العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ

رسّام ستالين المفضل مازال يرسم وعمره 104 أعوام

اراد ادولف هتلر اعدامه بمجرد سقوط موسكو في أيدي القوات النازية، وقتل الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين شقيقه، ودعاه ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي للكرملين.

انها الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة هي التي جلبت لبوريس يفيموف كل ذلك.

بعضها فجر احتجاجات دبلوماسية غاضبة وخصوصاً تلك التي كانت تنال من خصوم الاتحاد السوفياتي الايديولوجيين في الغرب بأوامر من ستالين شخصياً.

والآن يبلغ عمر يفيموف 104 أعوام وقد كف بصره تقريباً ويسمع بصعوبة بالغة. ومع ذلك مازال رسام ستالين المفضل يقبض على الفرشاة ليرسم يومياً بعض الاسكتشات وبقي معه حس إنساني يساعده على مواجهة شياطين الماضي.

قال: «كنت أتلقى الأوامر من ستالين. ويؤسفني قول ذلك الا أنه كان عليّ الاستهزاء بأولئك الذين احترمهم. لم يكن ثمة مجال للرفض... لأنني...» ومر بيده على رقبته في إشارة إلى قطع الرقبة بعد ان تقطعت أنفاسه.

طوال معظم سنوات القرن العشرين منذ الثورة البلشفية وحتى إصلاحات غورباتشوف المعروفة باسم المكاشفة «بيريسترويكا» خدم يفيموف الدولة السوفياتية وقدم رسوماً كاريكاتيرية يستهزأ فيها بخصوم موسكو من أجل الاستهلاك الجماهيري.

في سنوات الحرب العالمية الثانية كان الهدف دعم معنويات القوات السوفياتية في الخطوط الأمامية وفي الحرب الباردة سعوا لإقناع الشعب بأن العالم الرأسمالي مقضي عليه بالفناء لا محالة.

وفي برقية تلغرافية إلى يفيموف بمناسبة عيد ميلاده يوم 28 سبتمبر/ أيلول أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تقديره لـ «الموهبة اللامعة والعمق والحس الإنساني والحكمة» التي يتمتع بها الرسام المعمر.

كانت رسوم يفيموف التي تنشرها الصحف السوفياتية بسيطة للغاية حتى تناسب جمهوراً عريضاً غير مثقف.

رجل مثل هتلر كان يفيموف يرسمه كشخصية مجنونة ذات مظهر مزرٍ. واثناء الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة هي العم سام ذو المظهر الوضيع الذي يلعب بالصواريخ وفي الغالبية كان يضع علامة الدولار لتأكيد المقصود.

وقال يفيموف: «كما تعرف كانت رسومي سلاحاً. كان لابد أن تضرب بحدة وتهزأ بقوة». ويعيش يفيموف الآن في موسكو في شقة تطل على نهر محاطاً بتاريخ مثير مكدس حوله في كتب والبومات وصور.

كل يوم يرسم يفيموف لكن للمتعة الشخصية في الغالبية. فهو لم يعد يقدم رسوماً سياسية لأن روسيا ما بعد الحرب الباردة كما يقول لا تولي أهمية لهذا النوع من الفن.

وتابع «هل تتخيل ان لدينا الآن في بلدنا قتلة مأجورين. كل يوم يقتلون مديراً أو رجل أعمال. انها ليست قضايا تتناولها الرسوم الكاريكاتيرية... لا أعرف كيف يمكن صنع فكاهة من مثل هذه الحوادث البشعة». عاش يفيموف حوادث جساما. وربما كان من أسوئها قتل أخيه في عهد ستالين مع آلاف غيره. ومثل الملايين الآخرين لم يكن يستطيع طبعاً أن يتكلم.

لقد أنقذته موهبته من مصير سيئ حاق بأعداد لا حصر لها من الناس في عهد ستالين.

وقال: «كانت حسبة اقتصادية مفيدة بالنسبة إليه - ستالين -. كان الحاكم بأمره. أدرك ان لديه رساماً جيداً هو في حاجة إليه. من ثم قال دعوه يعيش». ولأنه يهودي كان يفيموف يسخر يومياً من هتلر. وعندما أبلغوه بأن هتلر أمر بإعدامه بمجرد سقوط موسكو قال الرسام إنه سيفضل ان يواجه غضب هتلر على ان يواجه ستالين.

وأصبح ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية هدفاً مستمراً لرسوم يفيموف اليومية بعد الحرب. وبأوامر من ستالين كان يرسم الرئيس الأميركي السابق دوايت ايزنهاور وهو مدجج بالسلاح.

وكان يفيموف صديقاً لخصم ستالين الثوري ليون تروتسكي ومازالت حتى الآن ذكرياته معه تثير الألم في نفسه. أنه لا ينسى لقاءهما الأخير العام 1928 عشية نفي تروتسكي إلى آسيا الوسطى في الاتحاد السوفياتي كما لو أنهما التقيا أمس.

يتذكر يفيموف هذا اللقاء قائلاً: «قلت له تعرف... اعتقد أن الابتعاد عن السياسية لابد سيفيدك. فرد تروتسكي/ لا أنوي أخذ راحة من السياسية ولن أفعل. ولا أنت. انك تواصل الرسم لأنك رسام جيد». افترقا كأصدقاء لكن يفيموف كان عليه ان يهاجم تروتسكي بأوامر من ستالين وهو شيء يثقل ضميره. وقتل تروتسكي العام 1940 على يد عملاء ستالين في المكسيك بعدما جاب العالم.

ويكن يفيموف تقديراً كبيراً لجورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفياتي والزعيم الروسي الوحيد الذي دعاه للكرملين.

وعلى رغم مرور كل هذه السنوات لا ينسى ابداً يفيموف مقتل شقيقه الصحافي ميخائيل كولتسوف في الثلاثينات. وألقى ستالين القبض على رئيس تحرير صحيفة الحزب الشيوعي «برافدا» كولتسوف العام 1938 وأعدم بعد تعذيبه وهو في الاربعين من العمر





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً