العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ

قانون معاداة السامية هو بمثابة إعلان الحرب على كل دولة تنتقد «إسرائيل»

المرجع الديني السيدمحمد حسين فضل الله:

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في خطبته السياسية يوم الجمعة (22 أكتوبر/ تشرين الأول) قال المرجع الديني السيدمحمد حسين فضل الله إن «أميركا و(إسرائيل) تراهنان على إسقاط الشعب الفلسطيني تحت تأثير المجازر الوحشية التي يمارسها الجيش الصهيوني، من أجل رد فعل فلسطيني ضد المجاهدين في الانتفاضة بذريعة «أنهم السبب في ذلك»... ولكننا نلاحظ أن هذا الشعب الذي عانى أخيراً من عمليات الإبادة في مخيم جباليا، والتي حصدت 140 شهيداً، ودمّرت أكثر من مئة منزل وشرّدت الآلاف، لايزال صامداً مع المقاومة، حتى أنه - بحسب معلوماتنا الدقيقة - لم يوافق على تنازل المقاومة عن إطلاق صواريخ القسّام ضد المستوطنات الصهيونية عندما انطلقت بعض التصريحات في هذا الاتجاه للتخفيف من الضغط الإسرائيلي على الشعب، وطلب من المجاهدين الاستمرار في المقاومة لأن الضغوط الوحشية العسكرية زادته صلابة وقوة وتحدياً للمحتل، ولأنه آمن بأن «إسرائيل» - ومعها أميركا - تهدف إلى الاستسلام الفلسطيني برفع الراية البيضاء، لتفرض عليه كل شروطها المذلّة، من دون أن تمنحه كيان الدولة التي يلوّح بها الرئيس الأميركي نفاقاً وخداعاً وخدمة لـ (إسرائيل)».

وواصل القول: لقد عرف الفلسطينيون من خلال تجاربهم الطويلة أن المشكلة ليست محصورة في موقف الجزّار شارون، بل إنها تمتد لأكثرية اليهود في فلسطين الذين يرفضون أيّ انسحاب من المستوطنات في غزة وفي بعض مناطق الضفة الغربية، وأيّ هدم للجدار، أو تنازل عن القدس، أو إقرار لعودة اللاجئين.

لقد أصبحت المسألة حرباً شاملة بين اليهود والفلسطينيين، لتمتد بين العرب والمسلمين من جهة والجماعات اليهودية والمسيحيين المتصهينين في أميركا التي تملك التأثير السياسي على الانتخابات الأميركية، الأمر الذي جعل التنافس بين المرشح الجمهوري والديمقراطي بشأن المزايدة في التأييد المطلق لـ «إسرائيل»، ومحاربة العرب، وتدمير الشعب الفلسطيني، وممارسة الضغط على حلفاء أميركا وأصدقائها، من أجل تحويل مجلس الأمن الدولي إلى موقع متقدّم لمنع إدانة «إسرائيل» على مجازرها، والضغط على قضايا العرب والمسلمين، لأن القانون الدولي أو الإنساني والشرعية الدولية لا دور لها إلا للضغط على الواقع الإسلامي والعربي؟!

والسؤال: هل نفهم من ذلك كله أن هناك حرباً عالمية ضد الإسلام والمسلمين؟ وهل قانون معاداة السامية الذي أصدره الرئيس الأميركي بمثابة إعلان الحرب على كل دولة تنتقد اليهود في سياستهم الفلسطينية، أو تعاديهم في تصرفاتهم العدوانية، بينما تُعطى كل الحرية لمعاداة العرب والمسلمين وكل الشعوب الأخرى الخاضعة لاضطهادات دينية أو عنصرية؟ هذه هي صورة أميركا في الحرب ضد الإنسانية لحساباتها الانتخابية الداخلية على حساب المستضعفين كلهم!

أما المشهد العراقي فيتكرر في مآسيه التي كانت من نتائج الاحتلال الأميركي في مفاعيله السلبية، فمن حصار هذه المدينة وتلك، ومن ثم دكّ بيوتها بغارات الطائرات، الى المتفجّرات التي تقتل من العراقيين أضعاف ما يُقتل من الأميركيين، الى عمليات الخطف المتواصلة التي لا توفّر حتى العاملين في المجالات الإنسانية، إلى أعمال النحر والذبح التي نسمع عنها يوماً بعد يوم، وأعمال الاغتيال التي قد تتمثل في عناوين طائفية ومذهبية بما يهدد الوحدة الإسلامية من جهة، والوطنية من جهة أخرى.

إننا في الوقت الذي نحمّل فيه الاحتلال المسئولية عن كل هذه الجرائم، سواء التي ارتكبها بشكل مباشر أو غير مباشر، نؤكد أن هؤلاء الذين يخطفون بلا حساب، ويذبحون بلا حساب، يعملون لخدمة المحتل ولحسابه.

ولابد لنا من الإشارة الى الحملة الوحشية ضد المسيحيين وكنائسهم، بما قد يؤدي الى تشريدهم من العراق من دون أيّ ذنب أو مشكلة طائفية، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع - في كل مسارات التاريخ العراقي - أنه لم تحدث مثل هذه الجرائم في أيّ عهد إلا في عهد الاحتلال الذي زرع الفوضى في العراق، بالتحالف المخابراتي بين مخابراته ومخابرات «إسرائيل» (الموساد) التي تعمل في خططها التدميرية على منع ولادة عراق حرّ قويّ تتعايش أطيافه الدينية والعرقية والسياسية.

أما لبنان، فإنه يعيش في مرحلة هي من أصعب المراحل التي تمر عليه، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، وخصوصاً الأميركية التي تريده أن يكون ساحة للضغط على سورية من أجل تأمين راحة أكثر لاحتلالها للعراق، ولتقديم المزيد من الأوراق لـ «إسرائيل».

إننا نتصوّر أن ما يتحرك به النادي السياسي في لبنان، من المقاطعة على الصعيد السياسي، ومن المواقف الحادّة التي تخلق حالاً من العنف في الأبعاد السياسية والطائفية التي ينفذ إليها الكثيرون من الذين يلعبون لعبة الأمم، ومن الذين يصطادون في الماء العكر... لقد نسي الجميع الشعب اللبناني في أزماته الخانقة، وتحوّلت المسألة الى أكثر من جدل عقيم قد يمنحه الصراع بعض العناوين الوطنية، على طريقة حوار الطرشان.

إننا نقول للجميع: إن الشعارات اللاواقعية على مستوى المرحلة ستؤدي إلى الجدل الذي لا ينتج وفاقاً وطنياً، بل قد يحوّل الساحة الى إنتاج جديد لأكثر من أزمة سياسية واقتصادية وأمنية قد تُسقط الهيكل على رؤوس الجميع، الذين يحمل كل واحد منهم - من خلاله - فأساً من هنا وهناك، لتتساقط كل أحجار البلد من كل قلاعه التاريخية

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً