العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ

البيت الأبيض عاد ليستخدم «الرجل العربي القوي»

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم أن عدم التغطية الإعلامية الأميركية للتطورات الأمنية في العراق، شكل ظاهرة انتقدها بعض المعلقين الأميركيين فإن الإعلام الأميركي اضطرته حوادث النجف الأشرف ودخول الهجوم الأميركي على ميليشيا «جيش المهدي» التابعة للسيدمقتدى الصدر، إلى أن يتناولها، في ظل «الحملة الانتخابية التافهة» بين الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش والمرشح المنافس للرئاسة جون كيري، على حد وصف جيم هوغلاند في «واشنطن بوست» لأنها برأيه، تلهي الرجلين عن الجدل الذي يجب أن يخوضانه بشأن حاضر العراق ومستقبله. وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد عبّر عن إحباط الإدارة إزاء السيد مقتدى الصدر. وقال للصحافيين الذين يسافرون معه إلى الشرق الأوسط، قبل وصوله إلى سلطنة عمان، «الصدر كان بشكل منتظم غير مساعد، وغير بناء، وزئبقي بشكل ما».

وأضاف «يوما يتحدث عن التعاون ويوما آخر يحرض على أعمال الشغب». كما رافق المواجهات مع الصدر، تحذير وجهته واشنطن إلى طهران من انه ليس في مصلحتها التورط في ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العراق، معربة عن قلقها من احتمال أن يكون لإيران دور في القتال بالنجف.

واعتبر «إستر بان» في «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي» من على موقعه على الإنترنت، أن ما أسماه «التمرد» الذي يشهده العراق، سنياً كان أم شيعياً يهدف إلى التأكيد على أن الحكومة العراقية المؤقتة غير فعالة وغير شرعية لأنها غير قادرة على توفير الأمن. وأضاف أنه على رغم أن المتمردين غير مترابطين إلا أن الخبراء يؤكدون أنهما يهددان في الوقت نفسه بتقويض الحكومة الانتقالية. ولفت إلى أنه استناداً إلى معلومات معهد بروكينز، فإن عدد «المتمردين» ارتفع من 5 آلاف إلى 20 ألفاً خلال الأشهر الماضية. ورأى أن «التمرد» بقيادة السيدمقتدى الصدر، يهدف بالإضافة إلى تقويض الحكومة إلى حشد الدعم الشعبي للصدر. ولفت - نقلاً عن بعض الخبراء - إلى أن 3 إلى 5 ملايين عراقي يدعمون الصدر ومعظمهم من الشيعة. غير أنه استدرك بأن هذا لا يعني أنه أصبح الشخصية الشيعية الأبرز في العراق، فثمة مرجعيات أخرى مثل المرجع السيدعلي السيستاني مازالت تحظى بالاحترام والتقدير أكثر. في السياق ذاته أشار إلى أن «تمرد» الصدر هو التحدي الأول الذي يواجهه رئيس الوزراء إياد علاوي منذ توليه منصبه.

لافتاً إلى أن أسلوب المواجهة التي سيتبعها علاوي في التعامل مع هذا «التمرد» هو عامل مؤثر سينعكس على الموقف الشعبي من رئيس الوزراء. لكن جيم هوغلاند في «واشنطن بوست» لاحظ في مقاله تحت عنوان «في العراق... إخفاقات استراتيجية» أن بوش وكيري، بدآ يتبادلان الأسئلة بشأن مواقفهما وتحركاتهما السابقة في ما يتعلق بالعراق. واعتبر هوغلاند، أن هذه الحملة تافهة لأنها تلهي الرجلين عن الجدل الذي يجب أن يخوضانه بشأن حاضر العراق ومستقبله. وأضاف أن جدلاً كهذا كان سيدفع بوش إلى الاعتراف بأنه يخسر تأثيره المعنوي في العراق في الوقت الذي تتخلى إدارته عن التزامها بإحلال الديمقراطية والقانون في هذا البلد. كما أن هذا الجدل لو حصل لأجبر كيري، على تقديم بديل حقيقي عن السلوك المقرف للإدارة الحالية في العراق. وذكر هوغلاند، بأن الرئيس الأميركي ألقى في الخريف الماضي ثلاثة خطابات مثيرة تعهد خلالها بوضع حد للدعم الأميركي للحكومات العربية القمعية. وأن البراغماتية تتطلب من واشنطن دعم الديمقراطية في المنطقة ووعد خلالها أيضاً بأن العراق سيكون النموذج الواقعي لذلك. غير أن المعلق الأميركي لاحظ أن أولويات بوش اختلفت اليوم في الوقت الذي تتورط إدارته في مناورات لا تؤدي إلى إحلال الديمقراطية في بغداد. معتبراً أن هذه المناورات تهدف من جهة إلى تشكيل غطاء سياسي له قبيل الانتخابات الرئاسية.

وترمي من جهة أخرى إلى إرهاب طهران. وانتقد هوغلاند، الاعتداءات العسكرية الأميركية على «المتمردين» الشيعة في النجف. وما وصفها بالمسرحية التي تحاك ضد السياسي الشيعي أحمد الجلبي. بالإضافة إلى إقفال مكاتب قناة الجزيرة (القطرية) في بغداد. معتبراً أن البيت الأبيض عاد ليستخدم «الرجل العربي القوي» لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية.

لافتاً ولو بالإيحاء إلى أن جميع القرارات التي اتخذها علاوي، تهدف إلى خدمة السياسة الأميركية في الخارج. وكتبت «نيويورك تايمز» افتتاحية تحت عنوان «إخفاق عملية إعمار العراق» رأت فيها أن المقاربة التي اتبعتها إدارة بوش لإعادة إعمار العراق خاطئة على رغم أن هذه الإدارة قررت أخيراً الإصغاء إلى بعض النصائح. وأوضحت أن الخطأ وقع حين تجاهل البيت الأبيض ووزارة الدفاع مذكرات التخطيط التي رفعها خبراء في وزارة الخارجية على دراية بالوضع والمشكلات الرئيسية في قضية بناء الأمم. واليوم تقوم هذه الإدارة باستدعاء هؤلاء الخبراء من جديد لمحاولة إصلاح الأضرار. ورأت أنه على رغم أن هذه الخطوة ضرورية إلا أنها جاءت متأخرة كثيراً. فاستعادة ثقة العراقيين من جديد أمر صعب للغاية.

وأشارت إلى أن خبراء وزارة الخارجية يقترحون الانتقال إلى تنفيذ مشروعات على نطاق ضيق يمكن أن تؤدي إلى نتائج ملموسة في وقت أقل. كما رأت تايمز أن المشاركة العراقية ستجعل الشعب العراقي أكثر إطلاعاً على مسيرة الإعمار. وشددت الصحيفة على أنه على رغم كل ما جرى ويجري في العراق فإن هذا البلد يبقى أكثر المجتمعات تقدماً في العالم العربي نظراً لغناه بالخبرات المتعددة. وكان بول كروغمان في «نيويورك تايمز»، لاحظ على رغم أن الأوضاع في العراق تسير من سيئ إلى أسوأ، أن التغطية الإعلامية للحوادث في العراق التي تقلصت تماماً كما حصل بالنسبة إلى التغطية الإعلامية في أفغانستان بعد إسقاط نظام طالبان.

ورأى أن العراق الذي تعهدت واشنطن بتحريره يتحول اليوم إلى دولة صغيرة جداً وبعيدة، موضحاً أن تلك الأخبار أصبحت تنشر في الصفحات الداخلية للصحف الأميركية وتذاع في الأخبار الثانوية في نشرات الأخبار. وهذا ما جعل الناس يعتقدون أن الأمور في العراق تتحسن حتى أن بعض الصحافيين أخذوا يتحدثون عن انخفاض نسبة الخسائر البشرية الأميركية. ورأى المعلق الأميركي أنه في حال لم يكن لدى الأميركيين صورة واضحة عما يحصل في العراق فإنهم لن يستطيعوا إجراء نقاشات جدية بشأن الخيارات المطروحة لحل الأزمة المستفحلة. من جانبها تذكرت على ما يبدو «واشنطن بوست» أن تكتب افتتاحية، يوم اشتداد المعارك في النجف واقتحام منزل الزعيم الصدر، أقرت فيها أخيراً، بأنها أخطأت عندما أهملت نشر انتقادات كانت تشكك في حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل قبل الحرب التي قادتها أميركا في أبريل/ نيسان من العام الماضي. وقال مسئول التحرير في الصحيفة الأميركية ليونارد داوني جونيور إن كل التركيز كان متمحوراً على توقع ما تفعله الإدارة بحيث أن الصحيفة لم تعط الفرصة نفسها للأشخاص الذين كانوا يقولون إن الذهاب إلى الحرب ليس بالفكرة الصائبة. معترفاً بأن الخطأ كان من جانبه. وكانت سبقت واشنطن بوست، إلى الاعتراف بالخطأ عينه، «نيويورك تايمز». ولا ندري إن كان الاعتذار ينفع بعد «خراب البصرة»

العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً