العدد 2384 - الإثنين 16 مارس 2009م الموافق 19 ربيع الاول 1430هـ

عفوا... للرجال فقط!

فرح العوض farah.alawad [at] alwasatnews.com

قبل نحو شهرين من الآن توجهت صديقة لي إلى إحدى الوزارات، من أجل أن تقدم أوراقها للعمل، إذ سمعت حينها بوجود شاغر في تخصصها في تلك الوزارة، لكنها بدأت خطوتها بالسؤال عن وجود شاغر أم لا لتتأكد من المعلومة التي وصلتها، فقيل لها نعم، ولكن المديرة لا تريد أن توظف بنات جديدات في قسمها المملوء بالإناث، بل تريد أولادا!

وعندما استفسرت صديقتي عن السبب في رفض المديرة - التي بدت منحازة إلى توظيف الذكور - لتوظيف الفتيات جاءها الجواب: إن المرأة تتعرض إلى الكثير من الإجازات، منها إجازات للزواج، والولادة.

هذا ما كان من ظاهر سبب رفض المديرة الفاضلة لتوظيف صديقتي ذات الكفاءة في العمل، بينما هي في الوقت نفسه لا تريد من تعلوها في الشهادات أن تكون موظفة لديها في القسم، ولكن بالعودة إلى سبب رفضها إلى توظيف الفتيات سنجدها مديرة فاشلة قبل التعرف على أي عمل تقوم به، بدليل أنها نظرت إلى سلبيات قليلة في المرأة ولكن لم تنظر إلى إخلاص المرأة في العمل، وحرصها على أداء واجباتها على أكمل وجه وبشكل مرتب، وغيرها من المميزات التي تميز عمل المرأة عن الرجل.

أقول الآن إنها الخاسر الأكبر، وإن جَدّ الجد فسنجدها تقوم بدور (واسطة) لتوظيف أية شابة أو شاب من معارفها.

هذا ما كان من شأن المرأة التي كان البعض منهن ولا يزلن العدو الأول للمرأة قبل الرجل، أما من شأن بعض الجمعيات السياسية الإسلامية، التي يتبوأ عدد من ممثليها مناصب في وزارات وأجهزة حكومية رسمية أو منتخبة فهم الآخرون أثبتوا وقوفهم ضد المرأة الناجحة، وبذلك هم بحاجة إلى من يصفق لهم بحرارة ويخبرهم أنهم «فاشلون حتى النخاع»، وأنهم لا يمثلون الإسلام التمثيل الحقيقي، وخصوصا في ظل اضطهادهم لدور المرأة في المجتمع.

فها هي إحدى الكتل الإسلامية الكبيرة كغيرها من زميلاتها اكتسحت جهازا من الأجهزة الحكومية، ولكن لم تتأخر في صنع التفرقة ما بين المرأة والرجل، إذ فضل ممثلوها توظيف شاب على الكثير من الشابات المتميزات بعد تقدم عشرات المواطنين لنيل الوظيفة، بحجة كثرة الإجازات التي تخرجها المرأة.

وكما أن مديرة القسم في الوزارة لم تأخذ بالإيجابيات التي تتمتع بها المرأة، فإن المحترمين في الجهاز الحكومي الأخير لم ينظروا إلى خمول وكسل الرجال الذين يعملون معهم، والذين قليل جدّا في حقهم وصفهم باللامبالاة... وكيف بذلك والقائمون على اختيار وترشيح المتقدمين للوظائف ليسوا أهل خبرة؟

قد لا يكون المسئولون أو الوزير المسئول عن الوزارة الأولى يعلم بتفكير مديرة القسم المعنية أعلاه، وأيضا قد لا يكون رؤساء الجمعيات السياسية الدينية يعلمون بتصرفات ممثليهم في مختلف الأجهزة، وذلك يعني أن تلك الصورتين تؤكدان على أهمية متابعة كل راعٍ لرعيته.

الجهتان السابقتان وعلى رغم من أنهما تمثلان وجهة نظر الكثير من الجهات الحكومية والأهلية، فإن ممثليهما تعاملوا مع المرأة بوقاحة، وهم بذلك يؤكدون أنهم لا يمتلكون حسن التصرف مع أخواتهم وزوجاتهم بل وحتى أمهاتهم.

المرأة كانت ولا تزال ذات مكانة راقية، حفظها لها الإسلام قبل أي أحد، لذا فالمطلوب من الجميع احترام المرأة، وإعطاءها الحق في العمل وبالكيفية التي تريدها والشروط التي تفرضها هي، وليس بالشروط التي تُفرض عليها، ولكن وللأسف الشديد فإن الوقت لايزال مبكرا للحديث عن الواقع الذي تطمح المرأة المسلمة أن تكون فيه.

فهل حُرِّمت جميع الوظائف على المرأة؟ وهل المطلوب منها أن تجلس في المنزل بعد أن نالت الشهادات الجامعية؟ أو تتجه للعمل في وزارة (موصدة الأبواب) في وجه مئات العاطلات عن العمل كوزارة التربية والتعليم فقط حتى تثبت كفاءتها؟

إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"

العدد 2384 - الإثنين 16 مارس 2009م الموافق 19 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً