العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ

الآثار البيئية لبركان آيسلندا

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

لاشك أن ثوران البركان الآيسلندي كان سيبقى خبراً صغيراً في وسائل الإعلام لو لم يؤثر على ملايين البشر بسبب وقف حركة الملاحية الجوية وإغلاق بعض المطارات الأوروبية. الهدف من هذا المقال هو التحقيق والتعرف على بعض الآثار البيئية للبراكين بصفة عامة. بداية، السبب الرئيس لإغلاق حركة الطيران هو طبيعة الرماد البركاني فهي أشبه بجسيمات الزجاج الصغيرة بدلاً من الرماد المتخلف من الحريق بعد ملامسة صهارة البركان لطبقة من الجليد في وجود الرياح مما أدى إلى تتطاير جسيمات الزجاج السلكية لمسافات بعيدة. السلطات الملاحية فضلت إغلاق المطارات بسبب وجود احتمال اصطدام هذه الجسيمات بهياكل الطائرات مما سيسبب لها أضراراً جسيمة على محركاتها وأجهزتها الملاحية.

في الواقع فإن هذا السيناريو حدث في العام 1989 في ألاسكا الأميركية حينما توقفت جميع محركات إحدى الطائرات المدنية بعد دخولها في عاصفة الرماد البركاني وكاد الأمر أن يتحول إلى كارثة جوية لكن استطاع قبطان الطائرة من إعادة تشغيل المحركات وإنقاذ الموقف في آخر لحظة لذلك فإن قرار منع السلطات الأوروبية حركة الملاحة مفهوم من ناحية الحفاظ على سلامة ركاب الطائرات.

للبراكين بصفة عامة آثار بيئية ومناخية قد لا تقتصر على المنطقة الجغرافية المحيطة بها بل تمتد لتؤثر عالمياً وهذا يعتمد على قوة البركان. على سبيل المثال، ثورة بركان تمبورا في إندونيسيا في العام 1815 أدى إلى مجاعة في العالم الغربي بسبب تأثير البركان على متوسط درجات الحرارة وعرف ذلك العام بـ «السنة من دون صيف» مما أدى إلى فشل إنتاج المحاصيل الزراعية وبالتالي أثر على الثروة الحيوانية وبالتالي نتج عنه مجاعة في القارة الأوروبية والأميركية الشمالية. الآثار البيئية كالتالي:

أولاً، الغازات المنبعثة من باطن الأرض تحتوي على خليط من الغازات بتركيزات مختلفة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين وكلوريد الهيدروجين وفلوريد الهيدروجين. قوة اندفاع هذه الغازات من الفوهة يختلف من بركان لآخر لكن هذه الغازات قد تصل إلى ارتفاع 16-32 كيلومتر من سطح الكرة الأرضية مما يجعل انتشارها ورحيلها إلى قارات أخرى ممكناً.

ثانياً، تفاعل غاز ثاني أكسيد الكبريت مع الماء لتكوين حمض الكبريتيك وهذا السائل يتكثف في طبقات الجو العليا ليكون هباء (aerosol) كبريتي. هذا الهباء يعكس أشعة الشمس إلى الفضاء مما يخفض درجة حرارة الكرة الأرضية وفي نفس الوقت يمتص الحرارة المشعة من الأرض مما يزيد درجة حرارة طبقات الهواء العليا.

ثالثاً، تساهم الغازات المنبعثة في تكوين المطر الحمضي مما يؤثر على المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والبنى التحتية. رابعاً، ارتفاع تركيز الكلور في طبقات الجو العليا يساهم في تدمير طبقة الأوزون وهو درع الكرة الأرضية ضد الإشعاعات الفضائية. خامساً، انبعاث ملايين الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري. سادساً، قد يسبب البركان انخفاض جودة الهواء في القارة الأوروبية.

الأحداث الماضية بسبب انتصار الطبيعة على الإنسان ومنعه من الطيران لهو عبرة لأولي الألباب.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً