العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ

أسرتني بلا حرب

قابلتها وأنا في الثامنة من عمري وبدأ الحب من أول نظرة ولظروف اللقاء كنت أختلس النظرات من فوق جدار وأبقى أتمثلها لساعات وبحذر لحين مداهمة الحارس لي وهربي وسرعان ما أعود إلى أن أقتنع الحارس وبدأ مساعدتي والسماح لي بالدخول والتقرب منها.

كلما يمر الوقت يزداد تعلقي بها ويومياً اكتشف جمالها فإذا نظرت إلى العينين الواسعتين اللتين لم يظهر البياض فيهما والكحلة الطبيعية حولهما ويمكنها رؤيتي بزاوية واسعة أما القذال المنسدل على الجبهة العريضة وفي وسطها نجمه صغيرة مع سيالة رفيعة منقطعة فالأذنين القصيرتين المنتصبتين المهيأتين لسماع الأصوات التي لا يسمعها الإنسان وتتحرك كالرادار لالتقاط الأصوات. الجبهة الواسعة والمرتفعة بعض الشيء تبدأ بالانخفاض وأشدة منتصف المخطم منتهية بالمنخرين الواسعين ما يشكل الفناص على الوجه الذي تمتاز به الأصايل وهذه صفة جمالية راقية، أما الفكان العريضان الواسعان المسافة بينهما تكفي لاستيعاب الحنجرة الكبيرة وما أن تقترب منها فترى بوضوح وجهها الناشف والعروق البارزة حتى تتحسس هذه الصفة الجمالية المغرية، أما شفتاها الرقيقتان الحساستان المهيأتان لاختيار الغذاء والماء وترفضان دخول العلائق الفاسدة والأجسام الغريبة وشرب الماء غير الصالح.

يجلس الرأس على الرقبة المقوسة عند المنحر الضيق وشعر المعرفة منسدل على جانب الرقبة ومن الأمام الرقبة الرقيقة تكاد ترى الماء عندما تشرب. إن الرقبة المشابهة بشكلها السيف العربي تتصل بالصدر الواسع المكان الأمن لرئتين كبيرتين تجهز الأوكسجين لكافة الخلايا الحية بما يتناسب مع نوع العمل والحاجة. الطرفان الأماميان الممتلئان بالعضلات من الأعلى وتختفي عند الركبة وتظهر الرشاقة للطرفين بما يتناسب وواجباتهما بحمل 65 في المئة من وزن الجسم وامتصاص الصدمات عند العمل، أما الحافران الواسعان الحاويتان على قلبين لديمومة الدورة الدموية في الأطراف وكذلك امتصاص الصدمات. إن المسافة بين الطرفين عند الصدر واسعة وهي نفسها بين الحافرين على الأرض واتجاه مقدم الحافرين إلى الأمام.

الظهر القصير المصمم ليكفي السرج والبطن الضامرة تبرز مفاتنها تنتهي بالكفل المدور مليئ بالعضلات يعطيني الفكرة بالقابلية الرياضية لها، أما نهاية الكفل فهو الشليل المهيأ للارتفاع بأي حركة منها، وكم سحرتني عندما تسمح لها الفرصة بالحركة فيرتفع الشليل وتتناغم الأطراف برقصة مخلدية خاصة.

الأطراف الخلفية فيها فخذان ممتلئان بالعضلات رشيقان ينتهيان بحافرين واسعين متجهين إلى الخارج بعض الشيء وكثيراً ما كانت تصفن فتثني طرفها الخلفي عند مفصل الرمانة.

نظراتها الجميلة التفاتاتها المغرية مشيتها الراقصة وقفتها الصافنة حمحمتها الموسيقية جعلتني أسيراً متطوعاً إذ الفترة التي أتركها أفكر بكيفية المحافظة على هذا المخلوق الجميل، ما جعلتي أسعى جاهداً باتجاه الهدف لأدرس الطب البيطري واتخصص بالخيل والخيل العربية خصوصاً لحبيبتي الفرس العربية الأصيلة المخلدة.

ما فاجأني انه قد راودني شعور أنها بخطر فأسرعت لرؤيتها وإذا بها توفت فأدمت قلبي وألمتني فتركت بي ألماً وجرحاً وكثيراً ما أصبت بحروح ولكنها أندملت الا هذا الجرح.

وباختصار كانت المخلدة ولاتزال في ذاكرتي أصلها من الكحيلات شقراء اللون القذال والمعرفة الشليل ذهبيان وعلاماتها نجمة صغيرة منتصف الجبهة وسيالة رفيعة منقطعة تنتهي وسط المخظم محجلة الثلاث مطلقة اليد اليمنى الحوافر سوداء وباختصار أشد كانت المخلدة رمز القوة والجمال وجمالها في تناسقها.

جراح بيطري وباحث في الخيل وانسابهاً

العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً