العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ

وزارة الخارجية الأميركية تعري إذاعة «سوا»

في تقرير لمفتشها العام

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

تؤكد مسودة تقرير أعده المفتش العام لوزارة الخارجية الأميركية فشل إذاعة سوا في أداء مهمتها في تغيير نظرة العرب تجاه الولايات المتحدة. ويقول التقرير إن الإذاعة التي تمولها الحكومة الأميركية بعشرات الملايين من الدولارات سنويا إلى جانب قناة الحرة التلفزيونية فشلت في تحقيق مهمة تشجيع ونشر الديمقراطية والاتجاهات المؤيدة للولايات المتحدة.

وعلى رغم أن التقرير يذكر أن إذاعة سوا قد اجتذبت عددا كبيرا من المستمعين العرب بفضل ما تبثه من موسيقى وأغاني شعبية «شبابية» إلا أنها فشلت في قياس ما إذا كانت أثرت على العقول بما فيه الكفاية. ويتساءل التقرير أيضا عن صدقية نتائج الاستطلاعات التي قامت بها بعض مراكز ومعاهد البحث واستقصاء الآراء التي قدمت إلى الكونغرس الأميركي من مجلس محافظي البث الذي يشرف على سوا لإقناع أعضاء الكونغرس بمواصلة التمويل، إذ تبلغ كلفة راديو سوا لوحده 22 مليون دولار سنويا فيما تم تخصيص 62 مليون دولار لقناة «الحرة» للعام 2004 فيما تم صرف 40 مليون دولار أخرى في مرحلة الإعداد. وهذه المبالغ هي جزء من الموازنة المخصصة لإعادة إعمار العراق وأفغانستان البالغة 18,7 مليار دولار.

وقد أعطت اللجان المستقلة من خبراء اللغة العربية الذين عينهم مكتب المفتش العام للخارجية الأميركية برامج إذاعة سوا تقييما مختلطا، وقالوا إنها لا تماثل «الجزيرة» فيما يتعلق بالنوعية وأن الآباء والأمهات يفضلون ألا يستمع ابناؤهم المراهقون إلى راديو سوا لأن ما تبثه يحتوي على قواعد عربية ضعيفة جدا. وخلصت إحدى اللجان إلى نتيجة مفادها أن «راديو سوا فشل في تقديم أميركا إلى جمهور المستمعين» وقد احتج مجلس محافظي البث على التقرير الذي يقع في 49 صفحة مشككين في الطريقة التي اعتمدت في وضعه والافتراضات التي توصل إليها».

وقد استند التقرير إلى مقابلات مع خبراء في واشنطن والدول العربية التي يصل إليها بث سوا والحرة، ومع مسئولين أميركيين وخبراء في الدبلوماسية العامة. وكان يفترض أن ينشر التقرير في شهر أغسطس/ آب الماضي غير أن الضغوط التي يمارسها متنفذو مجلس محافظي البث وخصوصاً المسئول المباشر وصاحب فكرة سوا والحرة نورمان باتيز من خلال كبار المسئولين الأميركيين وجماعة «إسرائيل» في الحكومة والكونغرس قد أجلت نشر التقرير وقد بلغت الضغوط حدا كما تقول مصادر مطلعة إلى أن المفتش العام للخارجية الأميركية قد يعمد إلى تخفيف لهجة التقرير ونتائجه.

وتشير مسودة التقرير إلى أن مسئولي مجلس محافظي البث الذي يضم تسعة أعضاء (أربعة جمهوريين وأربعة ديمقراطيين إلى جانب وزير الخارجية الأميركي) غالبا ما تدخلوا بمقابلات وربما أخافوا بعض الموظفين وجعلوهم «أقل استجابة».

ويؤكد المفتش العام كاميرون هيوم بعد ان استكمل وضع مسودة التقرير أن التقرير قد تم تنقيحه معترفا بأن مجلس محافظي البث اشتكى من التقرير، لكنه أعرب عن وجود اهتمامات خاصة به، وقال إن التقرير ارتكز على «وجهة نظر خاطئة» عن القانون الخاص بسوا. وامتنع عن تقديم المزيد من التعليق.

وقال رئيس مجلس محافظي البث الدولي الأميركي كينيث توملينسون «لقد كان هناك الكثير من الضجة حول التقرير وان راديو سوا واحد من أكبر النجاحات التي سبق للولايات المتحدة أن حققتها في البث الإذاعي الدولي، ولكن نقاده قدموا مساهمات تجاوزت الحدود المعقولة في تقرير مليء بالثغرات».

أما نورمان باتيز، وهو امبراطور إعلامي يمتلك شبكة إذاعات «ويستوود وان» الأميركية ومن كبار المتبرعين للحزب الديمقراطي، كان الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون عينه في مجلس محافظي البث، فقد قال في تعليقه على التقرير «إن هناك الكثير من عدم الدقة وسوء الفهم والمعلومات الخاطئة في التقرير تحتاج إلى تصحيح» مضيفا أن التقرير فشل في التقيد بالمستويات المقبولة فيما يتعلق بالتدقيق الحكومي واساء تقديم مهمة سوا وأدائها كما اساء تفسير المتطلبات الفيدرالية ومتطلبات الكونغرس.

وتقول مسودة التقرير ان الأخبار وبرامج المعلومات تمثل 25 في المئة من بث إذاعة سوا ويبدو أن هناك ترددا بين المسئولين لاستخدامها كأداة في الدبلوماسية العامة. ويذكر التقرير أن راديو سوا لم يحقق بالكامل متطلبات وثيقة صوت أميركا في تقديم سياسات الولايات المتحدة بصورة «واضحة وفعالة» وتقديم أبحاث ووجهات نظر مسئولة بشأن هذه السياسات. «ويذكر أن صحيفة (لوس أنجليس تايمز) قد نقلت عن رئيس الحكومة العراقية المؤقتة إياد علاوي قوله انه يعتقد أن الحرة قد فشلت في مهمتها، ودعا الحكومة الأميركية إلى إقفالها وتوفير نفقاتها. وقد سبق لصحيفة «واشنطن تايمز» اليمينية أن ذكرت أن استطلاعات الرأي التي يجريها مجلس محافظي البث إنما تقوم بها مؤسسات تابعة لباتيز ويقوم بتمويلها شخصيا.

ويذكر أن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي الإسرائيلي بواشنطن كان وراء تقديم فكرة وأصحاب ومروجي إذاعة سوا إلى رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأميركي هنري هايد لعقد جلسة استماع في شهر نوفمبر الماضي دعا فيها صحافيين وإعلاميين عرب ومسلمين طلبوا منهم إرشادهم لأفضل الطرق للتعامل مع المنطقة. وكان أحدهم الصحافي اللبناني الأصل موفق حرب الذي عين فيما بعد مديرا للأخبار في «إذاعة سوا»، والحرة، إذ يقول ان الأخبار التي سيتم بثها ستكون «موضوعية وصريحة ومتوازنة»، علما أن الإذاعة هدفها نشر الدعاية الأميركية في المنطقة.

ويقول التقرير إن مسئولي سوا يركزون في استطلاعاتهم على نسبة المشاهدين والمستمعين في كل دولة عربية من دون البحث عما إذا كان لسوا تأثير على جمهورها في مهمتها مكافحة وجهات النظر المعادية للولايات المتحدة في وسائل الإعلام العربية. غير أن أحد المشاركين الثابتين في برامج الحرة يؤكد أن الأرقام التي تذكر حول نسبة المستمعين غير صحيحة وأن نسبة المشاهدة لقناة الحرة يكاد لا يذكر قياسا إلى المحطات الفضائية العربية الأخرى.

وقد سارع مجلس محافظي البث فور علمهم بمسودة التقرير إلى العمل على إدخال تغييرات على سوا والحرة، من بينها إدخال تعديلات على برامجها الإخبارية من خلال نقل مدير الأخبار موفق حرب إلى منصب نائب مدير محطة سوا التي تشرف أيضا على الحرة، إذ سيتم نقل مكاتب سوا لتكون ضمن مكاتب الحرة في منطقة سبرينغ فيلد بولاية فرجينيا بدلا من مكاتب صوت أميركا في العاصمة واشنطن

العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً