العدد 842 - السبت 25 ديسمبر 2004م الموافق 13 ذي القعدة 1425هـ

طارق يوسف: البحرين عليها تسريع الخطى لأنها فقدت عقد التسعينات

في ندوة «التجارب الدولية الرائدة في إصلاح سوق العمل» بجامعة البحرين

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

أكد المشاركون في ندوة «التجارب الدولية الرائدة في إصلاح سوق العمل» التي أقامتها جامعة البحرين بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية بمشاركة أحد الخبراء الدوليين الاسبوع الماضي أن إصلاح سوق العمل يمثل «عملية جوهرية لتوسيع آفاق الاقتصاد البحريني»، مشددين على ضرورة التزامن بين الإصلاحات السياسية والاقتصادية .

وشارك في الندوة التي عقدت بمقر الجامعة بالصخير يوم الثلثاء الماضي الخبير الاستشاري الدولي في قضايا سوق العمل والأستاذ بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأميركية طارق يوسف. وشارك فيها أيضا من وزارة العمل وعضو لجنة متابعة مشروع ماكنزي إسامة العبسي، والاقتصادي البحريني خالد عبدالله وأدارها الجامعي جاسم حسين.

وتأتي هذه الندوة في عداد ندوات وورش عمل كثيرة يقيمها مجلس التنمية الاقتصادية وأطراف اقتصادية عدة لإشراك مختلف شرائح المجتمع في الحوار الوطني الذي دعا إليه سمو ولي العهد لمناقشة إصلاح سوق العمل.

وبدأت الندوة بعرض شامل عن الدراسة التي قدمتها شركة ماكينزي الاقتصادية والتي ترتكز على ثلاث ركائز رئيسية هي «إصلاح سوق العمل وإصلاح الاقتصاد وإصلاح التعليم والتدريب».

وقال العبسي في بداية حديثه إن البحرين ستحتاج خلال العقد المقبل إلى إيجاد وظائف كافية لحوالي 100 ألف فرد ينضمون لأول مرة إلى سوق العمل، وهذا معناه مضاعفة القوة العاملة حالياً في البحرين.

وأوضح العبسي أن المنضمين الجدد إلى سوق العمل «سيواجهون مناخاً صعباً في السوق لعاملين جوهريين، يتمثل العامل الأول في أن الوظائف المتوافرة لا تلبي توقعات البحرينيين، فقدرة القطاع العام تبدو ضئيلة في استقطاب الباحثين عن العمل نتيجة لتشبّع هذا القطاع منذ عقد التسعينات.

ويشكل هذا القطاع مصدر جذب دائم للفئات المتوسطة التعليم التي تحصل على معدل أجور يقارب 290 ديناراً في قبال 150 ديناراً فقط يحصل عليها نظراؤهم في القطاع الخاص. كما أن القطاع الخاص لم يحصل على الحوافز اللازمة لاستحداث وظائف جيدة كافية ترضي توقعات عدد كبير من البحرينيين ذوي المهارات من المتوسطة إلى المرتفعة».

وأضاف العبسي قائلا «أما العامل الثاني فيتمثل في أن البحرينيين ليسوا العاملين المفضلين في معادلة السوق بالاستناد إلى ثلاثة مسوغات، أولها أن البحرينيين من ذوي المهارات المتوسطة والمنخفضة لا يستطيعون المنافسة مع العمالة الوافدة على أساس الكلفة. هذا بجانب أن نظام التعليم البحريني لا يركز بدرجة كافية على تكوين المهارات التي تتلاءم مع احتياجات سوق العمل، إضافة إلى غياب الحوافز التي تشجع البحرينيين على الشعور بالالتزام تجاه وظائفهم». مؤكدا أن النظام الحالي يمنع القطاع الخاص من استحداث وظائف كافية لإرضاء توقعات عدد كبير من البحرينيين ذوي المهارات من المتوسطة إلى المرتفعة.

وأطلق العبسي تحذيرا بقوله إنه في حال تواصلت الأوضاع الراهنة، سيواجه الاقتصاد البحريني بأكمله ثلاثة تحديات خطيرة هي: البطالة، والبطالة المقنّعة، وتدهور مستوى الأجور. مشيرا إلى أن «التركيبة الحالية لسوق العمل أدت إلى انخفاض الرواتب العالية، فالكلفة العامة للعامل البحريني تصل إلى 250 ديناراً (تشمل الراتب والحوافز والعطل والتدريب)، بينما لا تتجاوز كلفة العامل الأجنبي 110 دنانير( تشمل الراتب وبقية الرسوم) أي أن نسبة الفرق بينهما تصل إلى 127 في المئة، الأمر الذي يجعل رجل الأعمال يفضل العامل الأجنبي على المواطن».

ورأى العبسي أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تحقيق هدفين، يكمن الهدف الأول في زيادة قدرة القطاع الخاص ليصبح محرك النمو في البحرين من خلال تنمية قدرته على إحداث الوظائف ذات الأجر المتوسط والمرتفع وتحرير ضوابط السوق بما يسمح بالمرونة ويحفز نمو القطاع الخاص. وعلى المسار الآخر يجب العمل ليصبح البحريني الخيار الأول للتوظيف، ويتحقق ذلك عبر جعل التكلفة الإجمالية للعامل البحريني وإنتاجيته على مستوى تنافسي مع الوافدين، وأن تلبي مهارات ومؤهلات البحرينيين احتياجات سوق العمل وإزالة اللوائح والقواعد التي تجعل البحرينيين أقل جاذبية للتوظيف وسد الفجوة بين جاذبية القطاع العام والقطاع الخاص.

من جانبه، قال الخبير الاستشاري الدولي في قضايا سوق العمل والأستاذ بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأميركية طارق يوسف إنه يجب على البحرين «تسريع الخطى نحو المزيد من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة للحاق بركب الدول المتقدمة ذات التجارب التنموية الناجحة في هذا المجال، وخصوصا أن البحرين قد مر عليها عقد التسعينات من دون تحقيق تطور ملموس لعوامل كثيرة أهمها عدم الاستقرار السياسي».

وأبدى يوسف تجربته من خطوة الحوار الوطني بشأن الإصلاحات قائلا «لم أشاهد في دولة عربية هذا الاسلوب الراقي والمتحضر من النقاش والتحاور المستمر والمدعوم من الجهات الرسمية للتباحث بشأن مستقبل الاقتصاد البحريني وآفاقه في المرحلة المقبلة».

وشدد الخبير الاستشاري على ضرورة أن تكون «خطوات الإصلاح شمولية ومتكاملة وسريعة في آن واحد لكي تتمكن من تحقيق أهدافها».

فيما استعرض الاقتصادي البحريني خالد عبدالله التجربة التنموية التي شهدتها البحرين ما بعد الطفرة النفطية، منوها إلى عقم النموذج الاقتصادي الذي سلكته البحرين في مقاطع زمنية مختلفة. وأكد أن «فهم وتحليل النموذج الاقتصادي الحالي يجرنا إلى بداية النهضة الاقتصادية في سبعينات القرن الماضي... لقد كانت الفترة التي أعقبت الاستقلال تعد فترة ذهبية نتيجة للطفرة السريعة والمفاجئة في أسعار النفط، ما خلق إرباكا على مستوى حجم السكان وحجم الموارد الكبيرة».

وبيّن عبدالله أن بناء البحرين الحديثة «تطلب الاستعانة بالعمالة الوافدة بكثافة مع تمتع العامل البحريني بأجور مرتفعة، لكن هذه الحال تغيرت جذريا في منتصف عقد الثمانينات حين انخفضت أسعار النفط بشكل كبير، الأمر الذي دعا الدولة إلى ترديد سياسة ترشيد الإنفاق. وبما أن الدولة هي المحرك الأساسي في التنمية فقد أنعكس ذلك سلبا على القطاع الخاص، وشكل تحديا لدولة الرفاهية».

وواصل عبدالله حديثه عن مضاعفات تلك الفترة قائلا «كان على الدولة أن تستوعب الأعداد الكبيرة من الخريجين، ورافق ذلك تراكم العاطلين عن العمل. فمن الواضح أن المشكلات السياسية في عقد التسعينات كان سببها الحقيقي استفحال المشكلات الاقتصادية (...) ولكن مع الأسف فإن المعالجات تمركزت في الجانب الأمني وغفلت عن الشق الاقتصادي، والمحصلة كانت تباطؤ الاستثمارات وتدني مستوى النمو».

لكن القرن الحالي وضمن مبادرة الميثاق الوطني بدأ مشروع الإصلاح السياسي بملامح اقتصادية، ولكن هذا المشروع ظل أعرج بفعل غياب الجانب الاقتصادي عنه بصورة واضحة، إلى أن أتت مبادرة سمو ولي العهد في إصلاح سوق العمل الذي يجب أن يكون متزامنا مع المسارين الآخرين: الإصلاح الاقتصادي والإصلاح في حقلي التعليم والتدريب.

ورأى أن عملية إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني «هي عملية ضرورية للغاية لكن من الطبيعي أن يصاحبها بعض الألم في سبيل الاعتماد على دور القطاع الخاص بصورة أكثر تأثيرا من ذي قبل، ووضع البرامج والاستراتيجيات الكفيلة بحل مشكلة العمالة الوافدة»

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 842 - السبت 25 ديسمبر 2004م الموافق 13 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً