العدد 697 - الإثنين 02 أغسطس 2004م الموافق 15 جمادى الآخرة 1425هـ

نحرّم أية حركة تمزق الصف الفلسطيني أو تثير الفتنة في العراق

السيدمحمد حسين فضل الله:

أنور الحايكي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناول المرجع الديني آية الله السيدمحمد حسين فضل الله آخر تطورات الساحة العربية والإسلامية في خطبته يوم (الجمعة) الماضي. وذكر ما تقوم به «إسرائيل» من متابعة تجريف الأراضي الفلسطينية المليئة بزراعة الحمضيات والفواكه، التي تقدر بـ 7 آلاف دونم من أراضي «بيت حانون» حتى تحوّلت إلى صحراء قاحلة، ومواصلة تدمير البيوت وتشريد أهلها، بالإضافة إلى الاجتياحات المتحرّكة والاغتيالات المتنوّعة بمختلف الأسلحة، في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي على هذه المجازر الصهيونية التي تُركت لها الحرية في عمليات التدمير للبنية التحتية للبشر والحجر...

وأشار فضل الله إلى أن القضية الفلسطينية أبعدتها أميركا و«إسرائيل» عن دائرة الضوء السياسي، لتحاصرها في نطاق المسألة الأمنية لتدخل في التفاصيل اليومية، عاشت الآن في داخل الأزمة الداخلية على صعيد مفردات الفساد في أجهزة السلطة، وفي صراعاتها الأمنية، وفي تعقيداتها الحكومية، ما أكد المقولة الصهيونية - الأميركية - الدولية بأن المشكلة في فلسطين مشكلة أمنية في حركة الفساد الداخلي الذي يأكل الوضع كله، بحيث أصبح الشعب الفلسطيني يتحرك في هذا المناخ المعقّد القلق، بدلاً من الاستمرار في الانتفاضة بالمستوى الذي تفرضه المرحلة الحاضرة.

وأضاف فضل الله «إننا نؤكد للشعب الفلسطيني المجاهد الجريح أن مطلب الخلاص من الفساد هو مطلب طبيعي، ولكن لابد أن يكون لحساب الانتفاضة لا على حسابها، ولذلك، فإننا - من موقعنا الشرعي - نحرّم أية حركة تؤدي إلى تمزيق الصف الفلسطيني وإدخاله في المتاهات الأمنية والسياسية الداخلية. أما تهديد المسجد الأقصى بالتدمير من قِبَل المتطرفين اليهود فقد لا يكون جديّاً في هذه المرحلة، وربما أُريد له أن يكون وسيلة لإشغال العالم الإسلامي عن القضايا الحيوية الأخرى المثارة على مستوى ساحة الصراع مع العدو في العالم كقضية الجدار العنصري والمستوطنات وغيرهما، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية الاهتمام الإسلامي العام على مستوى الدول والشعوب الإسلامية بهذه المسألة الحيوية في نطاق المقدّسات الكبرى، ومن الملاحظ أن منظمة المؤتمر الإسلامي لم تحرّك ساكناً في هذه الإثارة الصهيونية التي تحاول الدولة العبرية أن تقدّم نفسها كدولة حامية للمقدّسات ضد قوى التطرف اليهودي؟!»

أما العراق، فإن المجازر تنتقل في ساحاته من بلدة الى بلدة، لتحصد الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والشباب باسم المقاومة التي هي براء من كل هذه الأساليب الوحشية التي أعادت المقابر الجماعية إلى العراقيين، بالإضافة الى ما تقوم به القوات الأميركية وحلفاؤها ضد أكثر من موقع مدني عراقي، في الوقت الذي لم يسقط فيه منها إلا القليل. إننا نقول لكل هؤلاء القائمين على هذه المجازر: إن هذه الأعمال تخدم الاحتلال ولا تقاومه لأنها تطيل أمد وجوده في العراق باسم حماية الأمن، ولا سيما أن قوى الأمن العراقي التي يُراد لها أن تملأ الفراغ هي المستهدفة بهذه المجازر.

ومن ناحية أخرى، قرأنا في بعض وسائل الإعلام فتوى للمرشد الروحي لحركة «الزرقاوي» بجواز قتل المسلمين الذين يحمون الكفار، وبتهديد الشيعة متهماً إياهم بمهاجمة السنّة وأنهم «متحالفون مع قوات الاحتلال». إن مثل هذه الفتاوى هي المسئولة عن تدمير الواقع الإسلامي بتوجيه بأس المسلمين نحو المسلمين، وبإثارة الفتنة المذهبية الدامية بينهم، في الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى وحدته الإسلامية والوطنية في دعوة مخلصة لجميع الفرقاء بالوقوف صفاً واحداً ضد قوات الاحتلال، والدخول في حوار موضوعي إسلامي بشأن أفضل الوسائل لتحقيق هذا الهدف لصنع المستقبل العراقي الإسلامي المشرق الذي تُحقن فيه دماؤهم، وتتواصل فيه مواقعهم، وتتعاون فيه طاقاتهم...

وأضاف فضل الله «إن لدينا معلومات دقيقة بأن الموساد الإسرائيلي بدأ بالتخطيط لإثارة فتنة سنّية - شيعية في العراق وفي المنطقة من خلال بعض الجهات، مستخدماً بعض حوادث الاغتيال التي يقوم بها فريق من هذه الجهة أو تلك ضد الفريق الآخر، ليتداول الناس في مشاعرهم وأحاديثهم أن السنّة يقتلون الشيعة أو أن الشيعة يقتلون السنّة، الأمر الذي يفرض على الجميع الوعي والحذر لأننا عشنا في العالم الإسلامي مثل هذه الإثارات المذهبية التي تقف وراءها المخابرات الأميركية والصهيونية، مستخدمة بعض الأصوات القلقة الخاضعة للانفعالات الساذجة».

وفي جانب آخر، فإن مشكلة «دارفور» في السودان، ومشكلة «الحوثي» في اليمن، بالإضافة إلى أكثر من مشكلة دامية في أكثر من بلد إسلامي تحركها الأجهزة المخابراتية الأميركية تحت أكثر من عنوان لإشغال العالم الإسلامي عن الفشل الذي تواجهه في المنطقة، في الوقت الذي يطوف فيه وزير خارجيتها في المنطقة ليتدخّل في أكثر من قضية، وليحمّل الفلسطينيين المسئولية عن الحل السياسي، وليتحدث مع المصريين بشأن الإصلاح الأميركي، وليحرّك المسألة السودانية بما يزيدها اشتعالاً. إننا نراقب هذا الواقع في العالم الإسلامي، وندعو الى أن يتسلّم المسلمون والعرب أمورهم بأيديهم، كما نريد للجامعة العربية أن تتدخّل في المشكلات العربية قبل أن يتدخّل فيها الآخرون، ونريد للإعلام - بمختلف أجهزته - ألا يثير الضباب بشأن أكثر من قضية، ليعرف الناس طبيعة الحوادث بشكل واضح لألا يخدعهم الآخرون عن أمورهم الحيوية وقضاياهم المصيرية.

وتطرق إلى لبنان «الذي يعيش الآن في داخل غرفة العناية الفائقة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، فقد تفرض المسئولية على جميع القائمين عليه، سواء في المواقع الرئاسية المتنوّعة أو الوزارية أو النيابية أو في ساحات المعارضة والموالاة في الأجواء السياسية، أن يرتفعوا إلى مستوى الكارثة التي تقترب من حافة اليأس، ليدرسوا - مجتمعين - طبيعة المشكلات الصعبة التي يعيشها البلد، وما الآليات للوصول إلى الحل الأمثل بدلاً من أن يسجّل بعضهم نقاطاً سلبية على البعض الآخر، بما يشبه النزاع بشأن جنس الملائكة، ومن أن يتناقشوا في الاستحقاق الرئاسي في الدائرة الإقليمية أو الدولية بعيداً عن الدائرة اللبنانية، مما جرّبه الجميع في العهود السابقة فلم يحل أية مشكلة، لأن القضية لم تكن قضية الشخص بل هي قضية الجهاز السياسي والإداري في سرطان الفساد والهدر والطائفية العمياء».

وختم قائلاً: «إن لبنان يستصرخ الجميع قبل أن يلفظ أنفاسه، فهل يسمعه هؤلاء الذين نخشى أنهم كانوا سرّ مشكلته؟»

إقرأ أيضا لـ "أنور الحايكي"

العدد 697 - الإثنين 02 أغسطس 2004م الموافق 15 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً