العدد 727 - الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ

وجهة نظر أخرى عن قضية الاجهاض

جمعية البحرين لتنظيم رعاية الأسرة comments [at] alwasatnews.com

تعقيباً على تحقيق أجرته «الوسط» ونشرته على حلقتين بتاريخ 16 و17 اغسطس/ آب 2004م، وردنا هذا المقال من جمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة، متضمناً بعض الإيضاحات والتنويه، نعرضه إثراءً للنقاش حول هذه القضية التي تهم الكثيرين.

إن الاجهاض الاحداثي بالتعريف هو واحد من أكبر المسائل الخلافية في العالم سواء من النواحي القانونية أو الدينية أو الاجتماعية وقلما يخلو برنامج انتخابي في أي قطر في الأزمنة المعاصرة من تنظيمات أو شعارات عن هذه القضية ولا تناقش قضية الاجهاض في أي مجلس إلا وحصل استقطاب في الآراء وانقسم المشاركون بين مؤيد ومعارض.

وجوهر الخلاف في هذه المسألة ديني أو أخلاقي ويرتكز عند المعارضين على عدة معطيات.

أولها ان الحياة مقدسة لأنها من صنع الله.

وثانيها ان الجنين كائن حي لا يمكن القضاء عليه لأي سبب من الاسباب، وهذه الفئة تحرم الاجهاض تحت أي ظروف.

أما وجهة النظر المقابلة فإنها تؤيد اجراء الاجهاض في ظروف خاصة كالدواعي الطبية أو عندما تكون حياة الأم في خطر نتيجة لحصول الحمل أو اذا ما تأكد ان الطفل يحمل تشوها لا يمكنه من الحياة أو لاسباب قانونية كجرائم الاغتصاب أو السفاح أو الحمل في المتخلفين عقليا.

وهناك مجموعة ثالثة تؤيد حرية الافراد في اختيار الاجهاض لاسباب اجتماعية أو اقتصادية ويسمى هذا النوع (الاجهاض حسب الطلب) وهذا الاختلاف لا يقتصر على مستوى الاديان وانما حتى المذاهب والفئات الاثنية والاتجاهات السياسية.

أما في المنطقة العربية فقد تمت معالجة القضية من المكتب الاقليمي للعالم العربي لتنظيم الأسرة وعقدت عدة مؤتمرات في المنطقة عن قضية الاجهاض وهنا في البحرين ايضا عقدت ندوة متخصصة عن هذا الموضوع بالاضافة الى الكثير من المقالات الصحافية. والخلاصة ان المشكلة عامة في كل مكان وغير مقتصرة على البحرين وليس لها علاقة بالزنا والفجور فقط بل بالظروف التعليمية والاجتماعية في البلد.

ان احصاءات الاجهاض تختلف من بلد الى آخر ولكنها تفتقر الى الدقة بسبب صعوبة اجراء مثل هذه المسوح، وعلى رغم تعذر الحصول على احصاءات دقيقة عن هذا الموضوع فإن في البحرين مثلا ما يقارب من 15 طفلا غير شرعيا يدخل الى بيت الايتام في كل عام، بالاضافة الى ما يقارب من 15 الى 20 حالة اجهاض تجرى لاسباب طبية والواقع ان هذه أرقام شبه ثابته منذ أمد بعيد ولذلك تشير الى ظاهرة وليس مشكلة آنية.

أما الاسباب فهي في الاساس نتيجة لنقص الوعي الجنسي ونقص المعرفة بمبادئ ووسائل تنظيم النسل بالاضافة الى التفكك العائلي والفقر. والسؤال من هو اذا المسئول عن حدوث الاجهاض؟ والاجابة على ذلك كلنا كمجتمع، إذ لا يمكن طرح اللوم على الممرضات أو الاطباء أو وزارة الصحة فقط حتى لو صح ان بعض الممرضات أو الاطباء قد قاموا بمساعدة بعض النساء على القيام بالاجهاض خارج دائرة القانون، ولكننا ايضا لا يمكن اطلاق الاتهامات جزافا. فاذا كان الكاتب قد توصل الى حقائق ثابته فعليه تبليغ الشرطة لا الكتابة عنها في الصحف أو اتهام وزارة الصحة بالتقصير.

وعلينا كلنا ان ندرك بأن الاجهاض ظاهرة اجتماعية، وطالما توجد قضية غير محلولة، وطالما توجد حاجة ملحة سيلجأ اصحابها الى الطب العام اذا امكن، أو اللجوء الى الدجالين أو اطباء الشوارع الخلفية اذا تعذر عليهم الحصول عليها في المستشفيات أو لم يتمكنوا من السفر الى الخارج لاجرائها أو أسوأ من ذلك محاولة اجرائها ذاتيا، متسببين في مضاعفات قد تصل الى الموت.

ان احصاءات الأمم المتحدة تشير الى موت 500 ألف امرأة سنويا نتيجة لحالات الاجهاض الجنائي، ولهذا السبب قامت منظمة الصحة العالمية بطرح عدة مبادرات طبية في انحاء العالم حتى توفر ما يسمى بالاجهاض المأمون في الدول النامية (أي توفير الاجهاض في المستشفيات وعدم تركه للمحترفين والدجالين).

كما يجب توضيح قضية أخرى، وهي ان مبدأ التصيد في الصحافة (Entrapment) غير مقبول عرفا أو اخلاقيا، وارسال امرأة لتوهم ممرضة في عيادة ان عندها مشكلة وانها فقيرة وانها محتاجة الى اجهاض ليس بالضرورة الطريقة المثلى لتجريم هذه الممرضة، علاوة على ان هذه البينة غير مقبولة قانونيا، واما اتهام بعض الاطباء بالقيام بالاجهاض الجنائي فهي تهمة خطيرة واذا ما كان عند احد دلائل فعليه تسليمها للشرطة للتحقيق.

أما لوم وزارة الصحة على السكوت على مثل هذه الأعمال فغير مقبول ايضا لأن الوزارة لم تصلها شكوى حتى تحقق فيها. وهذه القضايا جنائية من اختصاص الشرطة أو المحاكم.

ان استخدام النصوص القرآنية في طرح هذه القضية يثير كثيرا من الأسئلة ايضا، فعلى الكاتب أولا ان يكون عالما في توظيفه فالشرع الاسلامي كان من أكثر الأديان واقعية بالنسبة الى هذه القضية كما تبين من ردود رجال الدين في المقالين اذ أوضحوا انه على رغم من كراهية اجراء الاجهاض فإنه يمكن ان يتم في ظروف معينة وفي مدد محددة انطلاقا من مبدأ (لا ضرر ولا ضرار) أما توظيف الآيات القرآنية بطرق تأويلية فهذا قد منع عنه الشرع فحكم القتل في الدين يختلف تماما عن حكم الاجهاض اما آية الوأد فتعبر عن شيء معروف عند العرب في الجاهلية وهو القضاء على المواليد وليس الاجهاض. وأخيرا آية «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق» (الاسراء:31) لا تنطبق ايضا على الاجهاض وتداعياته لأن قتل الاطفال أو بيعهم أو توظيفهم في الدعارة يختلف عن الاجهاض في بداية الحمل.

ونحن جمعية البحرين لتنظيم ورعاية الاسرة نتوخى منكم توضيح عدد من الامور وهي ان تقليل حالات الاجهاض الجنائي سواء بين المتزوجين أو غير المتزوجين يمكن ان يتم بنجاح عن طريق ادخال مناهج التربية السكانية والتثقيف الجنسي في المدارس كما هو متداول في جميع انحاء العالم ودمج خدمات تنظيم الأسرة في خدمات الصحة الأولية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين وتخفيف وطأة الفقر.

جمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة

العدد 727 - الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً