العدد 733 - الثلثاء 07 سبتمبر 2004م الموافق 22 رجب 1425هـ

2672 بحرينياً التحقوا ببرامج محو الأمية

في اليوم العالمي

في اليوم العالمي لمحو الأمية، حديث الأرقام يؤكد أن 2672 دارساً ودارسة التحقوا ببرامج محو الأمية وتعليم الكبار لهذا العام، أن نسبة الأمية في البحرين انخفضت لتصل إلى 2,7 في المئة ويبلغ عدد الأميين في البحرين 3436 فردا في الفئة العمرية 10 - 44، وفقا لإحصاءات وزارة التربية للعام 2001. وعلى رغم أن الأرقام تشير إلى أن البحرين تقدمت سريعاً في محو الأمية ، فإن 75 في المئة من الطلبة الذين تم فصلهم من المدارس وعادوا لمواصلة دراستهم في برامج التقوية يفشلون في المرحلة الثانوية.


مع الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية

«الأمية الحضارية»... «الأمية الأبجدية»... أيهما نمحو أولاً؟

المنامة - نبيلة سليمان

لم تعد فلسفة محو الأمية تعني محو الأمية الأبجدية (وفك الخط)، ولم تعد فلسفة تعليم الكبار تنحصر في تحقيق أمنيات بسيطة تعيش داخل قلوب الكبار، فبعد أن انخفضت نسبة الأمية في البحرين لتصل إلى 2,7 في المئة بحسب تصريحات العام 2001 الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، ليبلغ عدد الأميين في البحرين 3436 فردا في الفئة العمرية من 10 إلى 44، «كان لا بد أن تكون هناك رؤية فلسفية أخرى تنطلق من محو الأمية الحضارية وليست الأبجدية وحدها»، هكذا يعلن القائم بأعمال مدير إدارة تعليم الكبار، إبراهيم الشربتي خلال حديثه إلى «الوسط» مع الاحتفال العالمي لمحو الامية الذي يصادف 8 سبتمبر / أيلول من كل عام.

فليس منطقيا أن ترتكز فلسفة تعليم الكبار في الدول المتقدمة على استثمار التعليم النظامي ومتابعة الدراسة، وتظل الدول النامية والخليجية تركز على محو الأمية الأبجدية فقط، فهل يعقل أن تعد الدول المتقدمة عدم معرفة استخدام الحاسوب أمية حضارية، ونظل نحن نركز على تعليم كيفية كتابة الأسماء وقراءة جمل بسيطة ينساها المتعلم في العطلة الصيفية؟

هوة كبيرة

2672 دارساً ودارسة التحقوا ببرامج محو الأمية وتعليم الكبار لهذا العام.

هل تتواكب رؤية الدارسين في برامج محو الأمية مع أهداف البرامج التي تنظمها وزارة التربية؟، ردود الدارسين الذين التقيناهم أكدت ان هناك هوة كبيرة بين أحلام الدارسين البسيطة، وبين خطط الوزارة المستقبلية.

رفض الكثير ممن يدرسون في برامج محو الأمية الحديث إلى الصحافة، والتصريح بأسمائهم ونشر صورهم. وبعد محاولات كثيرة وافق البعض على ذكر الاسم الأول فقط... وهكذا علق عبدالنبي: «البحرين صغيرة، ولا يوجد شيء نستطيع إخفاءه وبعض الناس يسخرون من الرجل الشايب عندما يدرس في برامج محو الأمية. في البداية كنت أذهب إلى مركز محو الأمية (بالخش)، وبعد أن عرف بعض أهالي (الفريج) انني أدرس في محو الأمية بدأت أسمع التعليقات الساخرة حتى من أصدقائي، هدفي من الاشتراك في هذه البرامج هو تعلم القراءة للتسلية، ولكن هذه الدورات الأخرى التي يتحدثون عنها عن صيانة السيارات والكمبيوتر ليست لنا نحن، ولا تنفعنا، وهل ميكانيكا السيارات بحاجة إلى دورات متخصصة؟».

تعليم بسيط

إبراهيم (42 عاماً) يقول: «كل هدفي من التحاقي ببرامج محو الأمية هو قراءة الصحف، وكتابة أشياء بسيطة، وتعلم الأرقام، فأحيانا احتاج إلى إجراء بعض الحسابات وأضطر إلى انتظار أحد أولادي حتى يقوم بهذه المهمة، نعم نحن تعلمنا بعض العمليات الحسابية بالفطرة، ولكن القراءة والكتابة بحاجة إلى معلم، لا أفكر في مواصلة الدراسة، لدي تجارتي وكل ما احتاجه هو تعليم بسيط فلماذا أواصل دراستي؟، ثم إن الكمبيوتر والأشياء الحديثة هذه مسئولية الشباب الذين دخلوا المدارس وتعلموها من الصغر، ماذا نفعل بها نحن؟».

استطاعت أم راشد (43 عاماً) تحقيق حلمها البسيط وهو قراءة القرآن من خلال برامج محو الأمية، تتحدث بفرحة كبيرة: «أنا وايد مستانسة من محو الأمية، في السابق كنت لا أعرف قراءة القرآن، بعض السور القصيرة تعلمتها من والدتي عندما كنت طفلة، ومنذ سنوات تمنيت قراءة المزيد من السور في صلاتي، شجعتني ابنتي الصغرى على الالتحاق ببرامج محو الأمية وأنا اليوم في الصف الثاني وأعرف كيف أقرأ وأكتب، وتعلمت قراءة سور أخرى من القرآن، لا أحد يعرف من (الفريج) إنني أدرس في محو الأمية الحقيقة (أستحي)، لا أحب تعلم القواعد، المهم القراءة وليست القواعد التي لا أفهمها، سأواصل الدراسة حتى أحصل على المرحلة الابتدائية وهذا يكفي».

الصيغة المستقبلية

إذا كانت هناك هوة كبيرة بين بعض الدارسين وبرامج محو الأمية الحضارية التي تنظمها وزارة التربية لتواكب المتغيرات الحضارية العالمية، فهناك على جانب آخر من يفوق طموحه كل هذه المتغيرات، وهذا ما يكشفه الشربتي عندما يروي قصة زينب الفتاة التي التحقت ببرامج محو الأمية وانتقلت إلى مرحلة المتابعة ومنها إلى مرحلة التقوية، وبعد حصولها على الشهادة الإعدادية واصلت المرحلة الثانوية، ومنها إلى التعليم الجامعي، وهي اليوم تعمل مدرسة في إحدى المدارس، والوزارة بصدد تكريمها.

وعلى رغم وصول بعض الدارسين والدارسات إلى مراحل متقدمة في برامج محو الأمية وتعليم الكبار فإن الخجل والحديث عن أنفسهم لا يزال حديثاً وراء الجدران خوفا من تعليقات المجتمع، والغريب انه بدلا من أن يفتخر هؤلاء بمحو أميتهم وبلحاقهم بركب المتعلمين، يحاصرهم الخوف من اكتشاف زملائهم في العمل بأنهم التحقوا ببرامج تعليم الكبار، وكأن الأمية عار لا يمحوها حتى التعليم والتفوق.

ما هي الصيغة المستقبلية لتعليم الكبار؟

- يجيب الشربتي: «الفلسفة التي نعني بها في إطار الصياغة الجديدة لتعليم الكبار في مملكة البحرين تتمثل في الفلسفة الحديثة «فلسفة تحرير الإنسانية»، وجوهر هذه الفلسفة هو أن يقوم الفرد بتخليص نفسه من الأمية، وهذا يعني ان علينا دوراً وهو احترام إرادة الأفراد. إن جمهور المتعلمين تعتبر قوة لها تأثيرها في النظام الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي، وبذلك يكون هدف محو الأمية وتعليم الكبار قد أرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم محو الأمية الحضاري والذي له صفة الشمول».

إهمال

ومن منطلق ان محو الأمية الحضارية أصبح هدفا في برامج تعليم الكبار، قامت وزارة التربية والتعليم بطرح دورات متخصصة متنوعة تخدم السوق المحلية. ويعلق الشربتي: «لم يعد هدفنا أن يتعلم الدارس كيف يكتب أو (يفك الخط)، أو أن تتعلم المرأة كيف تقرأ القرآن فقط، فأكثر الملتحقات ببرامج محو الأمية من كبار السن يهدفن إلى تعلم قراءة القرآن. بدأنا نوفر للدارسين والدارسات دورات قصيرة متنوعة ومتخصصة مجانا، على سبيل المثال دورات في علوم الحاسوب - على اعتبار إن الحاسوب هو مفتاح الحضارة - ولدينا أيضا دورات برسوم رمزية ونحن نهدف إلى توفير دورات للدارسين والدارسات غير موجودة في السوق المحلية للاستفادة منها، وهذه الدورات نوعية ومتميزة، ونحرص على الاستفادة من المدارس الصناعية والمعاهد المتخصصة. هناك مشكلة تواجه برامج التقوية، والتي تعادل المرحلة الإعدادية، هذه المشكلة تكمن في فصل بعض الطلبة النظاميين بعد رسوبهم عامين متتاليين ما يدفعهم إلى الدراسة في برامج التقوية وهم بذلك يصبحون عبئا كبيرا على هذه البرامج التي من المفترض أن تقتصر على من فاتهم قطار التعليم في الصغر، وليست هذه الفئة».

المفاجأة التي كشفها الشربتي هي ان بعض أولياء الأمور يفضلون دراسة أولادهم في برامج التقوية المسائية حتى يتخلصوا من عبء إيقاظهم صباحا: «نرى هؤلاء الآباء يتركون أولادهم وهم في سن المراهقة يستغرقون في النوم والإهمال، ويعتقدون ان مواعيد برامج التقوية أنسب لأولادهم، حتى يستيقظ الابن على راحته، وهم بذلك يشاركون في فشل هؤلاء المراهقين وفي مساعدتهم على عدم تحملهم للمسئولية».

يواصل: «نحن لا نقبل في هذه البرامج طلابا نظاميين لا بد أن يكون الطالب تم فصله من المدرسة، أو من طلبة المنازل، وفي حال إتمامه مرحلة التقوية ، إذا كان الطالب في عمر الطلبة النظاميين يمكن أن يلتحق بالمرحلة الثانوية النظامية، ولكن دورات التعليم المستمر لا تشترط شهادة معينة».

وماذا عن مواصلة هؤلاء الطلبة للدراسة؟

- أكثرهم يتعلمون من أجل الحصول على الشهادة الثانوية فقط لإيجاد وظيفة في سوق العمل، 75 في المئة منهم لديهم مشكلات دراسية في المرحلة الثانوية نظرا إلى أن التأسيس التعليمي ضعيف، نظام حمل مادة أو اثنتين في الثانوي يساعد بعضهم على إنهاء الحصول على المرحلة الثانوية، والوزارة بصدد تجربة جديدة من نوعها في البحرين وهي تنظيم دورات عملية تدخل ضمن برامج محو الأمية، تختص هذه الدورات بجوانب مهنية وغير مهنية، وستنظم هذه الدورات في مركزين لمحو الأمية (رجال ونساء) على سبيل التجربة.

إن النظر إلى تعليم الكبار ينطلق من مبادئ مقررة من قبل مختلف الدراسات والأبحاث وهي تتركز على الكثير من المبادئ منها ان الكبار يرغبون في التعليم وهم قادرون عليه باستمرار، غير ان قدرتهم على الدراسة والتعلم قد تضعف نتيجة عدم الاستخدام والانقطاع عن التدريب والممارسة، والانفتاح على الجديد، ولهذا ينبغي توفير الفرص لاستمرار العملية التربوية حتى تنمو مهارات التعلم لديهم وتزداد قدرتهم على تجديد الدوائر التي يتفاعلون معها

العدد 733 - الثلثاء 07 سبتمبر 2004م الموافق 22 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً