العدد 726 - الثلثاء 31 أغسطس 2004م الموافق 15 رجب 1425هـ

الديمقراطية مزعجة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منصور الجمري

الانزعاج، وأحياناً الرعب يدب في قلوب عدد غير قليل من الناس عندما يسمعون بعض الحديث عن الحقوق، الديمق 

عادت بي ذاكرتي إلى مدينة «غلاسغو» الاسكتلندية (شمال بريطانيا) في العام 1981... كان هناك مسجد للشيعة الباكستانيين، والمسجد عادة مغلق إلا في أيام عاشوراء، وكان الشباب العراقي والخليجي يود استخدامه أسبوعياً لإقامة جلسات تدريس القرآن والقاء المحاضرات وعقد الندوات. الإخوة الجامعيون (من العراق والخليج) أقاموا علاقات مع أبناء المسيطرين على المسجد وأقنعوهم بأن يتسلموا المسئولية من آبائهم لتحريك النشاطات بعد أخذ المفاتيح والملفات وكل ما يتطلبه تسيير نشاط أسبوعي. اقتنع الشباب الباكستاني ولكنهم قالوا إنهم يخافون من آبائهم الذين يسيطرون على كل شيء ويرفضون أي شخص يناقشهم في شأن المسجد. ولكن بعد مداولات وعمل دؤوب من قبل الشباب الجامعي تم اقناع الآباء الباكستانيين بعقد أول اجتماع عمومي لأعضاء الجالية... وهكذا كان اليوم المقرر، اجتمع الآباء والأبناء ومع العراقيين والخليجيين لأول مرة في تاريخ المسجد، وطرح أحد الإخوة العراقيين - اثناء الاجتماع - فكرة الانتخابات، وهو ما لم يكن يتوقعه السكرتير العام ... السكرتير العام كان محرجاً ووافق على ذلك... وبدأت الانتخابات الأولى في تاريخ الجماعة.

الإخوة الجامعيون اتفقوا مع «ابن السكرتير العام» على أن يرشح نفسه، وذلك كان مفاجأة للوالد وللآباء الآخرين... ومع قرب انتهاء تعداد الأصوات وإعلان النتائج، عرف الآباء الباكستانيون أن النتيجة ستكون لصالح أبنائهم وأنهم سيضطرون إلى تسليم المفاتيح وغيرها من الأمور إلى جيل آخر... غير أن السكرتير العام حصل على الفكرة «المنقذة»، اذ حل وقت صلاة المغرب... وفجأة وقف في وسط القاعة وبدأ يؤذن... توقف الجميع... وبعد الانتهاء من الأذان، القى محاضرة باللغة الانجليزية هاجم فيها الناس الذين لا يهتمون بأداء الصلاة في أوقاتها ويودون أن يديروا المسجد (المحاضرة أخذت وقتاً أطول مما لو كان قد سمح بقراءة نتيجة الانتخابات)... ثم أشار إلى الآباء والأبناء وقال لهم: «ليس في الإسلام انتخابات... لدينا واجب ديني فقط... قوموا وأدّوا واجبكم أمام ربكم»... ألغى الانتخابات والاجتماع وصلى بالحاضرين جماعة، ومباشرة بعد ذلك خرج إلى مواصلة البيع في دكانه، وحمد الله أن صلاة المغرب حلت قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات المرعبة والمضرة جداً لموقعه الذي تسلمه منذ أول يوم وصل فيه إلى مدينة «غلاسغو» - أتصور قبل 15 سنة من اليوم المذكور.

ملاحظة 1: كان السكرتير العام يقول إن لديه رخصة مكتوبة لزعامة الجماعة من السيد الخوئي، وحاول كثيرون رؤيتها ولم يفلحوا، وزرته مرة مع بعض الإخوة في منزله ولم نرها، ولكننا حصلنا على وجبة باكستانية لذيذة جداً...

ملاحظة 2: انني شخصيا اقف مع رأي الناس وخيارهم بعد ان يسمح لهم بالاستماع لمختلف الآراء، واذا كان الناس يصوتون لهذه الجمعية او تلك - مهما كنت أختلف او اتفق مع آرائها - فانني احترم الجمعية ورأي جماهيرها ... شريطة ان يكون هناك مجال للرأي والرأي الآخر

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 726 - الثلثاء 31 أغسطس 2004م الموافق 15 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً