العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ

تطوير القرى والبرامج المعطلة

مجيد السيد علي comments [at] alwasatnews.com

.

استفسر كثير من المواطنين عن خطة وزارة شئون البلديات والمجالس البلدية المتعلقة بتطوير القرى التي ورد الحديث عنها في مقال مدير العلاقات العامة بالوزارة المذكورة عادل المرزوق، والذي نشر في صحيفة «الوسط» يوم السبت 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، ردا على ما أثاره أحد الصحافيين بخصوص أوضاع القرى المزرية في مجال الخدمات والمرافق الأساسية العامة، والذي اختتمه بسؤال العارف المطلع عن صحة ما يتناقل على ألسن المواطنين من ان هناك مناطق مهمة وأخرى منسية في مجال توفير الخدمات وخصوصاً تلك المتعلقة بالبنية التحتية من شبكات صرف صحي وشوارع وتطوير حضري!

ما لفت نظر الكثيرين، هو إنكار المرزوق مثل هذا الوضع او الحال في المملكة على رغم وضوح الأمر على الواقع، ربما يستطيع أي مسئول، وخصوصا من تمرس في خطاب الإعلام الرسمي ان يرسم صورة أخرى ولكننا لا نختلف في أن الوجدان يكذب البرهان أليس كذلك!

ولعل أهم أسباب عدم الإحساس بالتغيير من قبل المواطن هو الإحجام عن الاعتراف بالمشكلة والواقع... وهذا ما يميز سمو ولي العهد حين اعتبر سموه ان الإنجاز الأكبر في هذه المرحلة هو الاعتراف بأن هناك مشكلة من قبل جميع الأطراف، حتى تلك التي ساهمت بطريقة أو بأخرى في إيجادها (المشكلة).

ثم أليس من المنطقي أن تكون لأية حكومة أولويات؟ أو ليس من المنطقي أن تحظى العاصمة باهتمام أكبر من بقية المدن في أي بلد في العالم، ومن قال ان نصيب المدن ليس الأكثر دائماً في قبالة القرى!؟

إن محاولة إنكار بديهيات بهذا المستوى في سبيل التمادي في رسم صورة مثالية للواقع تقفز على حد تجميل وتلميع الصورة كي تنال من احترام وعقول المواطنين والقراء أسلوب من غير المقبول ولا اعتقد ان أحداً في العالم سيصدق مثل هذه الدعاوى التي عجزت عن تحقيقها اكبر الاقتصادات العالمية واكثر الحكومات شفافية وأقوى البرلمانات رقابة وتشريعاً!

نعم هناك اهتمام أكبر بمناطق المدن على حساب مناطق القرى، ويتفهم العقلاء ذلك، ولكن لابد ان نعترف بأن نصيب التطوير الذي حظيت به المدن على مدى ثلاثين عاما الماضية جاء على حساب تأجيل وتأخير توفير الكثير من أساسيات البنية التحتية للقرى وفي بلد بتعداد البحرين ومساحتها يشكل واقع القرى في هذا المجال لغزاً محيراً ومعضلة ليس من مصلحة أحد إنكارها أو التهوين من وقعها!

لقد دأب المسئولون على تلميع الصورة للقيادة السياسية على مدى عقود حتى تفاجأ سمو ولي العهد بواقع قرية المقشع المرير ولا أدري هل يجوز الاستمرار في ذلك النهج بعد أن قررت القيادة السياسية النزول إلى الأرض والتعرف على الواقع بشكل مباشر ، أما آن للمسئولين أن يعترفوا بأن كل القرى مقشع وان شهركان عينة صادقة على القرى في البحرين.

من ناحية أخرى ، ذكر السيد المرزوق أن هناك خطة لتطوير جميع القرى لدى الوزارة بالاشتراك مع المجالس البلدية (...) ولا ندري عن أية خطة يتحدث، فمن المعروف ان المجالس البلدية ومنذ الدور الأول حصرت احتياجات القرى المختلفة ورفعتها إلى الجهات المعنية وطالبت بأن ترصد لها الموازنات المطلوبة ولكن شيئا لم يحدث، وكلنا نعرف أن موازنة كل بلدية للمشروعات لا تتعدى 200 الف دينار سنويا فهل هذه الموازنة التي نتحدث عنها لتطوير القرى ؟ وهل نريد ان نواصل مسلسل الأوهام؟!

ثم ما هي المصلحة في زج المجالس البلدية المسكينة في مثل هذه التصريحات! فالرؤية واضحة والخطوط بمعالمها الأساسية معروفة للمجالس ولكن أين الموازنة! ومن أين التمويل! لقد أدركت وزارة الأشغال أخيراً حجم المشكلة وبؤس الواقع في القرى فتحركت من خلال برنامج سمته برنامج تطوير القرى... يقوم على أساس تطوير 5 قرى في العام. وقد خاطبت الوزارة أخيرا كل مجلس بلدي لترشيح قرية واحدة للتطوير للعام ,,2005. نعم قرية واحدة في العام... وفي منطقة مثل الشمالية ذات الأربعين قرية يبدو برنامج التطوير أطول من أن يدرك إنجازاته معظم قراء هذا المقال (أطال الله في أعمارهم جميعاً).

ان حاجة القرى إلى برنامج التطوير ماسة وملحة لا تحتمل التأخير وكفى سكان هذه المناطق ما عانوه وآن لهم أن يحسوا بأنهم مواطنون في إحدى الدول النفطية وان جاء ذلك متأخراً... فهل نرى مشروع «مارشال» بحريني لإعادة اعمار وتطوير القرى للإقرار قريبا، وهل يلتفت السادة النواب إلى أهمية هذا الموضوع قبالة العيدية وما شابهها؟ أرجو والكل يرجو ذلك.

في العام 1984 كانت لوزارة الإسكان خطة طموحة لتطوير القرى وبدأت فعلا بقريتي كرانة والبديع ولكن تلك الخطة الوطنية الشاملة توقفت عند المحطة الأولى ولم تعرف الأسباب وفي العام 1975 كانت هناك خطة طموحة لعمل شبكة الصرف الصحي لجميع مناطق البحرين وكانت مدة البرنامج 15 سنة أي إن الخطة تقتضي ربط كل المناطق بحلول العام 1990! طبعاً وبعد شبكة المجاري تأتي الطرق والتطوير. لذلك فإنه من الواضح ان المشكلة ليست في وضع الخطط والبرامج، ولكن المشكلة في احترام تلك البرامج واستمرارها واذا كان هذا حال البرامج والخطط التي أقرت وبدأ تفعيلها على الأرض فمن حق المواطن ان يسأل عن مصير البرامج والخطط التي ترد في التصريحات الصحافية على ألسن مسئولي العلاقات العامة في هذه الوزارة او تلك..

إقرأ أيضا لـ "مجيد السيد علي"

العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً