العدد 770 - الخميس 14 أكتوبر 2004م الموافق 29 شعبان 1425هـ

بهارات لشهر رمضان

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

بماذا يرتبط شهر رمضان الكريم في ذهنك؟ سؤال حاولت توجيهه إلى عدد من الأشخاص بفئات مختلفة... فجاءتني الإجابات متفاوتة إلى حد ما ولكن غالبيتها تنصب في بوتقة إشباع البطون بما لذ وطاب من طعام تزخر به عادة الموائد الرمضانية!

عند ذلك سألت: هل يعقل أن يكون مفهوم شهر رمضان مرتبطا بالأكل فقط؟ إذاً، ما الحكمة من سنه من الله تعالى كفرض واجب علينا القيام به على أكمل وجه؟ أويعقل أن تهذيب النفس الذي طالما ردد على مسامعنا واختبرنا فيه أيام المدرسة يكمن في إشباع البطن بعد جوع نهار طويل؟!

تذهب إلى الأسواق ومحلات السوبر ماركت فيصيبك الدوار مما ترى! اكتظاظ سكاني يفوق سكان القاهرة والصين... والكل في هرولة يصارع الواقف على يمينه والمنحني على يساره ليفوز بالغنيمة قبل أن يصل إليها الآخر، فلا ينفع الندم بعد ذلك، فلكل مجتهد نصيب ولذلك علينا الكفاح والجهاد من أجل الظفر بما نريد!

وأنت ترى هذه المشاهد لا يراودك شك في أننا مقبلون على حرب ضارية ولذلك يجب أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أيام قاحلة ربما تكون من تداعيات تلك الحرب!... فالمشاهد ذاتها جعلتني أسترجع أيام الغزو العراقي على الشقيقة الكويت وكيف وجهنا إلى تخزين أكبر قدر من المؤن وشراء الأقنعة وتغليف منافذ بيوتنا وشبابيكها بالبلاستيك حتى باتت البيوت وكأنها هدية مغلفة تقدم في أعياد الميلاد والمناسبات الخاصة! ولجهلنا بأمور الحرب أساسا قضينا على هذه المؤن في ظرف يومين وبادرنا إلى شراء غيرها... وأظننا لو طال أمد الحرب أكثر لن نستطيع بعدها حمل أجسادنا المكتنزة لحما وشحما وربما لن نتمكن من التعرف على أنفسنا ولا حتى أقاربنا!

إزاء ذلك، ما الذي يميز شهر رمضان عن باقي الشهور؟ أو سنموت من الجوع؟ بحسبة بسيطة لا ألمس هناك أي فرق - طبعا من ناحية الأكل فقط - فما كنا نأكله ونقسمه على ثلاث وجبات بإمكاننا أن نستجمعه في وجبة واحدة في شهر رمضان! أي من المفترض أن يكون المصروف واحدا إن لم يكن أقل في الشهر الفضيل!

الكل يطالب بوقف القروض في هذا الشهر وبزيادة الرواتب أو توزيعها قبل الموعد المعتاد من كل شهر... الكل يبدأ استعداده قبل مدة من الشهر الكريم وبعده يبادر إلى شراء أضعاف مضاعفة مما شراه سابقا... كنت أحسب بداية أن هذه المطالبات للراحة من هم القرض ولو لشهر أو لأن المطالب بذلك قد جنى عليه أمر جديد سيسلبه كل ما في الجيب فيبيت على الحديد إن لم يؤجل قسطه ولو لمدة شهر... ولكن يبدو أننا تناسينا كل شيء في الشهر المبارك ولم نعد نذكر إلا الأطباق الشهية التي إن طالب بها الأزواج زوجاتهم في غير رمضان لقلن ساخرات: «ليش احنا في رمضان؟!».

فعلا هذا الشهر مميز... مميز حتى في أطباقه... فحبذا لو أطعمناها بعبارة «مبارك عليكم الشهر» نوصلها إلى البعيد قبل القريب... فلاشك في أن طبقنا ساعتها سيكون أشهى وألذ... فسارعوا إلى شراء هذا البهار العجيب الذي ستجدونه مكدسا في ركن من أركان قلوبكم والحمد لله أن صلاحيته بحكمة من رب العالمين لا تنتهي أبدا

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 770 - الخميس 14 أكتوبر 2004م الموافق 29 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً