العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ

كي لا يموت الجنين

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

في قصر الشيخ حمد بالقضيبية راح سمو ولي العهد يسرد ألمه وخطته لاصلاح الاقتصاد البحريني... كلنا تفاجأنا بهذه الصراحة في تشخيص الواقع وشعرنا أن هناك مشروعاً اصلاحياً للاقتصاد كما كان قبل ثلاثة اعوام هناك اصلاح سياسي للبلاد، وبعيداً عن طبيعة المشروع الذي جاءت به شركة ماكينزي اكان مكتملاً ام ناقصا يبقى ان مفردات الخطاب وطبيعة تشخيص المشكلة والاقرار بوجود أزمة من قبل كل السلطة إذ المساندة وضحت في اليوم الثاني من شكر جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء لتبني ولي العهد لمشروع اصلاحي... لا شك ان هذا الايقاع المتفق عليه يعزز جدية معالجة الأزمة.

أنا مؤمن بقاعدة مفاهيمية مهمة «الاعتراف بالأزمة هو نصف حلها» وهذا ما قرأناه من خطاب ولي العهد حينما قال: «لا أعتقد انه من الصواب انه بينما يظل واحد من بين كل ثمانية بحرينيين عاطلاً عن العمل، تذهب وظيفتان من بين ثلاث وظائف جديدة إلى العمالة الوافدة... وللأسف فان هؤلاء الذين يواجهون هذه المشكلة سيشعرون بأنهم منسيون، لا يمكن السماح لهذا الوضع بالاستمرار». ثم قال ولي العهد: «انها مسألة عدالة وإنصاف».

وهنا مربط الفرس... انها مسألة عدالة وانصاف... كيف ننصف المواطن البحريني في الكعكة الاقتصادية... المسألة ليست مسألة كثافة سكانية كما صرح بذلك رئيس الجهاز المركزي للمعلومات أحمد بن عطية الله آل خليفة، انما المسألة تكمن في كيفية خلق برامج تصحيحية واصلاحية للاقتصاد، فكما تقول الدراسة سيفاجأ المجتمع البحريني في العام 2013 بكارثة كبرى وهي وجود مئة ألف عاطل عن العمل واليوم نحن نعاني - كما جاء في الدراسة من وجود عشرين ألف مواطن عاطل عن العمل... بمعنى ان طوابير البطالة ستزداد من دون وجود اقتصاد قوي.

بما أن السلطة تتفق معنا على وجود أزمة بطالة، إذاً ما المانع من ان نتعاون مع السلطة في حل المشكلة؟ والدليل ما طرحه ولي العهد من خطاب شجاع ومرقم وجريء ايضا وما بث من فيلم وثائقي يعكس حالات الفقر والبطالة في البلاد وأحزمة العوز المتناثرة في القرى والمدن وهنا قال ولي العهد في خطابه: «من الآن فصاعداً، لا اريد ان اسأل ابداً عن مستقبل اقتصادنا: فأتلقى اجابات مختلفة ولا اريد ان ارى النجاح الاقتصادي يمر على مواطنينا ولا يحظون منه بفرصة ولا نصيب ولا اريد أن اشهد مواهب الشباب تهدر لانهم لم يجهزوا لمواجهة واقع الاقتصاد في بلادنا. عندما أسمع عن نجاح المشروعات التجارية اشعر بالاطمئنان، ولكن بعد اية جولة اتفقد فيها احوال مدن وقرى المملكة واتحدث مع الناس اشعر بعدم الرضا».

هذه عبارات وردت في الخطاب تحتاج إلى وقفة تأمل... هذه العبارات أطلقها ولي العهد ليس في غرفة مغلقة وانما امام الملأ وامام الكاميرات وغطتها الصحافة وقام تلفزيون البحرين وعبر الفضائية ببثها أكثر من مرة وكذلك تم عرض الفيلم الوثائقي على القناة الاعلامية، بمعنى أن الخطاب يراد ايصاله إلى كل مكان وكان الخطاب بمثابة تعليق الجرس والاقرار بوجود مشكلة فقر وبطالة تحتاج إلى تكاتف الجميع... انها فرصة ذهبية لنضع يدنا في يد سمو ولي العهد وان نشارك في تصحيح الوضع الاقتصادي بالمنطق والعقل وتحكيم لغة الحوار ويجب على الجميع من تجار ورجال أعمال ومثقفين ومواطنين أن يبدوا تحفظهم أو قبولهم لاية خطة عمل من دون اي مجاملة مع مراعاة المصلحة العامة. ان الاسلوب السلمي والحوار المنفتح بلغة الارقام سيعملان على تكريس ارضية مشتركة للحوار الوطني. يبقى ان المشروع الاقتصادي الذي اعلن يحتاج إلى دراسة تخصصية والى سماع كل آراء طبقات المجتمع. فعلاً انها مسألة عدالة وانصاف مقولة اختصرت الطريق وجاء الوقت لتشجيعها وتعبيد الطريق لها وتوفير الأجواء والمناخات الجميلة لها حتى لا تموت سراعا وهي للتو في مرحلتها الجنينية.

في الختام نشكر سمو ولي العهد على نيته المخلصة لدعم الاصلاح الاقتصادي ودعواته لرفع مستوى معيشة المواطن البحريني حتى تبقى مملكة البحرين رائدة وسباقة نحو التحديث والتطوير

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً