لأنه أجنبي الجنسية وغير مرخص له بذلك ما يجعل قيامه بهذا الفعل معاقب عليه جنائيا إلا أن الحكم اطرح هذا الدفاع بان مخالفة المطعون ضده للقانون لا ينفي أحقيته في المطالبة باجر الدلالة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه". وقد ردت محكمة التمييز على ذلك النعي بما يأتي: "وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك أن ما يمنعه المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 6791 بتنظيم مهنة الدلالة في العقارات وجعله محرما معاقبا عليه هو مزاولة مهنة الدلالة في العقارات بغير ترخيص فلا يجوز لشخص أن يتخذ الدلالة مهنة له ويزاول الوساطة والسعي في إبرام العقود الواردة على العقارات سبيلا معتادا للكسب ما لم يكن مرخصا له بذلك - أما فعل الوساطة ذاته في تلك العقود فإنه عمل مشروع لا يحرمه القانون ولا يتعارض مع النظام ولا يتعارض مع النظام العام أو الآداب والاتفاق عليه لا ينطوي على عوض غير مشروع فهو عقد صحيح منتج لإثارة، ومن ثم فان النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير صحيح ويتعين لذلك رفضه". وبالوقوف مليا أمام ما قرره الحكم من أن المقصود بالتحريم هو مزاولة مهنة الدلالة وليس فعل الوساطة في ذاته الذي لا يتعارض مع النظام العام ولم ينص القانون على تحريم هذا الفعل إذ إن نص المادة "2" من القانون المذكور أعلاه نهى عن مزاولة مهنة الدلالة ولم ينه عن الدلالة كفعل وساطة وان ورد تعريف كلمة الدلالة في المادة "1" من القانون ذاته على انها الوساطة والسعي في إبرام العقود الواردة على العقارات المبينة وغير المبينة بما يتبين منه أن المواد المتعلقة بالعقوبات في القانون المذكور سنت لمعاقبة الدلال مزاول المهنة ولم تسن لحمايته طبقا لما كشف عنه حكم محكمة التمييز الوارد آنفا. ويتعين لمعالجة هذه المشكلة ولا --------- الحماية القانونية على مهنة الدلالة ومنع غير المرخص لهم بمنافسة الدلالين المرخصين احد حلين، فإما أن ترجع محكمة التمييز عن اجتهادها المذكور وان تحرم كل من يقوم بفعل الوساطة العقارية من دون ترخيص من أية أتعاب وذلك على اعتبار أن القانون نظم هذه المهنة وحرم مزاولتها من دون ترخيص وخصوصا أن نصوص قانون تنظيم مهنة الدلالة تحمل مثل هذا الاجتهاد على إنها الوساطة والسعي ونهى بعد ذلك في المادة التي تليها عن مزاولة مهنة الدلالة من دون ترخيص. أما الحل الثاني فهو حل تشريعي بأن يتم تعديل قانون تنظيم مهنة أدلالة بحيث يتضمن من النصوص ما يحرم غير المرخص لهم بمزاولة مهنة الدلالة من القيام بأية أنشطة في الوساطة والسعي وان يحرم القانون من مزاولة أفعال الوساطة والسعي في إبرام العقود العقارية من أية أتعاب قد يطالب بها.

مخالفة بعض أعراف مهنة الدلالة للقانون:

من المتعارف عليه أن الدلالين يتقاضون أجرا على وساطتهم في عقود الإيجار التي يرمونها وقدرها ما يساوي إيجار شهر للعقار موضوع الوساطة، وقد تعمقت هذه الممارسة وترسخت إلى درجة اكتسبت معها شرعية جعلت الدلالين يطالبون بهذا القدر من الأجر من دون أية غضاضة، كما أن المتعاملين معهم وهم عادة ملاك العقارات يدفعون هذا الأجر من دون أية معارضة، بل بلغ الأمر إلى حد أن الدلالين وغيرهم من الوسطاء طالما أن دعاواهم مقبولة طبقا لما ورد أعلاه - يرفعون دعاواهم القضائية مطالبين بهذا القدر من الأجر، والاغرب من كل ذلك أن غالبية المحاكم تجيبهم إلى طلباتهم، وذلك كله يحدث على رغم صراحة نص المادة "5" من قانون الدلالة والتي قررت انه لا يجوز للدلال أن يتقاضى أجرا يجاوز في الإيجار نسبة 3 في المئة من قيمة الأجرة عن مدة عقد الإيجار أو عن سنة كاملة أيهما أقل، وغير عن البيان أن هذا النص جاء في صيغة آمرة لا يجوز مخالفتها ولا محل للقول بوجود قاعدة عرفية في هذا الخصوص - على رغم ما خطت به هذه القاعدة من احترام الجميع بما فيهم المحاكم - وذلك تطبيقا لقاعدة تدرج القواعد القانونية التي وردت في نص المادة "3" من المرسوم بقانون رقم "31" لسنة 1791 بشأن تنظيم القضاء والتي نصت على انه "إذا لم يجد القاضي نصا تشريعيا يمكن تطبيقه، يستنبط أصول حكمة من مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، فأن لم يوجد حكم شرعي طبقت قواعد العرف". وتصدت محكمة التمييز البحرينية لهذه المخالفات القانونية والتي اعتاد عليها الجميع فقررت في أحكام كثيرة لها قصر اجر الدلال - أو الوسيط - في تلك النسبة التي حددها القانون وهي 3 في المئة من قيمة عقد الإيجار طبقا للتفصيل الوارد أعلاه، وحسبنا أن تشير إلى ما ورد في الحكم الصادر ذاته في الطعن رقم 123/3002 أن ورد فيه ما يأتي: "وإذ إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك انه أيد الحكم المستأنف فيما قضي به من عمولة الدلالة حال انه وبغرض استحقاق لها فإنها وفقا للقانون لا تتجاوز -/0441 دينارا ويتعين قسمتها على طرفي العقد". وإذ إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة السابعة "صحتها المادة الخامسة" من المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 9791 "وصحته 6791" بشأن تنظيم مهنة الدلالة في العقارات تمنع تقاضي الدلال أجرا عن وساطته أيا كان مسماه يجاوز النسب التي حددتها، وإذ كان مؤدي ذلك أن اجر الدلال فيما يزيد على الأجر الذي حدده القانون يعتبر عوضا غير مشروع يبطل الاتفاق بشأنه لصالح الملتزم به الذي يحق له طلب تصحيحه بتخفيض الأجر المتفق عليه إلى مقداره القانوني بنسبة قيمة العقد، وإذ كان اجر الدلالة في إيجار العقارات لا يزيد طبقا للمادة السادسة "وصحتها الخامسة" من القانون سالف الذكر 3 في المئة من الأجرة السنوية وكان البيني من عقد الإيجار الذي توسط المطعون ضده في إبرامه أن الأجرة الشهرية هي أربعة آلاف دينار فيكون اجر الدلالة المستحق عنه هو -/0441 دينارا، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم المستأنف الذي ألزم الطاعن بمبلغ يزيد على ما سلف يكون قد اخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه في هذا الخصوص". وعلى رغم الأخطاء التي وردت في الحكم المذكور في ذكر المادة الصحيحة وسنة إصدار القانون فإنه قرر بأنه لا يجوز أن يكون اجر الدلال أكثر من النسبة المحددة في القانون والتي يتعين أن يلتزم بها الدلالون فيما يتقاضون من اجر على عقود الإيجار بحيث لا تتجاوز نسبة 3 في المئة من قيمة الإيجار عن مدة عقد الإيجار أو عن سنة كاملة أيهما أقل، علما أن هذا الأجر ينقسم مناصفة على طرفي العقد الذي توسط في إبرامه الدلال ويكون المتعاقد مسئولا تجاه الدلال عن دفع الأجر المستحق عليه إلا إذا وجد اتفاق كتابي على غير ذلك - وليس اتفاقا شفويا أو بحكم العادة - وذلك تطبيقا لنص المادة "8" من قانون الدلالة

العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً