العدد 738 - الأحد 12 سبتمبر 2004م الموافق 27 رجب 1425هـ

الغرب يريد تعطيل سعي إيران للحصول على القنبلة النووية

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

قبل وقت قصير على انعقاد لقاء مهم في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA بمدينة فيينا لمناقشة سياسة إيران النووية واتخاذ موقف واضح منها، علت الأصوات التي تتهم إيران منذ وقت بعدم توضيح أهدافها من وراء التمسك ببرنامج نووي، وأنها تعمل في الخفاء في تخصيب اليورانيوم الذي يعتبر المادة الأساسية لصنع القنبلة الذرية.

وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر حذّر إيران من عدم المغامرة وأن تخطئ حساباتها، فيما صرّح المستشار الألماني غيرهارد شرودر مراراً أن من أبرز خصائص علاقته الوثيقة مع الرئيس الروسي المثير للجدل فلاديمير بوتين، العمل معاً لإقناع إيران بالعدول عن العمل ببرنامج نووي غرضه إنتاج أسلحة للدمار الشامل. أما الولايات المتحدة فإن الاستراتيجيين اكتشفوا من خلال تصعيد الخلاف بين الغرب وإيران أن القضية قد تصبح ورقة انتخابية من شأنها أن تعزز هدف جورج بوش في الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض. وكان بوش وضع إيران قبل أكثر من عامين على قائمة دول محور الشر، قبل أن يباشر حملته على العراق.

ويهدد وزير الخارجية الأميركي كولن باول منذ وقت بنقل الخلاف إلى حلبة مجلس الأمن الدولي لغرض دفع الهيئة الدولية إلى فرض عقوبات على إيران إذا لم تتراجع عن خططها النووية. في هذه الأثناء، تروج معلومات تفيد أن الإدارة الأميركية موافقة مبدئياً على قيام «إسرائيل» بضرب المنشآت النووية الإيرانية، على رغم أن هذه الفكرة قد تسفر عن نتائج خطيرة على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وخصوصاً في العراق، وكذلك في أفغانستان.

ولا يأخذ أحدٌ في الغرب تأكيدات إيران بأنها لا تعمل في برنامج نووي سري، وأن الهدف من مفاعل بوشهر لا يتعدى تحقيق هدف الحصول على الطاقة لتغطية الحاجة المتزايدة للكهرباء. ويشير المراقبون للخلاف بين الغرب وإيران إلى أنه يشبه إلى حد كبير المرحلة المبكرة للخلاف الذي نشب مع العراق. ويجد الاستراتيجيون في الفريق الانتخابي لبوش تصعيد الخلاف مع إيران فرصة مؤاتية لتعزيز فرصة الفوز بولاية جديدة في البيت الأبيض. ويعمل الصقور في واشنطن بوضع حسابات من ضمنها توجيه ضربة وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية، في الوقت نفسه يدرس هؤلاء جميع الاحتمالات والنتائج فيما تقول «إسرائيل» انها وضعت خطة للقيام بضرب المنشآت الإيرانية لكنها تخشى أن ترد إيران بصواريخ شهاب التي بوسعها بلوغ العمق الإسرائيلي.

كلب الحراسة النووي

وتعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية «كلب حراسة» يعمل لصالح الأمم المتحدة في مراقبة البرامج النووية في أنحاء العالم وتنبه الهيئة الدولية إذا سعت إحدى الدول لخرق المعاهدة الدولية للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل التي وقعتها إيران وتمتنع «إسرائيل» عن توقيعها. ولم ينجح المدير التنفيذي للوكالة الدولية محمد البرادعي (المصري الجنسية) في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون بتوقيع المعاهدة خلال الزيارة الاستعراضية التي قام بها إلى «إسرائيل» أخيراً بعد أن أشيع على الملأ السر المعروف منذ نهاية الستينات بأن «إسرائيل» تملك أسلحة نووية، وأن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا ساعدت الإسرائيليين بالمال والتقنية لإقامة مفاعل نووي في ديمونة بصحراء النقب.

وبوسع الوكالة الدولية تقديم مقترحات إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرار المناسب بشأنها. وفي الحال الإيرانية يضغط الغرب حالياً على طهران تحت طائلة تهديدها بنقل القضية إلى نيويورك. وسيكون هناك تقرير في 24 صفحة بانتظار أعضاء المجلس الذي سيجتمع اليوم (الاثنين) في العاصمة النمسوية يعبر فيه المفتشون عن عدم رضاهم حيال التعاون الإيراني للكشف عن سر المنشآت النووية الإيرانية. وهذا المجلس سيعير أهمية ثانوية للمسائل الفنية لأنه سيهتم بالأبعاد السياسية. السؤال المحوري الذي سيبحثه المجلس في فيينا: هل تسعى إيران لصنع أسلحة نووية وأن هدف هذه المنشآت ليس أكثر من استخدام التقنية النووية لأغراض سلمية؟ وإذا تضمن التقرير ما يشير إلى أن إيران خرقت المعاهدة الدولية للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل وأن هناك ما يوحي بأنها تعمل في بناء القنبلة الذرية، ينبغي على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتخذ القرار المناسب ورفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي، لبحث فرض عقوبات عليها، أو منحها مهلة أخيرة حتى موعد أقصاه الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني لكشف أوراقها كافة.

انتخاب بوش أو الهلاك!

ويرى المراقبون أن احتمال منح إيران مهلة جديدة له أهمية سياسية، ولاشك في أنه تم اختياره بعناية فائقة لأنه يأتي بعد الثاني من نوفمبر، موعد انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة. ومما لا ريب فيه أن فريق بوش الانتخابي سيستغل الفرصة المتاحة لنشر الرعب في نفوس الناخبين الأميركيين عملاً بشعار الجمهوريين: انتخب بوش أو اختر موتك بنفسك.

وتجنب بوش منذ بداية عهده تليين موقف بلاده تجاه إيران، وهذا أيضاً نتيجة النصائح التي وجهها إليه شارون في أول زيارة قام بها إلى البيت الأبيض، حين طلب من بوش تجاهل عرفات وحمل إليه تقرير الموساد عن البرنامج النووي الإيراني المزعوم. وبعد نهاية عهد صدام حسين ترى «إسرائيل» أن إيران تشكل أكبر خطر على أمنها. وكان شارون قد أوعز في نهاية العام الماضي إلى الموساد ليعد خطة القيام بضربة وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ولكي يتحرر بوش من الضغط الذي فرضته حرب العراق عليه وخصوصاً بعد إعلان نبأ سقوط الجندي رقم ألف، فإن التهديد النووي الإيراني يمكن أن يحلّ مكان الأزمة الصعبة في العراق. وبدأ البعض في الحزب الجمهوري منذ أيام يروّج أن إيران تدعم جماعات إسلامية متطرفة. وفيما هدّد باول ومستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس بنقل الخلاف إلى مجلس الأمن، فإن الصقور الذين يشغلون مناصب بارزة بوزارة الدفاع يتحدثون بوضوح أكثر، وكذلك وكيل الدولة لمراقبة التسلح بوزارة الخارجية جون بولتون، الذي لا يخفي مشاعره فيقول علناً أنه لا يتحمل الحديث مع المسئولين البيروقراطيين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي الأمم المتحدة. ويطالب المتشدد بولتون بموقف صارم تجاه إيران ويجد نفسه في خندق واحد مع الصقور، وأحدهم المدعو نورمان بودهوريتز الذي قال قبل أيام: «لا أؤيد حالياً غزو إيران ولكن قلبي لن يتحطم إذا حصل ذلك»!

وتقول الولايات المتحدة ان مسعى إيران لصنع القنبلة النووية يخدم نوايا الجمهورية الإسلامية في حسم النفوذ لصالحها في منطقة الخليج. وتراقب إيران الضعف المتزايد للولايات المتحدة في العراق واحتمال أن يزيد نفوذ الجمهورية الإسلامية في العراق بعد الانتخابات المقررة في مطلع العام المقبل، إذ يشكّل الشيعة غالبية عدد سكان العراق. كما تضغط «إسرائيل» وكذلك اللوبي اليهودي الذي هو ذراعها الطويلة في الولايات المتحدة، وتقول «إسرائيل» انها أول بلد سيتعرض لخطر أسلحة الدمار الشامل الإيرانية.

وذكر مصدر إعلامي مطلع في برلين أن الأوروبيين يحاولون إقناع إيران بالعدول عن خططها النووية، في مسعى منهم لتجنب تصعيد القضية خلال الحملة الانتخابية الأميركية. وأضاف المصدر: «وراء دعوة وزير الخارجية الألماني إيران إلى عدم المبالغة في حساباتها تحذير مفاده: لن يقبل أي رئيس أميركي أن تحصل إيران على القنبلة النووية».

ربما لا يكون أمام شارون غير الأمر بضربة وقائية قبل موعد الانتخابات الأميركية، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية. وحسبما أشيع فإن البيت الأبيض أعطى الضوء الأخضر لشارون، الذي تعهد في المقابل بتنفيذ الانسحاب من قطاع غزة، وكلا العمليتين تخدمان حملة بوش. فهو من جهة يقول لناخبيه أنه لا يمكن ترك إيران تعمل في صنع القنبلة النووية، ومن جهة أخرى أحيا عملية السلام في الشرق الأوسط.

سبب آخر وراء ضغط «إسرائيل» على واشنطن هو حصر فضيحة الجاسوس الأميركي اليهودي لاري فرانكلين الذي زوّد الإسرائيليين بمعلومات سرية عن المنشآت النووية الإيرانية كما تقول تل أبيب لأسباب إيديولوجية وليس حباً بالمال. ومن علامات الخطر المحدق: قيام «إسرائيل» قبل 3 أسابيع بتوزيع حبوب مضادة للشعاع النووي على سكان المناطق المحيطة بمفاعل ديمونة في صحراء النقب تحسباً لرد إيراني على ضربة إسرائيلية واردة

العدد 738 - الأحد 12 سبتمبر 2004م الموافق 27 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً