العدد 702 - السبت 07 أغسطس 2004م الموافق 20 جمادى الآخرة 1425هـ

قضاة وحقوقيون وبرلمانيون وشوريون يجمعون على رفض «هيئة الأمر والنهي»

مقترح السعيدي يجمع أضداداً رافضين له

أثار المقترح برغبة الذي تقدم به النائب جاسم السعيدي إلى المجلس الوطني بخصوص إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وموافقة اللجنة التشريعية في المجلس في 31 يونيو/ حزيران الماضي عليه بالأغلبية مع معارضة عضوين منها هم فريد غازي وعبدالله العالي، ردود فعل متنوعة على المستوى المحلي، إذ تناولت الكثير من المقالات الصحافية والرسوم الكاريكاتيرية في الصحافة هذا المقترح بالنقد أو التحليل. «الوسط» استطلعت آراء برلمانيين وشورويين وقضاة شرع وحقوقيين فكان الرأي الغالب بين الآراء هو رفض مقترح السعيدي، في حين بيّن بعض البرلمانيين أن المقترح لم يتم فهمه جيدا من قبل منتقديه.

مقترح السعيدي نص على إنشاء جهاز يلحق بوزارة الشئون الإسلامية، يقوم بمهمات الوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالوسائل الإعلامية والدعوية، من دون إعطاء هذا الجهاز أية سلطة أمنية، وذلك وفقا للمادة 68 من الدستور، والمادة 128 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

نائب كتلة جمعية المنبر الوطني الإسلامي محمد خالد كعادته كان صريحا حين قال: «أعتقد أننا في البحرين لسنا بحاجة لمثل هذه الهيئة،إذ إن تركيبة مجتمعنا مختلفة عن غيرها، نحن بحاجة لأن ندعم مشروع شرطة المجتمع الذي نأمل منه كل خير بقيادة وزير الداخلية،إذ إن هذا المشروع له ضوابط رسمية، أعتقد بأن الشرطة المجتمعية هي البديل الأفضل، وانا أؤكد بأننا لسنا ضد فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي واجب على الجميع من أكبر مسئول في الدولة وحتى أصغر مواطن، كما أنني أعتقد بأن مجلس النواب له أولويات وله سلطة تشريعية أهم بكثير من إنشاء مثل هذه الهيئة، فوزارة الشئون الإسلامية تقوم بمثل هذا الدور وهي تحتاج إلى الدعم وتحتاج لرفدها برجال الدعوة، ومسألة وجود هيئة مختصة للأمر بالمعروف كما في الدول المجاورة لنا أمر سيرفضه المجتمع البحريني، ونحن نخشى أن تتشوه صورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمعنا، إذ ليس كل ما يصلح في الدول المجاورة لنا يصلح لمجتمعنا، فبالرغم على أهمية هذه الفريضة إلا أنها شُوهت في بعض التجارب».

رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية الشيخ عبدالحسين العريبي اعتبر أن تشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نحو تكون دائرة لها حاكمية هو أمر غير صالح للمجتمع البحريني.

وقال العريبي «إذا كنا نريد النقاش في مفردة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كمفهوم أو ثقافة، سنجد أنه هناك إشكالية على مستوى حكومة المفهوم، بمعنى أن يتحول هذا المفهوم إلى دائرة من الدوائر وهذا أمر لا أتصور له النجاح، أما إذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيتحرك كثقافة في المجتمع فلا إشكال، ويجب أن نعلم بأن الإنسان الذي يريد أن يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد ان يكون عالما بتفاصيل المعروف وتفاصيل المنكر وعاملا بالمعروف ومنتهيا عن المنكر، فالقرآن الكريم يقول «كبر مقتا عندالله أن تقولوا ما لا تفعلون» (الصف: 3)، كما يجب على الآمر بالمعروف أن يكون له تأثير في الطرف الآخر، فإذا لم يحتمل ذلك فلا يحق له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنني أتصور إن تشكيل دائرة على هذا النحو هو أمر غير صالح وقد يحدث مفسدة لا تحمد عقباها».

نائب رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب عبدالله العالي أكد أن في حال قبول هذا المقترح فإنه يجب أن «تكون هناك لجنة مشكلة من قبل المذهبين الكريمين في وزارة الشئون الإسلامية، على أن تكون مهمتها دعم المؤسسات الدينية من مساجد وحسينيات ماليا وثقافيا من خلال إعداد برامج للمتطوعين الذين يديرون هذه البرامج، وفي الوقت نفسه لا نريد لهذه الدائرة أن تقوم بدور الشرطة وبالصورة التي هي مغايرة تماما عن الإسلام، فنحن نرفض التدخل في خصوصيات الناس والتطاول عليهم بأساليب خاطئة فهذا أمر بعيد عن روح الإسلام، ونحن جميعا نعرف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من أدق أبواب الفقه الإسلامي وإذا لم يتم تطبيقه بصورة صحيحة فسيكون الوقع سلبيا على الناس، كما انه أمر يحتاج أن يقوم عليه أناس على مستوى عال من العلم والنضج وفهم الواقع».

من جهته قال نائب رئيس جمعية الحريات ودعم الديمقراطية نزار القاريء بشأن المقترح «لا بد لنا أن نطلع على القانون الذي سينظم عمل هذا الجهاز، ولا بد أن تشرك الجمعيات الحقوقية في صوغه كي لا يتم انتهاك حريات الناس، كما أننا لا نريد جهازا صورته مقتبسة من دول جارة لنا، صحيح أنه يوجد انتهاك للآداب العامة في البلد ولكن هذا الأمر موجود لكن شرطة الآداب لا تقوم بدورها كما يجب، ولو عملت كما يجب لم نكن بحاجة لمثل هذا الجهاز».

نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان سلمان كمال الدين علق قائلا «في تصوري إن المقترح الذي ينوي بعض النواب تقديمه بشأن إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو مخافة قانونية شرعية، لأنه لا يجب لنائب بأن يفتي باقتراح يسلط عقابا مستمدا من التشريع الإسلامي، إذ إن هذه مهمة علماء الدين وهم بدورهم يمارسونها في دور العباد،وحقهم في النصح والإرشاد وحق الناس في أن تستمع أو لا تستمع، كما أنه يفترض على رجال السلطة التشريعية أن يبحثوا عن تشريعات تهم المواطن وتصحح من أوضاعه الاقتصادية، كما أن هناك تشريعات تخل بحقوق المواطنين وعليهم أن يبحثوا في تعديلها،بدلا من إثارة أمور تجعل الوطن في جدال عقيم وفتح باب للتدخل في شئون الناس الخاصة وفي علاقاتهم بربهم، إن علينا أن نتعظ من الآخرين فمجتمعاتهم تعاني من الكبت،وفي حين تحاول الدول الأخرى التخلص من مثل هذه التجارب يحاول بعض النواب استيراد سوءات الآخرين لنا».

نائب في إحدى الكتل الإسلامية في مجلس النواب رفض الكشف عن إسمه أكد بأن السعيدي «جاء بهذا المقترح بطريقة جعلت المقترح موضع استهزاء وسخرية، إن هذا المقترح لم يكن سوى «شهوة نفسية» إذ أنه ليس مقترحا مدروسا ومصاغا بصورة جيدة، كما انه يزعج أناس كثيرين، وكان لا بد أن يضع التفاصيل كلها واضحة في مقترحه من خلال تشكيل الهيئة المقترحة من قبل طلاب علم من الشيعة والسنة، كما أن الهيئة المقترحة ستمارس أعمال شرطة الآداب الميتة، لا بد أن تكون لدينا هيئة تمنع من ممارسات المنكرات بشكل علني من دون أن تكون لها سلطة عقابية وإنما سلطة للنصح والإرشاد فقط».

عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب النائب فريد غازي أكد أن مقترح السعيدي يتحدث عن «إدارة للتبليغ والدعوة، إذ يوجد وعاظ ومرشدون في وزارة الشئون الإسلامية إلا أن هذه الإدارة لم تنشأ بعد، ووافقت اللجنة التشريعية على المقترح كون الأمر المقترح هو إدارة للتبليغ والدعوة، وليس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والإدارة المقترحة لا علاقة لها بالناس».

عضو مجلس الشورى إبراهيم بشمي وجه انتقادات شديدة للمقترح المذكور واعتبره سياق المرحلة التاريخية والإصلاحية والتحولات الإنسانية في العالم، واضاف بشمي «إن مثل هذا المشروع يعبر عن أساليب وصاية فوقية تم إتباع بعض نماذجها في الأنظمة الشمولية الفاشستية، التي تريد تأطير الجماهير في أنظمة تضعها في مرحلة القطيع في التفكير وفي العمل، وحتى فيما يتم ارتداؤه أو حتى أكله، كما أن بعض الدول التي طبقت فيها مثل هذه الأفكار اكتشفت مدى خطورتها وإفرازاتها على تطور مجتمعاتها، بل إن مثل هذه الدول سارعت بعد تجربة طويلة إلى نبذ مثل هذه الوصايات المجتمعية التي خنقت حتى روح البسمة في هذه المجتمعات، ووجدنا مثالها المجسد الذي تم تطبيقه بقوة السلاح في أفغانستان أيام حكم نظام الطالبان، بدءاً من تحطيم أشرطة الأغاني واحراق دور الترفيه وانتهاء بعدم تعليم المرأة، كل هذا أثبت إلى أي مدى يمكن أن تصل فيه بشاعة تطبيق مثل هذه الأفكار،التي تريد مجموعة ما فرض وصايتها وفكرها على الآخرين، باعتبار أن هذا الإسلوب وهذه الطريقة تضمن الحصول على مفاتيح الجنة».

وتابع بشمي «ومن الملاحظ أن هذا الاقتراح يتناقض كل التناقض مع مباديء حقوق الإنسان في اختياراته الفردية، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل ما قد يجره مثل هذا الاقتراح في حياة الناس في البحرين، من حيث خصوصية مجتمعنا الحضارية وما يمكن أن يفرزه المقترح من صراعات قد نعلم متى تبدأ ولكننا لا نعلم متى ستنتهي»

العدد 702 - السبت 07 أغسطس 2004م الموافق 20 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً