العدد 2783 - الإثنين 19 أبريل 2010م الموافق 04 جمادى الأولى 1431هـ

الشرق الأوسط على صفيح ساخن

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت الإدارة الأميركية عن عزمها على إجراء تخفيض كبير على الأموال «المخصصة لدعم الديمقراطية في مصر، يصل إلى 50 في المئة تقريبا».

كان يمكن لهذه المسألة أن تمر دون أن تلفت الانتباه، بل كان من غير المستبعد حصر تحليلها في تأرجح العلاقة بين البلدين، أو محاولة واشنطن لي ذراع القاهرة لإجراء بعض الإصلاحات السياسية وهذه الأخيرة على أبواب الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن يبدو أن هناك ما هو أكثر اتساعا من الدائرة المصرية – الأميركية الضيقة، إذ تشير تطورات الأحداث ذات العلاقة بالمنطقة إلى أن هناك مساعي جادة من قبل الكثير من الأطراف للإسراع في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، يمكن رصدها في التطورات التالية:

1. تراجع، وليس إقفال، الملف النووي الإيراني خطوات إلى الخلف على الصعيدين الإعلامي والسياسي، منذ إنهاء القمة الدولية حول الأمن النووي بواشنطن، ونظيرتها في طهران خلال الأسبوعين الأخيرين، تكشف عنه تصريحات مثل تلك التي أدلى الناطق الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي مايكل هامير يوم 18 أبريل/ نيسان، حيث قال «إن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بعث الشهر الماضي برسالة، لم يفصح هامير عن مضمونها، الى نظيره الأميركي باراك اوباما». أو التصريحات الأخرى التي أسر بها وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لصحيفة «نيويورك تايمز»، وجاء فيها أن «الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية فاعلة لمواجهة البرنامج النووي الإيراني».

يترافق ذلك مع إعادة بعض وسائل الإعلام الغربية للتقرير الأميركي الصادر في أواخر العام 2007، والذي نص على «أن إيران كان لديها خطة لتطوير قنبلة نووية، لكنها أوقفتها العام 2003 ثم لم تستأنفها في أواسط العام 2007، وان الولايات المتحدة تجهل ما إذا كانت إيران تنوي حاليا تطوير سلاح نووي». يدفعنا نحو الميل بذلك التراجع بشأن هذا الملف، تلك اللهجة اللينة التي باتت تسيطر على تصريحات المسئولين الأوروبيين، بمن فيهم الروس المؤكدة على مواصلة الجهود «بحثا عن حلول سياسية دبلوماسية للقضية الإيرانية» .

2. تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل يومين، لصحيفة «وول ستريت»، الأميركية، التي أكد فيها، أن «الثقة السياسية غير موجودة مع الإسرائيليين»، محذرا من احتمال قيام حرب جديدة في المنطقة إذا «تعثر استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ولم يتم تحقيق تقدم في عملية السلام»، منوها إلى «الأخطار الكبيرة، على المدى البعيد، التي سيواجهها العالم في حال فشل مشاريع السلام»، وموجة ردود الأفعال داخل إسرائيل عليها، من قبل مسئولين مثل وزير العمل بنيامين بن اليعزر الذي اعتبر «تصريحات الملك عبد الله تعبر عن الأجواء السائدة في ظل توقف عملية السلام، (ورغم انه)، لا يتوقع حربا، (لكنه يرى أنه)، إذا لم تستأنف المفاوضات سيخسر الجميع». هذه التصريحات المتبادلة تحمل في طياتها أجندة مشروعات يجري إعدادها للمنطقة.

3. التناقض الشديد الوضوح في السياسة الإسرائيلية، فبينما يرد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك على تصريحات العاهل الأردني بأنه «لا مبرر لقيام حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط الصيف القادم، وأن إسرائيل لا تنوي البدء بأي حرب في الوقت الراهن»، مضيفا، بغض النظر عن صدقه فيما يقوله بأنه «يجب تسليم الفلسطينيين زمام الأمور عاجلا أم آجلا، وبأنه ستكون هناك دولة فلسطينية في المستقبل شاء من شاء، وأبى من أبى»، تنقل صحيفة «صندي تايمز» اللندنية تصريح وزير إسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه، بان بلاده «ستعيد سورية إلى العصر الحجري من خلال تعطيل محطات الكهرباء والموانئ وخزانات الوقود وكل مكونات البنية التحتية الاستراتيجية إذا ما تجرأ حزب الله على إطلاق صواريخ باليستية ضدنا». هذا التباين الشديد داخل المؤسسة الصهيونية، يعكس صراعا حادا، لابد وأن يكون حول تلك الخرائط الشرق أوسطية التي يعاد رسمها في تلك الدوائر.

4. القمة الفلسطينية – المصرية في مطلع هذا الشهر وتأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس «على ضرورة وقف الاستيطان وأن تعترف إسرائيل بالمرجعية الدولية لاستئناف المفاوضات، وأنه لا اعتراض للفلسطينيين عليها ( المفاوضات) كعملية أو على اللقاءات من حيث المبدأ». لكن المهم في كل ما تناولته تلك القمة، هو ونفى الرئيس المصري حسني مبارك «تلقي إي خطابات أو ضمانات أميركية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل»، مشيرا بالقول إلى «نحن نسمع عن خطابات ضمانات، وحتى الآن لم نراها، ولا اعتقد أننا بحاجة إلى خطابات ضمانات، بل بحاجة إلى أرضية واضحة للدخول في المفاوضات». يعزز من أهمية تلك القمة ما كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية عن «أن هناك تحركات سياسية تجرى لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية عبر وسيط مصري». وقد وصل الأمر ان تؤكد صحيفة «يديعوت أحرونوت» (الإسرائيلية) بأن «المفاوضات مع الفلسطينيين حول التسوية الدائمة ستبدأ خلال شهر وتستمر عامين، مشيرة إلى أن تقارير وردت إلى الحكومة الإسرائيلية تفيد بأن الجانب الفلسطيني بات الآن ناضجا لخوض المفاوضات مع إسرائيل».

5. التصعيد الإسرائيلي في ظروف غير ملائمة للدولة العبرية، على المستويين السياسي والعسكري على قطاع غزة، عندما أعلنت «تل أبيب»، عن «فرض طوق أمني شامل على الضفة الغربية بمناسبة الذكرى الـ 62 لاستقلالها الذي يصادف 20 أبريل/ نيسان الجاري، وأن الطوق الأمني سيستمر حتى منتصف ليلة الأربعاء المقبل، وسيحظر دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل إلا في الحالات الإنسانية الطارئة وبعد التنسيق مع مكاتب الارتباط المدني الإسرائيلي».

مثل هذه التحركات، تضع الشرق الأوسط من جديد على صفيح ساخن، من الطبيعي أن يلسع جهتين: الأولى تلك التي تجهل ان المنطقة برمتها تقبع فوق ذلك الصفيح، والثانية تلك التي تدرك ذلك لكنها اعجز، وربما أجبن من أن تقول كلمتها، وتفضل أن تواصل مسيرتها كمتلقية، بدلا من أن تكون متفاعلة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2783 - الإثنين 19 أبريل 2010م الموافق 04 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:25 م

      خارطة الطريق وتكاتف شرذمة من الحاقدين على ثروات الشرق الأوسط

      الواقع إن الشرق الأوسط محط أنظار شرذمة ولكن الله خير حافظا وإن اللغة العربية أصبحت غريبة على الجيل الصاعد ولكم أن تتصوروا مؤتمر يعقد على مستوى الدول العربية لا ينطق به المشاركين باللغة العربية .. مع تحيات (ندى أحمد)

اقرأ ايضاً