العدد 766 - الأحد 10 أكتوبر 2004م الموافق 25 شعبان 1425هـ

عقاب الـ 45 يوماً لا يناسب عهد الإصلاح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

افتتاح جلالة الملك الدور التشريعي الثالث للمجلس الوطني أمس الأول أعاد الأمل بإمكان تحريك الأجواء السياسية نحو الجانب الإيجابي، فواقع الحال يحتاج إلى معالجة؛ لأننا لا نستطيع انتظار البرلمان - بحركته البطيئة جداً وتكوينه الحالي - أن ينجز شيئاً يعزز النهج الإصلاحي الذي دشنه وبشر به جلالة الملك، الا اذا كان هناك دفع قوي من أعلى الهرم. فلدينا ترسانة من القوانين، بعضها معروف وبعضها ستظهره الأيام - بحسب الحاجة - لنكتشف أننا نتقدم خطوة أو خطوتين إلى الأمام لنعود خطوة أو خطوتين إلى الوراء.

لدينا مثلا «عقاب الـ 45 يوماً»، وهو عقاب تستخدمه النيابة العامة لمعاقبة أنواع مختلفة من الناس. ولن يكون لدينا اعتراض لو استخدم ضد الشخص الذي أطلق النار على حارس أحد المصارف، كما لن يكون لدينا اعتراض لو طبق على شخص يسطو على المال العام أو الخاص ولديه القدرة على السطو أو إخفاء دليل السطو. لن نعترض فيما لو طبق على شخص لديه شبكة دعارة يستورد نساء بريئات من هذا البلد أو ذاك ويقوم باغتصابهن وإجبارهن على ممارسة الرذيلة. لن نعترض على ذلك، بل نطالب بتطبيقه وتطبيق ما هو أشد منه. لن نعترض إذا ثبت أن هذا الشخص لديه السلاح لممارسة العنف لأي سبب، سياسي أو جنائي. ولن نعترض إذا طبّق هذا العقاب على مؤسسات وهمية يتم تكوينها من أجل استيراد عمالة أجنبية رخيصة ورميها في السوق، لتمتص خيرات البلاد لصالح مجموعة طفيلية لا ترحم أحداً.

لكننا سنمانع إذا طبّق هذا «العقاب» على من يجمع توقيعات على عريضة، وسنمانع إذا طبق ضد شخص نطق ببعض العبارات، وسنمانع إذا أغلق نادٍ عريق له تاريخه الممتد لعقود كانت مليئة بالحوادث والطوارئ، ولكنه لم يغلق، ثم ندخل عهد الإصلاح لنشاهده موصد الأبواب.

سنمانع إذا كنا نرى الحماس في تطبيق «العقاب» فقط، من دون حماس في الجانب الآخر، جانب الدعم التشريعي والتنفيذي للمسيرة الإصلاحية. فالبلاد بحاجة إلى تشريع قانون للأحزاب السياسية يتناسب مع دولة عصرية، وإذا كان البعض يعتقد أن تكوين أو مسمى «حزب» كثير على البحرين، فإن تكوين ومسمى «وزارة» كثير على البحرين أيضاً؛ فالوزارة الحديثة مرادفة للبرلمان ومرادفة للحزب ومرادفة للجيش ومرادفة للمخابرات، فلماذا نقبل بكل ما أتى به العصر الحديث من وسائل في جانب السلطة ونرفضه إذا كان في جانب المجتمع؟

هذا المثال يوضح أن السلطة التنفيذية ومعها السلطة التشريعية والسلطة القضائية تتحمس جداً إذا كان الأمر يرتبط بتكرار ممارسة أساليب حقبة أمن الدولة، ولكن لا تجد الحماس نفسه إذا كان الأمر يرتبط بالإصلاح والمستقبل. وإلا فما المبرر للاستمرار في العمل بترسانة القوانين القديمة ومنع إصدار قوانين أخرى (مثل منع أو تعطيل أو تـأخير إصدار قانون الصحافة على رغم التصريح المباشر والدعم المباشر من القيادة السياسية بذلك)؟

هذه الأسئلة نطرحها دائماً، ولكن مع ازدياد تطبيق «عقاب الـ 45 يوماً» نخشى أن نغمض أعيننا ونفحتها وإذا بنا في عهد «أمن الدولة»، ولكن من دون مسمى قانون أمن الدولة. نخشى ذلك إذا جاملنا أصحاب الشأن وأسمعناهم ما يودون سماعه فقط... ولكننا، وكما عاهدنا الجميع، سنكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، لكي نصلح حالنا ونتقدم إلى الأمام

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 766 - الأحد 10 أكتوبر 2004م الموافق 25 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً