العدد 782 - الثلثاء 26 أكتوبر 2004م الموافق 12 رمضان 1425هـ

خبراء إسرائيليون: حرب العراق زادت الإرهاب في العالم

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

لن يكل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير عن القول إن حرب العراق التي قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا، جعلت العالم أكثر أمانا. لكن في الغضون بالكاد هناك من يصدقها داخل المجتمعين الأميركي والبريطاني. وفقا لآخر الإحصاءات يتفق 30 في المئة فقط من الأميركيين بالرأي مع الإدارة الأميركية ويعارضها 52 بالمئة من الأميركيين الذين يعتقدون جازمين اليوم أن حرب العراق زادت الإرهاب في العالم. هذا الرأي يؤيده أيضا تقرير يحمل عنوان: الميزان الاستراتيجي للشرق الأوسط الذي صدر عن مركز يافا للدراسات الاستراتيجية الذي يعتبر مطبخ أفكار السياسة الخارجية الإسرائيلية، وهو تابع لجامعة القدس.

وكان بوش قد صرح بتاريخ الثاني عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في مهرجان انتخابي: بناء على معلوماتي، فإنني كنت سأتخذ القرار نفسه الذي اتخذناه لشن حملتنا العسكرية على العراق. لقد أصبحت أميركا والعالم أكثر أمانا بوجود صدام حسين في السجن. ولأننا تصرفنا بما هو مناسب في أفغانستان والعراق فإن أميركا أصبحت أكثر أمانا ومعها 50 مليون شخص يتمتعون اليوم بالحرية.

لكن الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين ذكروا في تقريرهم أن حرب العراق خرجت عن الإطار الحقيقي للحرب الدولية المناهضة للإرهاب. عوضا عن أنه جرى التركيز السياسي والعسكري والإعلامي على هذه الحرب التي كلفت الكثير من المال والعتاد العسكري وحياة البشر. شكا التقرير من أن بوش باع العالم حرب العراق بأنها في إطار الحرب المناهضة للإرهاب بعد أن اتهم نظام العراق السابق بالتعاون مع «القاعدة» وأنه يملك أسلحة الدمار الشامل. لكن التقرير الإسرائيلي يؤكد أن الحرب عززت قوة ونفوذ الإسلاميين ولم تضعفهم وأن «القاعدة» بالذات وعناصر أخرى مثل جماعة أبومصعب الزرقاوي استفادت كثيرا من حرب العراق.

وجاء في التقرير أن العراق أصبح حلبة للجهاد، وبسبب ازدياد ظاهرة التفجيرات الانتحارية يحتاج الوجود العسكري الأميركي في العراق بصورة متزايدة إلى أسلحة وأموال كان بالوسع استخدامها بصورة أفضل في مواجهة تهديدات الإرهاب في مناطق أخرى من العالم. في هذا السياق فإن الخبير الإسرائيلي يورام شفايتزر من مركز يافا حذر في التقرير من أن يتجاوز الإرهاب حدود العراق وينتقل إلى بلدان مجاورة ويجد أن السعودية مهددة بصورة خاصة وكتب في التقرير يقول: هكذا يكون الأميركيون والبريطانيون قد ساعدوا أسامة بن لادن بالاقتراب من تحقيق حلمه بالسيطرة على نظام الحكم في السعودية. وتصدى هذا الخبير الإسرائيلي في تحليله لمزاعم الحكومة الإسرائيلية بأن الحرب التي تخوضها ضد الفلسطينيين هي جزء من الحرب الدولية المناهضة للإرهاب وكتب يقول: هذه حرب وطنية. وكشف شفايتزر النقاب عن نتيجة ملفتة للانتباه فقد قام هذا الخبير باستجواب فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية وتبين له أنهم يرفضون «القاعدة» ولا يتعاطفون معها كما وجهوا انتقادات قاسية لها.

من بين المساهمين بهذا التقرير الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي شلومو بروم الذي وصف حرب العراق بأنها كانت خطأ استراتيجيا. قال شلومو: كان العراق بلدا مناهضا للإسلاميين لكن الحرب أتت بنتائج عكسية، إذ إن هذا البلد أصبح حلبة جذابة يقصده إسلاميون من أنحاء العالم للمشاركة في حربهم الجهادية. ويكشف هذا الخبير العسكري إن الولايات المتحدة ولأول مرة اكتشفت في حرب العراق أن لقوتها العسكرية الجبارة حدوداً أيضا.

يتعرض تقرير مركز يافا كذلك إلى الوضع الاستراتيجي في «إسرائيل» ومنطقة الشرق الأوسط ويشير إلى أن الدولة العبرية مازالت تحافظ على تفوقها العسكري على كل الدول العربية من ناحية القوة العسكرية التقليدية بل أن هذا التفوق زاد في السنوات الأخيرة. وهذا التفوق ينطبق أيضا على مصر التي تحصل بدورها على أسلحة أميركية. يقترح التقرير أن تعمل الحكومة الإسرائيلية من أجل استئناف مفاوضات السلام مع سورية والاستفادة من استعداد الرئيس السوري بشار الأسد لمتابعة المفاوضات عند النقطة التي توقفت عندها. بينما وجد الخبراء الاستراتيجيون عدم وجود خطر يذكر على أمن «إسرائيل» من قبل سورية إلا أن البرنامج النووي الإيراني أصبح اليوم أكبر تهديد يثير قلق الإسرائيليين.

وكشف التقرير أن المناقشات في «إسرائيل» بشأن البرنامج النووي الإيراني تقود دائما إلى خيار عسكري على رغم تحذيرات الأوروبيين المتتالية من عواقب هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية. ويعتقد المراقبون أن استعداد «إسرائيل» لشن غارات جوية على مواقع داخل إيران سيزداد في حال إعادة انتخاب الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بتاريخ الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وتفيد تقارير صحافية غربية إلى أن الحكومة الإسرائيلية حصلت من إدارة بوش على الضوء الأخضر للقضاء على طموحات إيران النووية. من جانبها قالت «إسرائيل» إنها لن تسمح لدولة إسلامية امتلاك قنبلة ذرية.

يشير الخبير الإسرائيلي إفراييم كام في التقرير إلى أن استعداد الولايات المتحدة أصبح أكبر من السابق نحو خيار استخدام القوة العسكرية ضد إيران وكتب يقول: إذا قررت «إسرائيل» القيام بالضربة فإنه يتعين عليها التنسيق عسكريا ودبلوماسيا مع الولايات المتحدة التي توجد قواتها في العراق أي في موقع يفصل بين «إسرائيل» وإيران.

أشار كام محذرا من أن ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية ترافقها صعوبات كثيرة منها على سبيل المثال عدم معرفة «إسرائيل» بكل مواقع البرنامج النووي الإيراني عوضا عن الخشية من التعرض لضربة انتقامية كون إيران تملك صواريخ (شهاب) التي اختبرت حديثا ووفقا لتأكيدات خبراء عسكريين إسرائيليين بوسعها ضرب أهداف في عمق الدولة العبرية. وعلى رغم أن مدير مركز يافا للدراسات الاستراتيجية شائي فلدمان يرى أن «إسرائيل» مازالت متفوقة نوويا على جميع دول المنطقة ومن ضمنها إيران إلا أنه الأخذ في الاعتبار أيضا احتمال توجيه ضربة وقائية وعلى رغم أن هذه الضربة لن تدمر كل أقسام البرنامج النووي الإيراني لكن بوسعها أن تعطله وهكذا يجري تأخير تكامل البرنامج عدة سنوات.

وقال الجنرال السابق بروم، إنه في حال نجاح إيران في تسليح نفسها بترسانة نووية ستسعى دول إقليمية أخرى للحذو حذوها ومنها مصر والسعودية، وهكذا يسود المنطقة توتر دائم. لكن بروم على النقيض مما ذكره مدير مركز يافا، فإن هجوما إسرائيليا على إيران، يعتبر مغامرة عسكرية خطيرة. أولا أن إيران بعيدة عن «إسرائيل» ثم ينبغي التنسيق مع دول أخرى لتنفيذ المهمة لأن الطائرات الحربية الإسرائيلية ستضطر إلى المرور في أجواء دول أخرى. وعند تنفيذ هذه المهمة يرى بروم أن الولايات المتحدة ستتردد كثيرا لأنها تدرك أن مساندتها لـ «إسرائيل» في حملة عسكرية ضد إيران سيسقط عنها ورقة التوت الأخيرة وسيفقدها صدقيتها بصورة نهائية عن شعوب المنطقة. لكن التقرير لا يوجه نصيحة للحكومة الإسرائيلية بأن تتجاوب مع الدعوات بنزع الأسلحة النووية من منطقة الشرق الأوسط كما لا يدعوها إلى توقيع الاتفاق الدولي للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل الذي وقعته إيران والدول العربية.

بصورة عامة يجد التقرير أن الوضع الاستراتيجي لـ «إسرائيل» لم يتحسن في السنوات الأخيرة. فالحرب الصغيرة مازالت قائمة بين «إسرائيل» والفلسطينيين فيما زادت موجة العداء بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. وكتب الجنرال الإسرائيلي المتقاعد مائير إيرلان يقول إن المجتمع الإسرائيلي ظل متماسكا في مواجهة الصراع المسلح مع الفلسطينيين لكنه وجد أيضا أن المجتمع الإسرائيلي لا يشعر بالأمن والاستقرار

العدد 782 - الثلثاء 26 أكتوبر 2004م الموافق 12 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً