العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ

لماذا الاستغراب ولماذا التجني على «الوفاق»؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

في الرسالة التي بعثتها «الوفاق» إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان مارتن أوموابي، والضجة الإعلامية التي شارك فيها البعض والفزعة الرسمية التي أثيرت والتي تكررت والتي تتكرر مع كل إيقاع معارض مع هوى الحكومة.

رسالة “الوفاق” أثير حولها لغط لا موقع له من الإعراب في شكل من أشكال خلط الورق، والمدارة على الأوضاع المحلية السياسية منها والحقوقية حركة فاشلة جدا ولن يكتب لها النجاح إذ إن القاصي والداني والمراقب الموضوعي الذي لا ينحاز إلى الرؤية الرسمية، ولن تنطلي عليه رؤية المعارضة سيرى بأم عينه بأن هناك تراجعات وليس تراجع في على جميع المستويات وعلى رأسها المستوى السياسي والحقوقي.

رسالة الوفاق كانت في محلها الصحيح وكما عودتنا الجهات الرسمية بأنها دائما تتجاهل المعارضة في كل رؤاها وآذانها مسدودة عن سماع الحقيقة أو التفاعل معها، ولكنها سرعان ما تهرول لتصف المعارضة بأنهم يستقوون بالخارج ويرتمون في أحضان الأجنبي بمجرد أن يكتبوا رسالة أو يلتقوا بأي شخصية خارجية سياسية كانت أو حقوقية لها ثقلها. لن ننسى إلى الآن ما قام به البعض عندما التقى نائب كتلة الوفاق جاسم حسين بوفد الكونغرس الأميركي وبعدها ما قام به النائب جواد فيروز مباشرة وأدى دورا إيجابيا.

الأوضاع التي تعيشها البحرين حاليا تبعث على الإحباط والضجر، لجوء المعارضة وتحديدا الوفاق إلى مجلس حقوق الإنسان لإرسال تقريرها باعتبارها أحد الدول التي تعاني من انتهاكات متكررة ومستمرة لحقوق الإنسان وتعاني من تردي الوضع الحقوقي في مملكة البحرين ليس ذلك بشيء لا جديد ولا غريب ولا يمثل ذلك فضيحة للمعارضة ولا انتكاسة للحركة المعارضة، بل بالعكس خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للضغط في سبيل الإيفاء بالتزامات الحكومة تجاه المعاهدات والاتفاقيات التي أخذتها على نفسها، وذلك بعد سدت الأبواب في وجه الناشطين من كل جانب.

اليوم الحكومة تجند كل طاقاتها في سبيل الانتقاص من الأدوار والتحركات التي تقوم بها المعارضة وتحاول بدورها الذود عن نفسها وتبرير أخطائها ومواقفها المتصلبة، ولعل ان اتهام الآخرين يشعر البعض بالراحة النفسية ويجعل من الطرف الآخر في موقع مرتبك ومقلق، ولكن هذا انما يؤكد اعتراف بالضعف واعتراف بصحة موقف الطرف الآخر... وإلا لماذا كل هذه الضجة وقد أقرينا ونقر على الدوام «لا تبوق لا تخاف».

ومن هنا نؤكد بأنكم إذا كنتم تنزعجون مرة واحدة فقط من لجوء المعارضة إلى الخارج من خلال كتابة التقارير - وهذا بدوره حق مشروع - كيف لكم أن تتجاهلوا نداءاتها المتلاحقة والتي تؤكد وتحث على ضرورة التلاقي وضرورة التحاور، ومن جهة لا بد كيف لكم أن تنزعجوا أصلا من لجوء المعارضة إلى الخارج.

ان علينا جميعا ان نتفاعل مع المجتمع الدولي بكل إيجابية وبشفافية وبصدقية، ولاينبغي دائما ان تكون الرؤية الرسمية هي الطاغية. ومن هنا نؤكد أنه إذا كانت ادعاءاتكم صحيحة ولا غبار عليها، فان عليكم أن تجمعوا الرؤى المؤيدة لكم والمعارضة لرؤاكم وتتركوا الحكم للآخرين حتى لا تكونوا قضاة لقضاياكم فيتأثر حكمكم في ذلك.

ارتياح المراقبين من تقرير المراجعة الشاملة للبحرين أبريل/ نيسان 2008 يضعنا في موقع المسئولية ويحملنا التزامات ومسئوليات أكبر داخليا وخارجيا، من المفترض العمل عليها لا أن نتباهى بذلك من دون القيام بواجباتنا تجاه من يتطلب علينا عمله والقيام به أمام المجتمع الدولي.

ولنكن صادقين مع كل التحولات من حولنا ولنقف قليلا لنقيم الإصلاحات السياسية والحقوقية التي نعاصرها، حتى لا نقاوم ونواجه كل صوت يتكلم بالحق ونتهمه بالافتراء مرة وبالتجني مرات ومرات.

لا أظن بأنه يوجد هناك أحد يرغب في أن يقول شيئا يتنافى مع الحقيقة والواقع ويصدق نفسه ما لم يكن أصلا صادقا فيما يدعيه من أقوال خصوصا بأن الشواهد التي ساقتها الوفاق تؤكد ما تدعيه بالحقائق والأرقام وموثقة بالتواريخ.

تراجعات مستوى حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وتدهور الأوضاع السياسية والحقوقية أمر خطير ولابد من التوقف عند تلك المحطة، يفترض أن تكون البحرين من أكثر الدول حرصا على احترام مبادئ وقواعد القانون الدولي، والالتزام بواجباتها الحقوقية بموجب الاتفاقيات الحقوقية والعمل على وضع التدابير اللازمة والحرص على الدفع بمزيد من الإصلاحات السياسية والحقوقية، وما ألزمت به نفسها من خلال توقيعها على الاتفاقيات وإقرارها بها، من معاملة لا إنسانية في مراكز التوقيف والسجون، والاستخدام المفرط للقوة وممارسة العقاب الجماعي، فضلا عن الاعتقالات التعسفية واستهداف النشطاء السياسيين والحقوقيين.

إذا كان من حق أي مواطن أن يلجأ إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة – بحسب عدد من الاتفاقياتالتي صدقت عليها البحرين - فلماذا لايكون الحق ايضا ل 17 نائب برلماني ان يكتبوا رسالة تدخل ضمن المعاهدات والتفاقيات؟ بمعنى آخر، فان الوفاق التزمت بالقانون المحل الذي صدق على قوانين دولية، وهم بذلك لم يخالفوا أي قانون.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً