العدد 699 - الأربعاء 04 أغسطس 2004م الموافق 17 جمادى الآخرة 1425هـ

غوانتنامو: وصمة عار أخرى

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الشهادة التي أدلى بها أحد المفرج عنهم بشأن ما يدور في سجن غوانتنامو الأميركي تتطابق مع توقعات الناس عما يدور في تلك الأقفاص التي وضع فيها بشر اختلفت معهم الولايات المتحدة الأميركية... فقد روى قصصاً شبيهة بل أفظع مما شاهدناه في سجن أبوغريب، ومن ضمن الضحايا بحريني يقبع في سجن أغرب من ابو غريب.

ففي سجن أبوغريب كان منفذو أوامر التعذيب عدداً من الجنود البلهاء الذين التحقوا بالجيش الأميركي لأنهم لا مستقبل لهم ولا وظيفة تناسب حظوظهم المنخفضة في الحياة الا في الجيش، تماماً كما شرح ذلك «مايكل مور» في فيلمه «فهرنهايت 9/11». الفرق هو أن الكاميرا لا تصل إلى غوانتنامو والذين يمارسون التعذيب هناك تم تدريبهم على الكتمان والسرية... ولكن إلى أجل محدود، لأنه لا يوجد شيء يخفى على أحد في قريتنا الكونية.

الانسانية ابتليت بالمتطرفين والطماعين والمشعوذين الذين يديرون دولاً وحركات ويقتلون ويضربون تحت أعذار مختلفة. عدد من اليهود يدعي أن لديه «أوامر» من الله بأن يطرد شعب فلسطين ويحتل منازل الآخرين ويقتلهم... هذا الحديث عن الحق والأمر الإلهي تدعيه دولة «إسرائيل» التي تدعي أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وتساند هذه الخرافات والشعوذات أقوى دولة في عالم اليوم والتي تدعي أنها «قائدة العالم الحر».

في أميركا ذاتها... «قائدة العالم الحر» ... هناك مسئول مسيحي «متدين» اسمه «جون اشكروفت» وهو المدعي العام... وجزء من تدينه و«تدين» عدد من رفاقه ينص على ان «عودة المسيح (ع) لا تتم إلا بعد عودة جميع اليهود إلى القدس». وعلى أساس هذه الخرافات يتم توجيه إمكانات دولة عظمى تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان لارتكاب أعمال بشعة من احتلال وتعذيب وقتل ودمار.

يرد على «المتدين اليهودي» و«المتدين المسيحي» بعض المسلمين، ومنهم من يوصف بـ «المتدين المسلم» الذي يقول ايضا إن الله أمره بجهاد ذلك «اليهودي المغتصب» لأرض فلسطين وذلك «الصليبي» المعادي للإسلام. «المتدين المسلم» الذي يؤمن بهذا الطرح أكثر وضوحاً ولا يتلبس برداء «الديمقراطية وحقوق الإنسان» كما هو حال «المتدين المسيحي» و«المتدين اليهودي».

أستخدم تعبير «متدين» لأوضح أن بعض المتدينين يؤمنون فعلاً أن الله أمرهم بالقيام بالأعمال التي يقومون بها، مع علمي بأن هناك من يقف خلف هذا التفكير ليستفيد دنيوياً لأن لديه طمعاً في الاستحواذ على كل شيء. صاموئيل هانتنغتون تنبأ في مطلع التسعينات بأن سنوات ما بعد الحرب الباردة ستشهد صراع الأديان والثقافات والحضارات... ويبدو للوهلة الأولى ان ما توقعه صحيح.

غير ان «المتدين المسلم» الذي قد يلجأ إلى اساليب الارهاب إنما اتجه إلى ذلك لأن هناك من يدعي التدين اليهودي والتدين المسيحي ويمارس الارهاب والقتل والدمار. ولو تفحصنا الأمر قليلا فسنرى أن جذور الإرهاب قد زرعتها الأيدي التي تدعي انها ديمقراطية وتحترم حقوق الانسان أكثر من تلك التي نمت وترعرعت بسبب أدعياء الديمقراطية وحقوق الانسان.

غوانتنامو وصمة عار على جبين أميركا أولاً وعلى جبين الانسانية ثانياً، وهي ضربة موجعة لكل من يعمل من أجل مستقبل آمن وبعيد عن الإرهاب. إن ما يجري في غوانتنامو مساندةٌ - من الحجم الثقيل - لكل الدكتاتوريين والارهابيين والمعذبين، لأنهم يرون «قائدة العالم الحر» تمارسه من دون رادع

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 699 - الأربعاء 04 أغسطس 2004م الموافق 17 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً