العدد 787 - الأحد 31 أكتوبر 2004م الموافق 17 رمضان 1425هـ

قراءة نقدية في مشروع برنامج المنبر الديمقراطي التقدمي

خليل زينل comments [at] alwasatnews.com

بعد طول انتظار دام حوالي 28 شهراً منذ تأسيسه في يوليو/ تموز 2002، طرح المنبر الديمقراطي التقدمي أخيراً مشروع برنامجه العام لأعضائه مفتتحاً بذلك باب الحوار لتحليل ماجاء في تلك الوثيقة والتدقيق فيها من خلال الحوار والسجال الموضوعي بهدف بلورة مشروع سياسي اقتصادي فكري كمسودة نهائية قبل تمريره للمؤتمر العام المقبل والمزمع انعقاده في يناير/ كانون الثاني 2005 لإقراره والتصديق عليه نهائياً واعتماده برنامج عمل نظري واسترشادي له صفة الالزام لأعضائه وقيادته.

بداية يجب الاشادة بالجهد المبذول فيه من قبل أكثر من شخص ولجنة ولفترات طويلة لحين اخراجه حالياً، والذي يقع في 54 صفحة بمقدمة وسبعة فصول، ونحن - ابناء المنبر - اذ سرنا كثيراً طرح هذه الوثيقة كمسودة فلنا الحق ايضاً في قراءة نقدية هادئة وهادفة نحو الارتقاء بعملنا السياسي وتطويره بما يتلاءم مع متطلبات مجتمعنا بلغة عصرية متزنة ومتطورة نحو المستقبل المشرق لوطننا وشعبنا، آخذين في الاعتبار جميع الظروف المحيطة بنا من متغيرات بما فيه قوانا الذاتية والتنظيمية، وتتلخص قراءتنا في مجموعة من الملاحظات النقدية حسب تسلسل المشروع كوثيقة بدءاً من المقدمة أولاً:

1) تفتقد المقدمة الى التعريف بالهدف/ الجوهر العام لتعريف نفسه كوثيقة فالكتاب يُعرف من عنوانه كما يقال، ومقدمته تشير الى جوهر ما تحتويه صفحاته من تفاصيل وخطط وبرامج للتنفيذ، أو كما يقال الاستراتيجية والتكتيك. كما تفتقد المقدمة الى تقديم قراءة سياسية للوضع الخليجي والعربي والاقليمي، قفزاً الى الوضع الدولي مباشرة من خلال أنأنة الولايات المتحدة الاميركية بلغة سبعينية تقارب لغة الحرب الباردة من دون إعمال النقد بفرز الايجابي من السلبي. فهل العولمة كلها قيم متوحشة مثلاً؟ وهل نحن مع بقاء أو زوال النظاميين الاصولي الافغاني والدكتاتوري العراقي؟

وتلعب الولايات المتحدة الاميركية دوراً سياسياً منفرداً على الساحة الدولية في محاولة لفرض نظام هيمنة أحادي يكرس دورها كقطب أوحد يملك الكلمة الفصل.

ولم تشر الوثيقة ولم تحلل سبب انفراد الولايات المتحدة بالساحة الدولية والهيمنة عليها كنتيجة طبيعية لانهيار القطب المقابل، وماهية الاسباب الموضوعية والذاتية لذلك الانهيار المروّع والكبير والمتجلي في اشكال عدة سبقتها كمقدمات بدءًا بنقابة التضامن في بولندا وانهيار جدار برلين والسقوط المدوي لما سميت بالمنظومة الاشتراكية بتوقيع وتدبير البيريستروكا.

كما لم تشر الوثيقة الى تشكيل نواة/ انوية قطبية أخرى متعاكسة مع القطب الاميركي، ونعني به القطب السياسي الاقتصادي الاوروبي المتشكل في منظومة الاتحاد الاوروبي والقطب الآخر الاقتصادي البشري الآسيوي (الصين، الهند، اليابان وبقية النمور الآسيوية غير المتجانسة سياسياً وان تكتلوا في منظومة الآسيان الاقتصادية).

2) في الوضع الدولي أيضاً: «ان الوضع العالمي الجديد الذي تكرس بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001م يهدد وجود كيانات سياسية، وتجري المحاولات لإعادة رسم خريطة المنطقة والعالم بغرض السيطرة على مقدرات وثروات الشعوب والدول لصالح الامبريالية واللجوء للخيار العسكري لفرض الهيمنة على شعوب الارض». أشارت الفقرة السابقة الى هجمات الحادي عشر من سبتمبر من دون إدانتها أولاً، وقبل ذلك لم تشر الى تكوين ودور التيارات الاصولية واهدافها حين انقلب السحر على الساحر (مقتل السادات في مصر، وصول طالبان الى الحكم في افغانستان وأخيراً الحوادث الارهابية في السعودية).

كما خلت الفقرة من أية ادانة أو حتى اشارة إلى الارهاب الاصولي واستهداف المدنيين (المرأة خصوصاً) وبنية المجتمع وقيمه الحضارية في التعددية والقبول بالآخر (انفجارات مدريد، الدار البيضاء، فندق طابا بمصر مدرسة الاطفال، مترو الانفاق ومسرح البولشوي في موسكو، قتل الكتاب الليبراليين في ايران والجزائر ومصر ومايجري في العراق الآن: حوادث النجف، تيارمقتدى الصدر، الفلوجة، تيار القاعدة الزرقاوي) كلها أمثلة لإرهاب الجماعات دون إدانتها أو حتى الاشارة إليها كحوادث سلبية.

3) الفقرة السابقة تشير الى الحرب الاميركية على طالبان وتنظيم القاعدة لاجتثاثهم من أرض أفغانستان وكذلك الحرب الاميركية على النظام الدكتاتوري العراقي بهدف اجتثاث قيم البعث الفاشية، وتشير الى تغيير هذين النظامين من دون ان تسميهما ومن دون ان تحلل وتبصر القارئ الى السلبيات الكبيرة والكثيرة لهذين النظامين الخارجين من أفق التاريخ والحضارة الانسانية والاجماع الدولي، مع العلم بأن ممارساتهما ومواقفهما قدّما المبرر الأخلاقي أولاً والقانوني ثانياً وحتى السياسي لتدخل الآخرين، فهل نحن مع بقاء هذين النظامين الشاذين أم مع تغييرهما ولكن بغطاء دولي؟ آخذين في الاعتبار مصالح هذين البلدين وما يتخذه شعباهما من مواقف وقرارات تناسبه هو، ولنا في القضية الفلسطينية خير مثال على قولنا هذا.

4) فيما يخص الحركة الوطنية في البحرين ودورنا، تقول الفقرة التالية: «وقد برز خلالها التيار التقدمي وقواه المنظمة كمدافع صلب عن حقوق الطبقات والفئات الفقيرة والمسحوقة ومناضل مخلص لقيم الديمقراطية والافكار التنويرية والمُثل الانسانية». هنا نود الاشارة الى ان التيار التقدمي كان مخلصاً للمركزية الديمقراطية وليس لقيم الديمقراطية ومازالت آثاره باقية في عقول البعض بل في ممارسات الكثيرين من أعضاء وقادة التيار، وفي قرارات المنبر الادارية والتنظيمية لغاية اليوم. ومن المفيد القول ان هذا التيار دافع عن الطبقات المسحوقة بدافع قناعاته بالمُثل الانسانية والتنويرية وبروحيةٍ أمميةٍ بعيدةٍ جداً عن روح القومية الشوفينينة والطائفية البغيضة السائدة الآن من حولنا ولكن ضمن منهج دكتاتورية البروليتاريا. ولم تنتشر الكتابات حول الديمقراطية والمطالبة بها وبنشر قيمها الاجتماعية كمصطلح وكمفهوم في أدبيات هذا التيار الا في السنوات القليلة الماضية

العدد 787 - الأحد 31 أكتوبر 2004م الموافق 17 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً