العدد 764 - الجمعة 08 أكتوبر 2004م الموافق 23 شعبان 1425هـ

كيف نلائم قواعدنا التربوية مع أبنائنا المراهقين؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

لا يريد أبناؤنا المراهقون أن نطبق عليهم قواعدنا التربوية بصفتنا آباء مثلما كنا نفعل ذلك في تعاملنا معهم وهم أطفال... لذلك سنراهم يحاولون معارضة قراراتنا أو سيقومون باختبار مدى حزمنا في تطبيقها... والاختبار هو أسلوبهم الذي يريدون به التعبير عن مدى حاجتهم إلى المزيد من المرونة في قواعدنا الأساسية في التربية.

إن أكثر ما يشجع الأبناء على اختبار آبائهم هو الأسلوب المتساهل في التربية، وهذا الأسلوب يشجع الأبناء على الإلحاح في الحصول على ما يريدون فيقاومهم آباؤهم... ويحدث الشجار الذي يؤدي بالعلاقات بين الآباء وأبنائهم إلى التوتر والتعب النفسي.

رجاء مراهقة في الخامسة عشرة من عمرها... تشتكي من أن والدتها تعاملها كالطفلة.

أمي تعاملني مثل الطفلة... لا تدعني أفعل أي شيء وحدي... لا تدعني أذهب مع صديقاتي بعد المدرسة... والآن لا تسمح لي بدعوة صديقاتي إلى بيتنا لأنهم يشغلوني، في نظرها عن أداء واجباتي... وعندما أحاول أن أناقشها لا تستمع إلي... فهي تحاول أن تسيطر على كل شيء أريده... لا تدعني أن أبقى مع صديقاتي بعد الساعة العاشرة... أليس أمرا مضحكاً أن تعاملني هكذا وأنا في هذه السن وفي ليلة يوم الإجازة».

ما نلاحظه على سلوك رجاء أنها تريد ما يريده الأبناء المراهقون... حرية أكثر... المزيد من الاستقلالية والامتيازات... أكثر قدرة على اتخاذ أي قرار يتعلق بحياتهم الخاصة، قضاء وقت أقل في البيت وأكثر مع الأصدقاء. كما نلاحظ الرغبة في إعادة وضع القواعد الأساسية في التربية التي تحكم علاقتهم بآبائهم. فرجاء كانت طفلة مسئولة في البيت والمدرسة... تقوم بواجباتها وتنهيها قبل أن تنام مبكرا... وكان والداها يثقان بها عندما تظل في البيت وحدها إلى أن يعودا من العمل، وكان مسموح لها نتيجة ذلك أن تدعو صديقاتها إلى البيت عندما تكون أمها غير موجودة... لكنها عندما بلغت سن الخامسة عشرة... بدأت أطباعها في التغير... أخذت تقضي وقتاً أكثر مع صديقاتها ووقتاً أقل في أداء واجباتها الدراسية... أما غرفة نومها فقد أصبحت صورة للفوضى... أهملت واجباتها المنزلية وعلاماتها الدراسية بدأت في الهبوط من (b+) إلى (c) لأنها أصبحت تقضي معظم وقتها مع صديقاتها في الهاتف.

وأكثر ما كان يضايق أمها أنها كانت تدعو صديقاتها بعد المدرسة... وتعم الفوضى في غرفة المعيشة وفي غرفتها... ثم تترك كل شيء كما هو... كما أن رائحة التدخين أصبحت واضحة في البيت... أي أن البيت أصبح بلا حدود تلتزم بها رجاء مع صديقاتها.

قالت الآم لمعالجها النفسي: «لا أدري لماذا تفعل ابنتي كل ذلك بي؟... لم تكن تكسر قواعد البيت التي وضعناها - أنا ووالدها - من قبل» جلس المعالج النفسي مع الأم يناقشها من خلال عدة جلسات... طرق التعامل مع الأبناء المراهقين.

تكلم معها عن الطرق التي سيستخدمها الأبناء في اختبار آبائهم... ثم علمها كيفية تطبيق الحدود الحازمة مع ابنتها... وكيف تستخدم النتائج المنطقية لتسند قوانينها التي تضعها لها. واستغرق ذلك منه عدة جلسات... وكان مهماً للأم أن يوضح لها ذلك المعالج أن ما يعتبر غير طبيعي بالنسبة إلى سلوك ابنتها يعتبر سلوكاً عادياً لكونها تمر بمرحلة المراهقة... ثم ناقش مع الأم أهمية أن تمنح ابنتها المزيد من الحرية إذا أثبتت مسئولية في تصرفاتها مثلما كانت تفعل معها في الماضي.

أدركت الأم المخاطر وخيبات الأمل التي يواجهها الأبناء المراهقون وهم يكبرون... وكانت خائفة من أن تختار ابنتها قرارات سلبية على حياتها... لكنها أيضاً فهمت من المعالج أنها ستضر ابنتها إذا حاولت حمايتها من اختياراتها الضعيفة أو السلبية... لأن رجاء لن تتعلم تحمّل المسئولية حتى تتاح لها الفرص لتختار لنفسها وتختبر نتائج اختياراتها... فهي بحاجة إلى سعة من الحرية للاكتشاف. لكنها أيضاً بحاجة إلى قوانين صلبة لتقودها إلى ذلك الاكتشاف وإشباع فضولها... ونصحها المعالج بأن تكلم ابنتها في اليوم التالي.

دخلت أم رجاء إلى غرفة ابنتها وقالت لها:

«رجاء... لقد لاحظت أني لم أوضح لك ماذا أتوقع منك... أعتقد أن الوقت حان لكي نغير بعض القواعد... التي كنا نتشاجر بشأنها».

شعرت رجاء بالدهشة من كلام أمها وقالت لها: «هل أنت جادة فيما تقولين؟»

أجابت الأم «بالتأكيد... لقد مللت من الصراخ والتشاجر والمناقشات والمحاضرات الغاضبة معك... لقد وثقت بك من قبل... وأعتقد أنك على استعداد اليوم للمزيد من الامتيازات والمسئولية... لكنك يجب أن تؤدي أيضاً واجبك نحو البيت إذا كنت تريدين أن تحتفظي بهذه الامتيازات».

وافقت الابنة وبدأت الأم حديثها الذي ستشرح فيه لابنتها القائمة التي ستناقشانها.

وهو ما سيكون محور حلقتي في الأسبوع المقبل

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 764 - الجمعة 08 أكتوبر 2004م الموافق 23 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً