العدد 2808 - الجمعة 14 مايو 2010م الموافق 29 جمادى الأولى 1431هـ

العرب بين العطش... والغرق

حوار الإسكندرية: تقاعد قناة السويس وإغلاق البحر المتوسط

الطوفان الآتي سيغمر أجزاء حيوية من دلتا النيل، وسيهجّر ملايين السكان، وسيُفقد مصر سلة غذائها. لكن هناك كارثة أعظم لم يُحسب لها حساب. فلو ذاب الجليد البحري في منطقة القطب الشمالي، فسوف تنفتح الممرات الشمالية الغربية للملاحة التجارية. وهذا يعني الاستغناء الدولي عن معبر قناة السويس ـ البحر الأحمر، إذ إن الممر البديل يقلص مسافة الإبحار إلى النصف.

هذه «البشرى» أتت من الدكتور عصام حجي، الباحث المصري الشاب في مجموعة علوم الرادارات في مختبر الدفع النفاث بوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الذي يرأسه العالم اللبناني الدكتور شارل عشي. ودعا حجي حكومة بلاده إلى التبصّر في هذه الضربة القاصمة للاقتصاد المصري، وربما في المدى القريب جداً.

كان حجي أحد المشاركين في «حوار الإسكندرية» حول التحديات البيئية التي تهدد أمن الإنسان في البلدان العربية. نظمت الحوار مجلة «وجهات نظر» التي تصدر في القاهرة، واستضافته مكتبة الإسكندرية. ونوقشت خلاله المسائل المطروحة في تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

افتتح الحوار رئيس قسم البرامج الإقليمية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عادل عبداللطيف، الذي نبه إلى خطورة استنتاجات العلماء حول تأثيرات تغير المناخ، خصوصاً في المنطقة العربية، لافتاً إلى أنه لا يجوز أن يشكل عدم اليقين ذريعة كي لا تتخذ إجراءات ضد المخاطر. ودعا الدول العربية إلى المساهمة معرفياً في التصدي لتحديات تغير المناخ وفي المفاوضات الدولية الجارية للتوصل إلى اتفاقية مناخية.

الكلمة الرئيسية كانت لمدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، الذي اعتبر أن قضايا المياه مرتبطة بالأمن الغذائي وحتى بالأمن القومي. ورأى أن إدارة المياه سيئة جداً في كل الدول العربية، خصوصاً أن الجهات الضالعة في صناعة القرار المائي يصل عددها أحياناً إلى 20 جهة في دولة واحدة، مؤكداً على ضرورة تنسيق القرار المائي، وإشراك الناس في إدارة المياه.

وقلل سراج الدين من أهمية المغالطات المنسوبة إلى اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي لا تجري أبحاثاً بل تقيّم الأبحاث حول العالم. فالقياسات العلمية أثبتت أن الصورة العامة غير قابلة للنقاش وأن الواقع أسوأ من كل الدراسات. وأشار إلى أن شركات التأمين هي الأكثر تضامناً مع اللجنة الدولية لأنها أحسّت بالخطر وتعانيه ازدياداً حاداً في خسائر الكوارث المناخية. ولفت إلى خطورة ارتفاع مستويات البحار على السواحل العربية، مشيراً إلى «»اقتراح ثوري»» للعالم المصري الدكتور محمد القصاص بسدّ البحر المتوسط عند مضيق جبل طارق فلا يتأثر بارتفاع مستوى المحيط الأطلسي.

ودعا سراج الدين إلى دراسة كل الأفكار المطروحة، وأخذ العبر من هولندا التي تبني سدوداً لحماية أراضيها الواقعة تحت مستوى البحر.

وقال مدير برنامج UNDP الإقليمي للإدارة الرشيدة للمياه حسني الخردجي، إن الدول العربية لا تكشف معلومات كافية عن وضعها المائي خوفاً من أن تؤدي الشفافية إلى قلق عام واضطراب وأن تعكس سوء أداء الحكومات. وربط تحسن الإدارة بمشاركة الجمهور في التخطيط، معتبراً أن «لا مساءلة من دون ديموقراطية حقيقية وانتخابات حرة».

وتنوعت المداخلات خلال «حوار الإسكندرية» حول قضايا المياه والجفاف وتغير المناخ. فطرحت مشكلة العواصف الغبارية التي تجرى أقل الأبحاث عنها في المنطقة العربية مع أنها من أكثر المناطق معاناة لها. ونوقشت إمكانات زيادة استغلال الغاز الطبيعي والغاز المرافق لإنتاج النفط الذي يتم حرق معظمه في الهواء حالياً، علماً أن الدول العربية تملك 29 في المئة من الاحتياط العالمي للغاز الطبيعي. وعرضت مشاريع كبرى للطاقة المتجددة في المنطقة العربية، وبالتحديد مبادرة «مصدر» في أبوظبي ومشروع «ديزيرتك» الذي بادرت إليه شركات ألمانية لإنتاج الطاقة من شمس الصحراء العربية وتصدير بعضها إلى أوروبا. «نحن لا نحصد شمسنا، فجاء الآخرون يحصدونها»، قال جلال عثمان مدير «جامعة الطاقة الشمسية»، داعياً العرب إلى استغلال ثروتهم التي هي فوق الأرض، أي الشمس والرياح، بشكل أفضل من استغلالهم ثروتهم التي تحت الأرض، أي النفط.

العدد 2808 - الجمعة 14 مايو 2010م الموافق 29 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:07 ص

      يامغيث

      اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا.........
      اللهم لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.........
      اللهم نجنا من المهالك
      أستغفر الله العظيم وأتوب إليه

اقرأ ايضاً