العدد 826 - الخميس 09 ديسمبر 2004م الموافق 26 شوال 1425هـ

بداية الصداقة الرائعة بين شارون ومبارك في الصحف العبرية

محمد بوفياض comments [at] alwasatnews.com

تحدثت الصحف العبرية الصادرة صبيحة 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري عما أسمته «بداية صداقة رائعة» بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون والرئيس المصري حسني مبارك.

وقالت إحداها إن نتيجة التقارب بين زعيمي «إسرائيل» ومصر، أنه لن يبعد اليوم الذي يأمر فيه مبارك السفير المصري بالعودة لمزاولة عمله في «إسرائيل» ويخيل أن مبارك وشارون وصلا الى اللحظة التي باتا فيها يعرفان ما يتوقع كل من نده، في حين أشارت أخرى إلى أن مبارك وشارون هما آخر القادة العسكريين الذين شهدوا الحروب، وعليهما استغلال هذا القاسم المشترك لإحداث التغيير المطلوب.

ففي صحيفة «يديعوت احرونوت» كان مقالاً تحت عنوان «بداية صداقة رائعة»، لشمعون شيفر المحلل السياسي للصحيفة أشار فيه إلى أن العلاقات بين مبارك وشارون تميزت في السنوات الماضية أساساً بالتعابير القاسية من جانب الرئيس المصري، الذي شكك في نوايا شارون في التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين وما حصل يوم الخميس الماضي اجتاز أيضاً حدود خيال مستشاري شارون فبضربة واحدة أصبح مبارك مؤيداً متحمساً لشارون.

«شارون وحده قادر على قيادة المنطقة نحو السلام»، قال الرئيس مبارك أمام الكاميرات ليس مؤكداً أن يكون رجل الاعلانات رؤوبين أدلر، الصديق المقرب من شارون يملك الجرأة كي يصوغ بعد أربعة أعوام من حرب مضرجة بالدماء مع الفلسطينيين شعارا بهذا القطع والحزم فقد قال مبارك للفلسطينيين إنهم اذا كانوا يريدون تحقيق تسوية، فإن شارون هو الرجل الذي يمنحهم الآن الأمل الأفضل للوصول الى هدفهم، وكل ما يريده شارون، كما أشار مبارك، هو أن يكف الفلسطينيون عن الارهاب.

الرئيس المصري على قناعة بأن شارون يعتزم تنفيذ خطة فك الارتباط، وإخلاء قطاع غزة وشمالي الضفة وفضلاً عن ذلك، فإن مبارك اقتنع بأن شارون سيواصل المسيرة السياسية بحسب خطة خريطة الطريق وسيدير مفاوضات مع القيادة الفلسطينية على مستويات أخرى بين الطرفين.

ويتابع مبارك، يكاد يكون بإعجاب، الشكل الذي يصمم فيه شارون على تحقيق أهدافه، على رغم أنه يتصدى لمصاعب سياسية داخلية ولتفكك حكومته.

وقال شيفر أما المصريون، من جانبهم، فقد فهموا أنه مع إخلاء غزة سيكونون مطالبين بمشاركة حقيقية في حماية الحدود ولقد نشأت بين الزعيمين أجواء من الثقة المتبادلة والحوار الحميم وشارون ومبارك يتحادثان هاتفياً مرة في الشهر على الأقل وفضلاً عن هذه المكالمات فقد تشكلت في العام الماضي علاقات خاصة بين وزير المخابرات المصري، عمر سليمان، وشارون ورئيس الموساد مئير دغان، وغيره من مستشاري شارون.

وبيّن شيفر أنه على المستوى الاستراتيجي، فإن انتخاب جورج بوش لولاية ثانية في البيت الابيض، عمق لدى مبارك الوعي بأن عليه أن يتقرب لمن يعتبر حليف الرئيس الأميركي، وقدرت محافل سياسية أمس أنه نتيجة التقارب بين زعيمي «إسرائيل» ومصر، فإنه لن يبعد اليوم الذي يأمر فيه مبارك السفير المصري بالعودة لمزاولة عمله في «اسرائيل».

لقد درج شارون على القول إنه في اتصالاته مع قادة الدول في العالم يقول لهم إنه لن يفاجئهم ولن يخدعهم وسيقول لهم بالضبط ما الذي يبدي الاستعداد له وما الذي لن يوافق عليه أبدا ويخيل أن مبارك وشارون وصلا الى اللحظة التي باتا فيها يعرفان ما يتوقع كل من نده.

أما في «هآرتس» فقد كان المقال تحت عنوان «رزمة احتمالات مبارك» لتسفي برئيل مراسل الصحيفة للشئون العربية الذي بين أن متحف الشرق الاوسط يغص رويداً رويداً بالزي العسكري للقادة السابقين الذين رحلوا وأخلوا اماكنهم للقادة المدنيين الذين يخلفونهم، وفي دائرة «إسرائيل» القريبة لم يبق في الحكم إلا قائدان عربيان كانا قادة للجيش وشاركا في الحروب: الرئيس اللبناني إميل لحود الذي كان قائداً للجيش اللبناني، وحسني مبارك قائد سلاح الجو المصري سابقاً وصحيح أن الملك عبدالله، ملك الاردن، مازال يرتدي الزي والنياشين في المناسبات الاحتفالية، إلا أنه لم يشارك أبدا في الحرب وبشار الأسد يفضل البدلات المدنية، وهو أيضا لم يشاهد أرض المعركة طوال حياته. وفي العراق لم يعد هناك رئيس وعرفات مع زيه الأبدي غادر الساحة هو الآخر، وقادة دول الخليج لم يشاركوا في الحروب وإن كانوا شاهدوها.

في الواقع بقي في المنطقة اثنان فقط من رؤساء الدول اللذان يعرفان عمَّ يتحدثان عندما يتطرقان للحروب (مبارك وشارون) وما سيحصل عليه أحدهما من الآخر ربما لن ينجح الآخرون في الحصول عليه، ومبارك قال قبل عشر سنوات إن الحرب ليست خياراً، وهو يحاول في السنوات الثلاث الماضية أن يقمع كل مبادرة حربية اخرى في المنطقة بدرجات متفاوتة من النجاح ولم ينجح في منع الحرب ضد العراق عندما حوله صدام حسين الى أضحوكة، وعندما عرض عليه بعض القادة العرب مثل الرئيس اليمني والسوداني شن الحرب على «إسرائيل» بسبب سياستها تجاه الفلسطينيين اقترح عليهما مبارك شن هذه الحرب من أراضيهما وليس من الأراضي المصرية.

مصر كانت الدولة العربية الأولى بعد السلطة الفلسطينية التي تظهر فيها انتقادات إعلامية ضد عرفات والسلطة الفلسطينية ومصر هي أيضا الوحيدة التي استطاعت جمع الفصائل الفلسطينية ودفعها للتوصل الى إجماع موحد ومصر تُكرس جهودها ووقتها للعملية السياسية أكثر مما تفعله الولايات المتحدة في هذا المضمار وصحيح أن السفير المصري لم يعد الى «اسرائيل» منذ اربع سنوات، إلا إن وزراء الخارجية المصريين وقادة الاستخبارات والقادة العسكريين زاروا «إسرائيل» ومازالوا حتى الآن، والعلاقات الدبلوماسية الرفيعة بين البلدين لم تتوقف بالمرة.

ومع ذلك مصر لا تستطيع ولا تريد أن تلعب دور الاردن في فترة مؤتمر مدريد وهي لن تكون «ممثلة الفلسطينيين» أو «بديلاً عن فلسطين» بالنسبة إلى «اسرائيل» إلا أنها تستطيع في المقابل أن تكون وسيطة، وهي تقوم الآن بالخطوة المهمة الاولى في هذا الاتجاه: تحمل المسئولية الأمنية عن خط الحدود بين غزة ومصر لإزالة اللغم الجوهري في عملية الانسحاب الاسرائيلي من غزة و750 جندياً مصرياً بعتادهم ليسوا مجرد دفعة أولى لمهمة عسكرية تتحمل دولة عربية أعباءها لمساعدة «اسرائيل»، وإنما يمثلون أيضا مؤشراً تاريخياً على درجة الثقة التي نجحت اتفاقات كامب ديفيد في بلورتها خلال 25 سنة فقط.

الاكتفاء المتبادل برسائل مرفقة لمنع الحاجة «لفتح» اتفاقات كامب ديفيد مرة أخرى ينقل الدولتين الى مستوى مهم من علاقات على الورق الى اتفاقات ترتكز على التفاهمات التي تلائم المنطقة التي يعيش فيها آخر قائدين للحروب وهذه التفاهمات تستطيع أن تواصل نسج العلاقات شريطة ألا يتضرر مبدأ التبادلية والمعاملة بالمثل ومصر تريد الآن ان تتعهد «إسرائيل» بإيقاف إطلاق النار الهجومي مقابل إيقاف النار من قبل الفصائل الفلسطينية الانفصالية مثل حماس والجهاد الاسلامي، ومصر لا تطالب «إسرائيل» بالتوقف عن إحباط العمليات والتصدي لها وإنما تريد منها أن تعيد تعريف عملية الاحباط والتصدي، والمقصود بصورة أصح مفهوم «القنبلة المتكتكة». وإذا لم يحدث ذلك، فإن مصر ستواجه وضعاً مستحيلاً تحافظ فيه قواتها على محور فيلادلفيا وتحرسه بينما تواصل «إسرائيل» قصف المنازل في غزة من الناحية الأخرى

العدد 826 - الخميس 09 ديسمبر 2004م الموافق 26 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:42 ص

      الصداقة الاونطة

      اى انسان ممكن يصاحب جد والصحبة والصداقة كلمة عادية لكن المهم القلب وما ينوى ادينا شوفنا شارون ومبارك اكبر اعداء لبعض فى الكون وكانو صاحب شغل واونطة لانه عدوه وفى الاخر محدش نفع حد واهو مبارك فى السجن وشارون منفعوش ملعون الصحبة وكلمة صحاب فى زمن ...كله بيدور لمصلحته وازاى يدمر اللى بيتصاحب عليه ولا امان لاى احد فى كلام الناس

اقرأ ايضاً