العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ

اللعب بالبيضة والحجر

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

شدني خبر منشور قبل فترة بإحدى الصحف المحلية يتحدث عن «خطة تطوير شامل لتلفزيون البحرين على ثلاث مراحل بكلفة مليوني دينار (بحريني نوط ينطح نوط) لكل مرحلة، وأن المرحلة الأولى من المفترض أن تبدأ نهاية العام الجاري»، أما «زبد» هذا الخبر إن «هذا التطوير الشامل الكامل» سيأتي عن طريق «عقد اتفاقات مع عدد من المحطات التلفزيونية وتحديث الأجهزة والمعدات وأستوديو الأخبار».

إلى هنا انتهت أهم المعلومات في الخبر بشأن «التطوير الشامل لتلفزيوننا العتيد»، وبعد ذلك لا نعرف: «أنضحك أم نبكي ؟!»، ربما نضحك ونبكي في آن؛ لماذا؟.

لأنه للوهلة الأولى نجد أن أحرف اسم «التطوير الشامل لتلفزيون البحرين» أكبر من اللازم، بينما أحرف الكلفة على ما سيتم من تطويره «همْ» أكبر من اللازم، ويبقى «الكل في مكانه وكل شيء على ما يرام» يا وزارة الإعلام.

ولو كان لي أن أقترح على وزارة الإعلام موضوعاً للتطوير، لاقترحت عليهم توفير الستة ملايين دينار على تلك المراحل الثلاث (وهي بالمناسبة مال عام لا ينبغي التفريط به على شكليات «برستيجية» للوجاهة) والاستفادة من الملايين الستة في مشروع خدماتي يخدم المواطن، وبدلاً من ذلك إطلاق الحريات وتوفير كوادر تلفزيونية تمتاز بالحرفنة، وأعتقد أن هذه المسألة لا تحتاج لا للملايين الستة ولا لغير الستة الأخرى، فالحريات تطلق مجاناً، والكوادر البحرينية موجودة داخل التلفزيون وخارجه، وتجيد فن التعاطي بامتياز مع حرية الرأي والرأي الآخر، وهو الطريق الأكثر إيجابية للمنافسة وكسب المشاهدين والمعلنين اليوم.

بصراحة، مازلت أعتزم ممارسة حقي في إبداء الرأي «والمزاح في حدود المتاح» على حد تعبير صاحبنا الفنان خالد الهاشمي، وأضيف «لو» أخرى مع علمي الأكيد بالمثل الشعبي القائل: «زرعوا لو وما خضر !»، فلو كان بيدي لحرمت المسئولين في تلفزيون البحرين الذين يفكرون في «التطوير الشامل هذا» بهذه الطريقة، إلى عاشر نسل من سلالتهم من الراتب التقاعدي الذي سيحصلون عليه، ومن صيد «الهوامير» في البحر، وأكل «الرطب» من نخيل المملكة على البر، لأن تلفزيوننا للأسف مازال جلده يحمل آثار نقص قاتل وطويل، وعلاجه ليس بالمبنى، فمبنانا كبير وضخم ولله الحمد والشكر، ولا «بتحديث الأجهزة كافة وتحويلها إلى النظام الرقمي» كما جاء في الخبر للمرحلة الثالثة والأخيرة لهذا التطوير الذي كلفته تصل إلى مليوني دينار، بل بتحديث عقول بشرية عصرية تعي دور الإعلام الحقيقي في العهد الجديد، عهد الانفتاح على الآخر وتنوع الآراء وتعددها، فبعض الفضائيات تبث من شقة صغيرة وأجهزة متواضعة، مثل «المستقلة» و«أي إن إن»، وغيرها من الفضائيات التي يتابعها مشاهدون كثيرون في الوطن العربي وخارجه، ولكنها مع ذلك بها برامج دسمة تشد المشاهدين على اختلاف آرائهم وتصوراتهم.

لسنا بحاجة إلى اللعب بالبيضة والحجر لنبرز مهاراتنا في التطوير وإضافة «الشامل» عليه ليسحر عقولنا، كل ما نحتاجه: مضمون يعبر عن المرحلة، يعبر عن الحرية.

كاتب بحريني

العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً